“قال العالم النفسي فرويد عن نيتشه إنه موسي القرن العشرين, إذ هو مؤسس ديانة الأرض وليس ديانة السماء. ومع ذلك قال العالم اللاهوتي بول تليخ: إن نيتشه من أعظم المفكرين الذين أثروا في تطوير علم اللاهوت.وهذه العبارة تعني أن ثمة علاقة عضوية بين نيتشه وعلم اللاهوت.”
“ابن رشد يمكن أن يكون جسرا بين العالم الاسلامي والغرب لأنه كان مؤسس الرشدية اللاتينية في أوروبا في القرن الثالث عشر, ويمكن أن يمتد بها إلي العالم الاسلامي في القرن العشرين.”
“كانت اشكالية نيتشه كامنة في العلاقة المتناقضة بين السادة والعبيد أو بين النخبة والجماهير أو بين الانسان الأعلي والغوغاء. وقد عبر نيتشه عن هذه العلاقة في العبارات الآتية: أيها الانسان الأعلي تعلم مني. في السوق لا أحد يؤمن بالانسان الأعلي, ولكن اذا أردت أن تتكلم في ذلك السوق فاذهب إليه, وهناك ستجد الغوغاء تغمز وتقول لك: أيها الانسان الأعلي ليس ثمة انسان أعلي فالانسان هو الانسان, ونحن جميعا متساوون أمام الله. أما أنت أيها الانسان الأعلي فلن تؤمن بما تقوله الغوغاء لأنك بلا اله. وهذا هوالفارق بينك وبين الغوغاء.هذه العبارات هي موجز لفلسفة نيتشه التي أحدثت تأثيرا في الفلاسفة وفي علماء اللاهوت.”
“ما هو مسار هذا الوعي؟جواب هوسرل أن الوعي اذا أراد أن يكون علي وعي بذاته فان عليه أن يسير متجها نحو الأشياء الموجودة في العالم الخارجي. وقد أطلق علي هذه الأشياء لفظ الظواهر لأنها تظهر لنا دون أن تخفي شيئا. ومعني ذلك أن الوعي علي علاقة عضوية بـالظواهر. والباء هنا مهمة للغاية لأنها تمنع انفصال الوعي عن الظاهرة.”
“كيف حرر ديكارت الانسان من ذلك الطغيان الدينى ؟تشكك في أدوات المعرفة من حواس وعقل لأنها من الممكن أن تخدع, وتشكك في كل ما ورثه من السلف لأنه مملوء بكل ما هو غامض, ولم يبق له بعد ذلك سوي وعي لاعلاقة له بأي شئ. واستمر الحال علي هذا النحو إلي أن جاء هوسرل فانتقد ديكارت وأعلن أن الوعي هو وعي بـالظواهر والباء هنا هي همزة الوصل. ومن هنا يمكن القول إن ثورة هوسرل, في القرن العشرين, تكمن في الباء.”
“كان الوعي هو مركز الحياة الانسانية. وجاء فرويد وأزاح الوعي من مركزيته وأدخل عليه اللاوعي الأمر الذي أحدث مزاحمة فلم يعد ممكنا الاكتفاء بتفسير ما يحدث في النفس الانسانية علي أنه محكوم بالحالات الواعية وحدها. وقد اكتشف فرويد اللاوعي عندما استعان بالأحلام في الكشف عن الرغبات المكبوتة, وقال في مؤلفه تفسير الأحلام إن الأحلام هي الطريق الملكي إلي اللاوعي, ومعني ذلك أن الأحلام هي التي تكشف عن منطق اللاوعي.”
“كان لفيينا الفضل في إثارة الشكوك في أفكار الوضع القائم فانهارت ميكانيكا نيوتن لأنها كانت تستند إلي زمان مطلق, ومكان مطلق. ومع انهيارها انهار كل ما هو مطلق, فنشأت نظريات علمية وفلسفية تؤسس لـ وضع قادم فدخلت في تناقض مع وضع قائم. واذا كان الوضع القائم يستند إلي ما هو مطلق, فالوضع القادم يستلزم أن يستند إلي ما هو نسبي. وبداية القرن العشرين هي بداية لازاحة المطلق من مجال العلم.”