“وهنا نرى الخط الفاصل بين إيران والسعودية, والذي يفصل الصراخ الإعلامي والصمت المحترم, فهو الخط الذي يُرسَم ليفصل بين هؤلاء الذين يدينون تحلل الغرب وهؤلاء الذين ينضمون إليه.”
“كيف أصبح الدفاع عن "الحق الدولي" مسئولية هؤلاء الذين لم يتوقفوا عن انتهاكه , مثل الولايات المتحدة في بنما أو في جرينادا -حتي لا نتكلم عن السنوات الأخيرة- أو هؤلاء الذين لم يتوقفوا عن تركه ينتهك من قبل دول أخري , مثل إسرائيل التي ضمت القدس أو التي تحتل و تضرب غزة و الضفة الغربية”
“إن الأصولية ترتكز دائما على الخلط بين حرية الإنسان المسؤولة وضرورة النظام العام للعالم الذي شاءه الله, والخلط بين الشريعة, قانون الله الأخلاقي, وبين الفقه, تشريع الأحكام, والخلط الدائم بين الكلام الإلهي والكلام البشري.”
“وقد برزت ملامح يقظة الغرب الأولى في إسبانيا الإسلامية قبل أربعة قرون من يقظته في إيطاليا. وكان في وسعها أن تكون يقظة عالمية. (ولكن) برفض الغرب للتركة (العربية الإسلامية) التي كان يمكنها توحيد الشرق والغرب، وبانفصال (الغرب) الذي حرمه لمدة قرون عن إسهام جميع الثقافات الأخرى (التي خصبهتا الثقافة الإسلامية)، راحت المغامرة القاتلة (للغرب) للهيمنة تقوده وتقود العالم الذي يسيطر عليه معه، نحو نموذج انتحاري من النمو والحضارة. إن (الغرب) الذي صار اسطورة التقدم وعقيدته قاد إلى أكثر تقهقرات التاريخ لا إنسانية.”
“ولكن لو كان لطاقة معنوية أخلاقية أن تسمح بتدمير نظام ووضع الغايات الإنسانية والإلهية لمشروع المجتمع في سياسته واقتصاده, ولكنها لا تقدم لا الوسائل ولا التقنيات المطلوبة لتحقيق هذا الهدف, فكيف إذن تمكنت هذه التوجيهات المعنوية من توليد التعصب السلفي في إيران ؟لعب في هذا الإطار عاملان تاريخيان دورا هاما: "الإمامة الشيعية" والتي أضفت على السلطة طابعا شخصيا, وحرب العراق وإيران, والتي تحالف فيها العالم أجمع ضد إيران, بما جعل هذا النظام يتطرف ويصبح راديكاليا.فمن أهم خصائص الإسلام الشيعي "الإمامة", ووجود "إمام مختف منتظر", ولقد اعتُبر الخوميني "ممثله" المرئي, والذي تحيط به مجموعة حقيقية من رجال الدين في تدرج زعامي ديني: آيات الله, حجات الإسلام, الملالي. فلقد أضفى عليهم نضالهم ضد استبداد الشاه, وغزو الغرب الأخلاقي, وعدد الشهداء من بينهم, أضفى عليهم كل هذا هالة من الهيبة العظيمة. وهكذا تكوّن نوع من أنواع حكم رجال الدين. ممهدا لظهور "الإمام المختفي".وأعلن الخوميني: "من وجهة النظر الدينية, أنا مؤهل لأفعل ما أقوم به" فهذا التفويض الإلهي, والذي دعمه موافقه أغلبية الشعب الكبرى, منحه كل السلطة وكذلك منحها للزعماء الدينيين.”
“وهكذا تطور لدى الشعوب المسلمة شعور بالقلق بأنه هناك مؤامرة عالمية وحصار عليهم وذلك بسبب الموافقة التي منحتها الولايات المتحدة لكل تعديات دولة إسرائيل, وبسبب موقف الإعلام العالمي الدائم والذي مثل روح حرب صليبية ضد الإسلام.ومن الواضح أن هذا المناح مواتٍ (في كل البلدان ذات الغالبية المسلمة) لظهور الديماجوجيات وظهور الطائفات التعصبية السلفية, والتي تعتبر نفسها المدافع الخالص والعتيد عن التقاليد الإسلامية في مواجهة الغرب وطلائع حملاته الصليبية الجديدة المتمثلة في التعصب السلفي الإسرائيلي.”
“لقد رفض الغرب منذ ثلاثة عشر قرنا التراث العربي الإسلامي الذي كان يمكنه، وما زال في وسعه، ليس فحسب أن يصالحه مع تراثات العالم الأخرى، ولكن أن يساعده على الوعي بأبعاد الإنسانية والإلهية التي بُتِر (الغرب) عنها بتطويره من جانب واحد لإرادة القوة فيه على الطبيعة والبشر.ذلك أن الإسلام لم يُكمِل ويخصًّب وينشر فحسب أقدم وأسمى الثقافات: ثقافة الصين والهند، ثقافة الفرس واليونان، والإسكندرية وبيزنظة، وإنما نفخ في أمبراطوريات مفككة وحضارات مشرفة على الموت، روح حياة جماعية جديدة وأعاد إلى البشر وإلى مجتمعاتهم أبعادها الإنسانية والإلهية بنوع خاص من التسامي والتوحيد، كما أعاد انطلاقا من ذلك الإيمان البسيط والقوى الحميدة لإحياء العلوم والفنون، الحكمة الإشراقية، والقوانين. وقد برزت ملامح يقظة الغرب الأولى في إسبانيا الإسلامية قبل أربعة قرون من يقظته في إيطاليا...”