“حين أقول إن الثورة يجب عليها أن تقدم على الصراع الفكري الذي يستلزمه تغيير المفاهيم والقيم، فمن أعني بالثورة؟إن الذين أعنيهم هم المفكرون والعلماء والكتاب والأدباء والفنانون. أو قل بكلمة واحدة:المثقفون. المثقفون الذين قبلوا الثورة بطبيعتها الثورية.هؤلاء هم المكلفون بالثورة الفكرية.لكنهم لن يؤدوا واجبهم هذا إلا إذا تحقق لهم شرط أساسي: هو ضمان حرية التعبير. ذلك أن صراعهم الفكري مع المجتمع المحافظ سيقودهم إلى كثير من المواقف التي يعارضون فيها هذا المجتمع في طائفة من أعز معتقداته وأحبها إلى قلبه وأقواها تمكناً من صميم نفسيته. وهذا قمين أن يعرضهم لكثير من الشكوك والريب والنفور والكراهية والعداء والاتهامات. سيتهمون في دينهم وفي أخلاقهم، وسيتهمون في حبهم للوطن وإخلاصهم للقومية العربية فمن حقهم أن ينتظروا من الدولة -دولة الثورة- أن تحميهم من عواقب هذه الاتهامات الوبيلة.”
“ذلك أن التغيير الحقيقي للمجتمع لا يتم بإزالة حكامه السابقين، ولا بإلغاء القوانين التي تسند نظامهم وإصدار قوانين جديدة تسن تغيير الأوضاع، مهما تكن هذه القوانين جديدة شاملة ومهما يكن تطبيقها دقيقاً حازماً. إنما يحدث التغيير الحقيقي إذا استطاعت الثورة أن تدخل تغييراً أساسياً على وعي المجتمع نفسه، بتغيير نظرته إلى العلاقات الأساسية بين الإنسان وعالم المادة، والتي بين الإنسان وأخيه الإنسان. وتتمثل هذه النظرة فيما للمجتمع من مفاهيم وقيم. ونحن نعني بالمفاهيم الجانب الفكري، وبالقيم الجانب الروحي والأخلاقي، من معتقدات المجتمع وعاداته وممارساته.”
“هكذا يمكننا أن نحدد الظرف الوحيد الذي يجوز فيه للأفراد أن يتجاوزوا حرية الفكر إلى حرية العمل: وهو حين يجدون حقهم في التعبير عن آرائهم بالقول أو الكتابة مسلوباً، فلا يجدون أمامهم مجالاً مفتوحاً للتعبير عن استهجانهم لتلك الأوضاع سوى تحديها تحدياً فعلياً بعصيانها ومخالفتها ومحاولة هدمها بالقوة، أو قل في كلمة واحدة: بالثورة”
“يحدث التغيير الحقيقيى إذا استطاعت الثورة أن تدخل تغييراً أساسياً على وعى المجتمع نفسه، بتغيير نظرته إلى العلاقات الأساسية التى بين الإنسان و عالم المادة، و التى بين الإنسان و أخيه الإنساتن. و تتمثل هذه النظرة فيما للمجتمع من مفاهيم و قيم.”
“من هذا كله لا نجد سوى مغزى واحد نستطيع أن نخرج به وهو أننا يجب علينا أن نقاوم كل محاولة لكبت الرأي الجديد باسم الدين، ولابد أن نسمح لهذا الرأي بالنشر والإذاعة وبحق النقاش والجدل مهما بدا لنا مخالفاً لعقيدتنا الدينية. فمن يدري لعل معتقداتنا التي نظنها من الدين الصحيح هي التي تحتاج إلى تغيير، ولن يحق الحق ويزهق الباطل إلا بالدرس والنقاش والجدل.وكيف يتأتى لنا هذا إذا كنا سنكبت كل رأي جديد بحجة أنه مخالف للدين؟”
“إن أنت قرأت فى تاريخ الجهاد الفكري و تدبرت سير الدعاة إلى الإصلاح أو الثورة فإنك واجد أن كل الداعين إلى رأى جديد أو مذهب جديد يخالف ما شاع فى مجتمعهم قد اتهموا بأنهم إنما جاؤوا ليفسدوا المجتمع الفاضل و يشيعوا التحلل الخلقي. تجد هذا فى التاريخ الغربي منطبقاً على كل مفكر واعٍ من سقراط إلى برنارد شو، و تجده فى تاريخنا الحديث منطبقاً على كبار مفكرينا و دعاة الإصلاح بيننا، مثل جمال الدين الأفغانى و محمد عبده و قاسم أمين و على عبد الرازق و سلامة موسي و طه حسين ،،،”
“ويتهم أحد المحافظين دعاة الحرية بأنهم " محتالون يخادعون المرأة لتقع في شراكهم لحاجة في نفوسهم " وذلك على الرغم من أن دعاة الحرية لا يروجون للإباحية ، بل هم أيضاً من دعاة الفضيلة مثل الاتجاه المحافظ " حامي الفضيلة " ولكن الاتجاه المحافظ دائماً ما يضع نفسه في وضع حامي الفضيلة في المجتمع ويدعي أن دعاة الحرية هم دعاة الاباحية والرذيلة ومازال هذا الوضع قائماً إلى الآن .”