“ينبغي للعاقل أن ينتهي إلى غاية ما يمكنه ؛ فلو يُتَصوّر للآدمي صعود السماوات لرأيت من أقبح النقائص رضاه بالأرض ”
“ويحك!! إنما يكون الجهاد بين الأمثال، و لذلك مُنٍع من قتل النساء و الصبيان، فأي قدر للدنيا حتى يحتاج قلبك إلى محاربة لها؟! أما علمت أن شهواتها جيفٌ ملقاة؟! أفيحسن ببازي الملك أن يطير عن كفه إلى ميتة؟!”
“قد يعرض عند سماع المواعظ للسامع يقظة فإذا انفصل عن مجلس الذكر عادت القسوة والغفلة! فتدبرت السبب في ذلك فعرفته. ثم رأيت الناس يتفاوتون في ذلك فالحالة العامة أن القلب لا يكون على صفة من اليقظة عند سماع الموعظة وبعدها لسببين. أحدهما: أن المواعظ كالسياط والسياط لا تؤلم بعد انقضائها، وإيلامها وقت وقوعها. والثاني: أن حالة سماع المواعظ يكون الإنسان فيها مزاح العلة قد تخلى بجسمه وفكره عن أسباب الدنيا وأنصت بحضور قلبه فإذا عاد إلى الشواغل اجتذبته بآفاتها وكيف يصح أن يكون كما كان!. وهذه حالة تعم الخلق إلا أن أرباب اليقظة يتفاوتون في بقاء الأثر. ـ فمنهم من يعزم بلا تردد ويمضي من غير التفات فلو توقف بهم ركب الطبع لضجوا كما قال حنظلة عن نفسه: نافق حنظلة!. ـ ومنهم أقوام يميل بهم الطبع إلى الغفلة أحياناً ويدعوهم ما تقدم من المواعظ إلى العمل أحياناً فهم كالسنبلة تميلها الرياح!. ـ وأقوام لا يؤثر فيهم إلا بمقدار سماعه كما دحرجته على صفوان.”
“أعظم المعاقبة أن لايحس المعاقب بالعقوبة. وأشد من ذلك أن يقع السرور بما هو العقوبة كالفرح بالمال الحرام والتمكن من الذنوب”
“الواجب على العاقل أخذ العدة لرحيله ، فإنه لا يعلم متى يفجؤه أمر ربه ، و لا يدري متى يستدعى ؟و إني رأيت خلقاً كثيراً غرهم الشباب ، و نسوا فقد الأقران ، و ألهاهم طول الأمل . و ربما قال العالم المحض لنفسه : أشتغل بالعلم اليوم ثم أعمل به غداً ، فيتساهل في الزلل بحجة الراحة ، و يؤخر الأهبة لتحقيق التوبة ، و لا يتحاشى من غيبة أو سماعها ، و من كسب شبهة يأمل أن يمحوها بالورع . و ينسى أن الموت قد يبغت . فالعاقل من أعطى كل لحظة حقها من الواجب عليه ، فإن بغته الموت رؤى مستعداً ، و إن نال الأمل ازداد خيراً .”
“قال ابن مسعود رضي الله عنه: إنكم في ممر الليل والنهار في أعمال محفوظة وآجال منقوصة والموت ياتي بغتة ومن زرع خيرا يوشك أن يحصد خيرا ومن زرع شرا يوشك أن يحصد ندامة”