“لأول مرة في تاريخ الحضارة الانسانية يقال عن قارة إن لها فلسفة ليس بالمعني الشعبي للفظ فلسفة إنما بالمعني الأكاديمي. هذه القارة هي أمريكا وفلسفتها هي البرجماتية أسسها تشارلس ساندرز بيرس. إذ هو الذي صك هذا المصطلح في عام 1905 إلا أن أسلوبه كان في غاية التعقيد فانحصرت البرجماتية في النخبة الفلسفية.”
“كان الوعي هو مركز الحياة الانسانية. وجاء فرويد وأزاح الوعي من مركزيته وأدخل عليه اللاوعي الأمر الذي أحدث مزاحمة فلم يعد ممكنا الاكتفاء بتفسير ما يحدث في النفس الانسانية علي أنه محكوم بالحالات الواعية وحدها. وقد اكتشف فرويد اللاوعي عندما استعان بالأحلام في الكشف عن الرغبات المكبوتة, وقال في مؤلفه تفسير الأحلام إن الأحلام هي الطريق الملكي إلي اللاوعي, ومعني ذلك أن الأحلام هي التي تكشف عن منطق اللاوعي.”
“الفكرة المحورية في البرجماتية تقوم في الاختيار وهو علي ثلاثة أنواع: الاختيار الأول أن يأتي قرارك بالايجاب فتستجيب لتنفيذه. والاختيار الثاني أن يأتي قرارك بالسلب فتمتنع عن تنفيذه. أما الاختيار الثالث فهو أن تتخذ قرارا وتظل مترددا في تنفيذه فيصبح موضع تساؤل, أي يصبح سؤالا بلا جواب.”
“كانت اشكالية نيتشه كامنة في العلاقة المتناقضة بين السادة والعبيد أو بين النخبة والجماهير أو بين الانسان الأعلي والغوغاء. وقد عبر نيتشه عن هذه العلاقة في العبارات الآتية: أيها الانسان الأعلي تعلم مني. في السوق لا أحد يؤمن بالانسان الأعلي, ولكن اذا أردت أن تتكلم في ذلك السوق فاذهب إليه, وهناك ستجد الغوغاء تغمز وتقول لك: أيها الانسان الأعلي ليس ثمة انسان أعلي فالانسان هو الانسان, ونحن جميعا متساوون أمام الله. أما أنت أيها الانسان الأعلي فلن تؤمن بما تقوله الغوغاء لأنك بلا اله. وهذا هوالفارق بينك وبين الغوغاء.هذه العبارات هي موجز لفلسفة نيتشه التي أحدثت تأثيرا في الفلاسفة وفي علماء اللاهوت.”
“إذا كانت معرفتنا بالله مؤسسة على العقل فإن الله, في هذه الحالة, يصبح موضع تساؤل ومن هنا شاع القول بأن فلسفة هوسرل قد هيمنت علي الفلسفة الألمانية فيما بين الحربين العالميتين, ثم تبنتها السلطة الكاثوليكية التي كانت متشككة في ديكارت لأنه تشكك في التراث فأذاعت أن هوسرل أفضل منه.”
“العلمانية هي التفكير في النسبي بما هو نسبي وليس بما هو مطلق”
“الانسان هو الذي يحرك هذه الاحداث, وإلا فانه يكون آلة مثل الآلات الأخري التي تتحرك بلا ارادة. إلا أن هذا الانسان ليس وحده في لعبة الشطرنج, فأمامه انسان آخر هو بمثابة الخصم, وهذا الخصم يعلم ايضا القواعد التي يحرك بها قطع الشطرنج. والتحريك, في الحالتين, يخضع لقانون أطلق عليه قانون التناقض. وهذا القانون يفترض أن لكل فكرة نقيضتها. وفي حالة الشطرنج فان اللاعب يحرك قطعة ويرد عليه الخصم بحركة مناقضة لها. وهكذا تجري المباراة ولا تنتهي إلا اذا قال أحدهما للآخر بنبرة حاسمة كش ملك. وهذا القول الفصل معناه أن الملك مات.”