“قد فكرت بأمور كثيرة في تلك الشهور الخرساء التي مرت بدون خطاب ولا جواب ولكنه لم يخطر على بالي كونك " شريرة" أما الآن وقد صرّحت لي بوجود الشر في روحك فلا يجمل بي سوى تصديقك فأنا أصدق وأثق بكل كلمة تقولينها لي !”
“وعظتني نفسي فعلمتني حبّ ما يمقته الناس , ومصافاة من يضاغنونه , وأبانت لي أن الحب ليس بميزة في المحبّ بل في المحبوب . وقبل أن تعظني نفسي كان الحب بي خيطا دقيقا مشدودا بين وتدين متقاربين , أما الآن فقد تحول إلى هالة أولها آخرها وآخرها أولها تحيط بكل كائن وتتوسع ببطء لتضم كل ما سيكون”
“إن المحبة المحدودة تطلب امتلاك المحبوب ، أما المحبة غير المتناهيةة فلا تطلب غير ذاتها . المحبة التي تجيء بين يقظة الشباب وغفلته تستكفي باللقاء وقنع بالوصل وتنمو بالقبل و العناق ، أما المحبة التي تولد في أحضان اللانهاية وتهبط مع أسرار الليل فلا تقنع بغير الأبدية . ولا تستكفي بغير الخلود ولا تقف متهيبة أمام شيء سوى الألوهية ..”
“ألا يجيء يوم يا ترى تنصر فيه مواهبك السامية من البحث في مآتي الأيام إلى إظهار أسرار نفسك واختباراتها الخاصة ومخبآتها النبيلة ؟ أفليس الابتداع أبقى من البحث في المبدعين ؟ ألا ترين أن نظم قصيدة أو نثرها أفضل من رسالة في الشعر و الشعراء ؟”
“عندما كنت شجرة في الغاب كنت أزهر في الربيع، وأثمر في الصيف. ولما صرت بشراً بين البشر فلا أجد من يفرح لفرحي ويبتهج لبهجتي أو يغنّي لي، على أنني أفضّل أن أكون بشراً من أن أكون شجراً… عندما كنت شجرة في الغاب كنت أزهر في الربيع، وأثمر في الصيف. ولما صرت بشراً بين البشر فلا أجد من يفرح لفرحي ويبتهج لبهجتي أو يغنّي لي، على أنني أفضّل أن أكون بشراً من أن أكون شجراً…”
“في الأونة الأخيرة قد تحقق لي وجود رابطة معنوية دقيقة قوية غريبة تختلف بطبيعتها ومزاياها وتأثيرها عن كل رابطة أخرى , فهي أشد وأصلب وأبقى بما لا يقاس من الروابط الدموية والجنينية وحتى الأخلاقية , وليس بين خيوط هذه الرابطة خيط واحد من غزل الايام والليالي التي تمر بين المهد واللحد . وليس بين خيوطها خيط غزلته مقاصد الماضي أو رغائب الحاضر أو أماني المستقبل , فقد تكون موجودة بين أثنين لم يجمعهما الماضي ولا يجمعهما الحاضر - وقد لا يجمعهما المستقبل !”
“وعظتني نفسي فعلمتني أن لا أطرب لمديح ولا أجزع لمذمة . وقبل أن تعظني نفسي كنت أظل مرتابا في قيمة أعمال وقدرها حتى تنبعث إليها الأيام بمن يقرظها أو يهجوها . أما الآن فقد عرفت أن الأشجار تزهر في الربيع وتثمر في الصيف ولا مطمع لها بالثناء . وتنثر أوراقها في الخريف وتتعرى في الشتاء ولا تخشى الملامة”