“إن القرآن حين يعرض نظريته عن الحق وعن الفضيلة، لا يكتفي بإثارة الذوق السليم، وبالحث على التفكير والتأمل، بل إنه يتولى بنفسه التدليل على ما يقدم، وإن الطريقة التي يسوق بها الدليل لتفحم أعظم الفلاسفة، وأشد المناطقة، كما تلبي أكثر المطالب واقعية، وترضي أرقى الأذواق، وأبسط المدارك.فلا يكفي أن نقول إن القرآن لا ينكر الفلسفة الحقة، ولا يكفي أن نقول إنه يوافقها ويشجعها، ويرتضي بحثها المنصف، بل نضيف إنه يمدها بمادة غزيرة في الموضوعات وفي الاستدلالات.وهو لا يقدم لنا هذه الحقائق الأساسية مجتمعة في نظام موحد...ولكن توجد في القرآن جميع العناصر الضرورية والكافية لبناء هذا النظام الموحد: أصل الإنسان، ومصيره، وأصل العالم ومصيره، ومبادئ السبب والغاية، وأفكار عن النفس الإنسانية، وعن الله...”
“رأى الفيلسوف "كانت" مدى العقبات التي تعترض طريق الأخلاق إذا اعتمدت على الضمير الفردي كمصدر فريد .. وشعر أنه لا بد من اللجوء إلى سلطة عليا تفصل في الأمر ... واعتقد أنه وجدها في العقل في صورته الصافية المجردة برغم اعترافه بعجز العقل عن التوصل إلى تحديد الواجبات الإنسانية، وسوف نرى عدم كفاية هذه السلطة في القيام بهذه المهمة.إذن الناس في حاجة إلى قاعدة صالحة للتطبيق على فطرتهم .. فأين يجدون هذا النور الذي يهدي الضمائر .. ويخلصها من الظلام .. ومن الشكوك؟ ليس هناك سوى إجابة واحدة تفرض نفسها. إذ لا يوجد من يعرف مادة الروح وقانون سموها وكمالها سوى خالقها .. {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (الملك: 14)، فمن ذلك النور اللانهائي التمس نوري، وإلى ذلك الضمير الأخلاقي المطلق أتوجه لهداية ضميري.فبدلا من أن نقول "العقل المحض" نقول "العقل العلوي"، وبدلا من الاستناد إلى تجريد ذهني تصوري، نلجأ إلى "الحي القيوم العليم الخبير" .. إلى "العقل الإلهي" فنور الوحي وحده هو الذي يتمم نور الفطرة، لأن الشرع الإلهي الإيجابي هو الذي يكمل القانون الأخلاقي الفطري المغروس في النفوس...”
“والمتعين أن نقول: إنه لا داعي إلى مثل هذا التفصيل، وإن الأمر هو أمر لفظي، أما قبل أن يكون لفظياً.. فلا يمكن أن يوسف بشيء، وهذا الذي عيه أكثر السلف، وأن القرآن هو كلام الله جلّ وعلا، لا نفرق بين نفسي وغير نفسي، بل نقول: كلام الله كما قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى، وبالتالي لا ندخل في متاهة الفرق بين الملفوظ والمسموع، وبين القائم بالذات ( النفس ) وبين غيره”
“(( لا ينبغي للذي يصلي في خلوته أن يظن نفسه منفردًا منعزلًا في موقفه .كلا ، بل ليذكر أن عن يمينه وعن شماله ، ومن أمامه ومن خلفه ألوف الألوف من الصفوف ، في مشارق الأرض ومغاربها يشدون أزره ، ويؤيدونه في جوهر مطالبه ، إنهم معه يستقبلون قبلته ذاتها ، ويرددون مقالته عينها .إنه ليس فيهم من يقول : " إياك أعبد وإياك أستعين " ، بل كلهم يقول : " إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ"ليس فيهم من يقول " " اهدني " ، بل كلهم يقول : " اهدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ "ليس فيهم من يقول : " السلام عليّ ، بل كلهم يقول : " السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين " . ))”
“القانون لا يمكن اعتباره إسلامياً لمجرد أننا صغناه على أنه قانون شرعي، بل على العكس من ذلك يمكننا أن نضيف قوانين أخرى تبدو في ظاهرها غير شرعية، لكننا نصفها على أنها شرعية متى كانت لا تخالف أو تناقض روح ومبادئ القوانين والحدود التي ورد ذكرها صراحة في القرآن الكريم.”
“أن القرآن في الدلالة على الله (كون) ناطق .. كما أن هذا الكون (قرآن) صامت .”
“دائما ما أفكر في إن كنت أستحق فعلا كل هذا الكم من الهم والقهر .. أفكر في إن كان الله يعاقبني على شئ لا أفهمه بل على أشياء لا أفهمها ، لكنني لا أفهم ، فكيف أقر بما لا أفهمه .. ! ..أشعر أحيانا أن الله لن يعاقبني على تصرفاتي فحسب ، أشعر أحيانا أنه سيعاقبني على أفكاري وعلى مشاعري وعلى ما أحب وما لا أحب .. لكن الله أعدل من هذا ، فلما تخالجني هذه المشاعر أحيانا .. ! ..”