“فالأن نستطيع أن نأخذ فكرة عامة عن هذا المخلوق :* إنه مخلوق متفرد , فكل تفسير له يلحقه بغيره من الكائنات تفسير باطل من أساسه , سواء فى ذالك من يفسره بالتفسير الحيوانى او التفسير الميكانيكى , أو يفسره بالتفسير الملائكى أو النورانى , أو غيرهما من التفسيرات. * وهو مخلوق خطير الشأن فى دورة الحياة . أولى أيات خطره أن الله بنفسه سبحانه هو الذى يعلن نبأ مولده. ومن أيات هذا الخطر أن تسجد لخلقه الملائكة وأن يسخر الله له السموات والأرض جميعا. وأن يجعل الله إرادته العليا سبحانه مقضية عن طريق إرادة الإنسان وسلوكه وأفعاله "إن الله لايغير مابقوم إلا أن يغيروا ما بأنفسهم " .. "ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس"* مخلوق مزود بطاقات . من أبرزها طاقة المعرفة , وطاقة الإرادة الضابطة , وطاقة القوة الفعالة المتضمنة فى مغنى الخلافة ومقتضياها. وطاقة الصراع والقدرة على التوجه إلى الله وتلقى كلماته وتتبع هداه .. والقدرة على الإستقرار والمتاع.* وهو مخلوق مشتمل على نقطة ضعف وهى حب الشهوات ونسيان العهد ونسيان الهدى والكفر بأيات الله.* وه مخلوق ذو طبيعة مزدوجة. فيه القدرة على الإرتفاع لأقصى مدى والقدرة على الهبوط للحضيض.”
“فهذا المخلوق تحتفل به السماوات والأرض, ويتولى الله سبحانه وتعالى بنفسه إعلان مقدمه على الملأ الأعلى , والملائكة يفزعون للنبأ ويهتزون , ويراجعون ربهم ويطلبون المزيد من المعرفة عن حكمة خلق الإنسان و إستخلافه, وهم "لايعصون الله ما أمرهم ويفعلون مايؤمرون" ثم يسجد الملائكة لمعجزة , زيادة فى إبراز أهميته وتوكيدا لتفرد هذه المعجزة بين المعجزات. كل ذالك يعطى إيحاء بتفرد الإنسان”
“الإنسان عابد بفطرته .. وهو إما أن يعبد الله وحده بلا شريك ، وإما أن يعبد آلهة أخرى غير الله ، معه ، أو من دونه سواء!إنه لا يوجد من لا يَعْبُد ... وحين يدعى ذلك إنسان ، ويتوهم أنه "طليق" من كل عبادة ، فهو الذى قال الله عنه :( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه )إنه حتى فى هذة الحالة "عابد" .. ولكنه عابد لغير الله.”
“إن انتزاع حق التشريع من البشر ورده إلى الله وحده سبحانه لم يبق لواحد من البشر أو لجماعة أو لطبقة أى مجال للتحكم فى الآخرين ولا أى منفذ يعلو به فرد على فرد أو فرد على جماعة أو طبقة على طبقة.إن الحاكمية كلها لله سبحانه وليس لغيره أن يشرع إلا استمدادامن شريعته والله رب الجميع فإذن لن يكون فى تشريعه محاباة لفرد أو جماعة أو طبقة ولن يحس أحد أنه حين ينفذالقانون خاضع لمشيئة أحد إنما هو خاضع لله رب الجميع ومن ثم تتساوى الرؤوس وترتفع الهامات جميعا لأنها لا تعنو جميعا إلا لله وحده.”
“المؤمن الحق ٬ لا يكترث بأمر ليس له من دين الله سناد. وهو ٬ فى جرأته على العرف والتقاليد ٬ سوف يلاقى العنت. بيد أنه لا ينبغى أن يخشى فى الله لومة لائم ٬ وعليه أن يمضى إلى غايته ٬ لا تعنيه قسوة النقد ٬ ولا جراحات الألسنة . والباطل الذى يروج حينا ٬ ثم يثور الأقوياء عليه فيسقطون مكانته. لا يبقى علي كثرة الأشياع أمدا طويلا ٬ ورب مخاصم اليوم من أجل باطل انخدع به ٬ أمسى نصيرا لمن خاصمهم ٬ مستريحا إلى ما علم منهم ٬ مؤيدا لهم بعد شقاق . عن ابن عباس رضى الله عنهما. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “من أسخط الله في رضا الناس سخط الله عليه . وأسخط عليه من أرضاه فى سخطه ! ومن أرضى الله فى سخط الناس رضى الله عنه . وأرضى عنه من أسخطه فى رضاه !! حتى يزينه ويزين قوله وعمله فى عينيه “ . فليجمد المسلم على ما يوقن به وليستخف بما يلقاه من سخرية واستنكار عندما يشذ عن عرف الجهال ٬ويخط لنفسه نهجا ٬ يلتمس به مثوبة الله عز وجل ٬”
“ ومن ثم عشت - في ظلال القرآن - هادئ النفس ، مطمئن السريرة ، قرير الضمير . . عشت أرى يد الله في كل حادث وفي كل أمر . عشت في كنف الله وفي رعايته . عشت أستشعر إيجابية صفاته تعالى وفاعليتها . . أم من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ؟ . . وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير . . والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون . . واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه . . فعال لما يريد . . ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ، ومن يتوكل على الله فهو حسبه . إن الله بالغ أمره . . ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها . . أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه . . ومن يهن الله فما له من مكرم . . ومن يضلل الله فما له من هاد ”
“إن الاغترار بالعلم رذيلة تسقط قيمة العمل، ولو أن أحدا طالب الله أن يقربه إليه، أو أن يجزل له المثوبة، ناظرا فى ذلك إلى ما بذل من جهد ما استحق عند الله شيئا طائلا.والواجب أن يتقدم الإنسان إلى الله وهو شاعر بتقصيره، موقن بأن حق الله عليه أربى من أن يقوم بذرة منه، وأنه إذا لم يتغمده الله برحمته هلك.هبك بذلت نفسك، ومالك له...أليس هو خالق هذه النفس؟ أليس هو واهب هذا المال…؟ فإذا أدخلك الجنة ـ بعد ـ ألا يكون متفضلا؟ وانظر إلى سلسلة الأعمال التى تؤديها خلال فترة المحيا على هذه الأرض، كم يكتنفها من علل النفس وآفات التقصير؟ إنها لو كانت أعمال غيرك فعرضت عليك أنت ما قبلتها إلا على إغماض طويل وتجاوز خطير!!إن المؤمن يعمل، ولكنه لا يتطاول بعمله أبدا.”