“(سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا )فبالنسبة إلى السفهاء الذين لا يستخدمون عقولهم أو لا يملكونها أصلًا، وهم ظاهرة تاريخية موجودة في كل العصور ولا يختصون بعصر النبي عليه الصلاة والسلام، هؤلاء يتصورون أن مجرد كونهم "كانوا عليها" سبب كافٍ للاستمرار في ذلك، لا تصور عندهم لإمكانية وجود شيء أفضل.. فكل شيء "مكرس" وكل أمر "مستقر" يحمل في نظرهم القاصر سبب استمراره واستقراره.لذلك كان تحويل القبلة -وجعلها في المقام الأول نحو المسجد الأقصى- نسفًا لنمط الاستقرار في التفكير.. الذي لا ينتج غير "الجمود على الموجود"، ويطلق هذا النسف نمطًا بديًا للتفكير يكون مستعدًا لتحمل "أقصى البدائل" ما دامت قد أثبتت أنها الأصح.. وأنها الأكمل.. وأنها الأكثر إصلاحًا..”
“كرس هذا الأمر مبدعون حقيقيون، أنتجوا إبداعا لا شك في أصالته، لكن حياتهم كانت مثالا للتفلت من كل منظومة قيمية و أخلاقية، طبعا كان هناك مبدعون لم يكن في حياتهم شيء كهذا، على الأقل ليس هناك فضيحة مدوية، لكن الصورة التي رسخت عن الإبداع و المبدعين، هي الصورة المتفلتة، كما لو أن التفلت هو صنو الإبداع، و ساعد ذلك على الترويج للتفلت عند فئة تتمنى أن تكون مبدعة، أو تدعي أنها كذل، لذلك نراهم يتفلتون من كل شيء، من المظاهر (في أبسط تفاصيل النظافة أحيانا) إلى الجوهر، الذي يجعل حياتهم عارية من كل التزام شخصي أو عائلي أو اجتماعي، و كل ذلك تحت شعار الإبداع، و لأن الإبداع عملية أعقد بكثير من ترهات سطحية كهذه، فهم لا ينتجون حقا إلا سخافات، لا يراها إبداعا إلا نقاد على شاكلتهم.. و هذا لا ينفي أبدا وجود مبدعين حقيقيين متفلتين.. لكن الصورة النمطية للمبدع المتفلت عممت هذا الأمر، و جعلتهما يتماهيان بطريقة غير مقبولة..”
“ليس مهما أن تكون مجرد جندي أو أن تكون القائد، المهم أن تشارك ان يكون لك دور فاعل في هذا المشروع .. مشروع الفتح الحقيقي ليس فتح المدن فحسب ولكن أن تفتح نفسك تجاه مايجب أن تفعله في هذ المشروع مهما كان ذلك مؤلما، مهما اضطررت أن تدوس على مشاعرك الشخصية وعواطفك، أن يكون المشروع هو القضية الأولى في حياتك ويكون كل شيء عداه مجرد تفاصيل.”
“دوماً نعتقد أن الكبائر هي بالضرورة فعل فاحش، بينما هي أحياناً (لا فعل) على الإطلاق. ربما أكبر الكبائر (أكبر حتى من الزنى!) ألا تفعل شيئاً على الإطلاق في حياتك.أن تأتي إلى هذهِ الأرض وتمضي دونَ أثراً إيجابياً واحداً يدل على أنك مررتَ من هنا. دونَ أن تجعل العالم أفضل مما كان يومَ جئتَ إليه. أو على الأقل حاولتَ ذلك. شيء كهذا، لا يمكن مسحه بمجرد أداء الصلاة. لأنه لا يندرج ضمن صغائر الذنوب.”
“أن تعبد الله مخلصاً له الدين, وهي المتلازمة الثلاثية التي تفسر معنى الإخلاص ومن ثم معنى النية, لا في الصلاة فقط, ولكن في الحياة كلها, أن تعبده مخلصاً له الدين, يعني أن رؤيتك للحياة تتطابق- أو تحاول أن تتطابق- مع سلوكك وعملك فيهما, وأن الدين لا يسكن على رفوف الكتب أو في رأسك فقط, بل مكانه الحقيقي يجب أن يكون فيما تفعله, وما تنتجه .. في أن تؤدي ما خلقت من أجله, على هذه الأرض ..”
“رب أولئك الذين فوق, ورب أولئك الذين تحت .. ورب أولئك الذين بين بين, يرنون إلى فوق بأمل, وينظرون إلى "تحت" بجزع .. رب أولئك يولدون ويوضع لهم رصيد ووديعة في البنك, ورب أولئك الذين يستدين آباؤهم ليسدوا مصاريف الولادة .. رب الذين دراستهم في المرحلة الابتدائية,تكلف أكثر مما ستفعل في الجامعة, ورب أولئك الذين لا يملكون ثمن الزي المدرسي الموحد .. رب أولئك الذين ترمى فضلات طعامهم -بالأكوام- في القمامة, ورب أولئك الذين يبحثون عن الطعام في القمامة .. رب سيدات المجتمع الثريات وقلوبهن المتخمة بالخواء والتشاوف .. ورب النسوة اللواتي يفقن من الفجر, وقبل الفجر, ليبدأن رحلة الكدح اليومي بين سماسرة العمل والمساومة في بيع المحاصيل .. رب أولئك النسوة اللواتي يستخدمن مساحيق تجميل تكفي لإطعام عشرة عوائل .. ورب النسوة اللواتي ما عرفن غير القهر قناعاً لوجههن .. رب الأصحاء المعافين, ورب الأطفال المعوقين .. رب الجثث مجهولة الهوية تركت في العراء بلا مراسيم .. ورب الجثامين التي تنصب لها السرادقات وتقام لها الاحتفالات التأبينية .. رب أولئك الذين يبحرون في اليخوت المترفة .. ورب أولئك الذين يغرقون, بينما هم في مراكب صغيرة في عمق المحيط, بحثاً عن فرصة أفضل, يسمونها هجرة غير شرعية .. رب أولئك المتسولين عند تقاطعات المرور .. ورب أولئك الذين يمدون أيديهم ليمنحوا النقود من السيارات المترفة وكل همهم ألا تمس أيديهم أيدي المتسولين .. رب أولئك الذين يعيشون حياة "خمس نجوم" .. ورب أولئك الذين حتى لم يسمعوا بذلك .. رب الأغبياء الأغنياء الذين سيتكفل مالهم بشراء الشهادة واللقب والوجاهة الاجتماعية .. ورب الأذكياء الفقراء, الذين سيضيع ذكاءهم فرصة مهدرة في مطحنة البحث المبكر عن العمل .. رب أولئك الذين يحلقون في درجة رجال الأعمال, ولا يرضون بأدنى .. ورب أولئك الذين يتدبرون بصعوبة أجرة باص مهترئ تشك أنه سيكمل الرحلة .. ورب النسوة الفضليات, اللاتي لم يخطئن يوماً لأنهن لم يخرجن يوماً من لفافة الحماية حولهن .. ورب النسوة اللواتي بعن أجسادهن من أجل دواء وحليب ورغيف خبز .. رب أولئك الذين حميتهم مكلفة أكثر من الطعام العادي .. ورب أولئك الذين ينامون على عزف أنين الجوع في بطونهم .. رب أولئك الذين يعلمون .. وأولئك الذين لا يعلمون ولا يعلمون أنهم لا يعلمون .. رب المؤمنين المتقين - لا يعلنون عن إيمانهم بين كل جملة وأخرى .. ورب أولئك المدعين, الإيمان عندهم كلمة لا أسهل منها.. ولا أسهل من تجاوزها أيضاً .. رب السجانين والمسجونين .. ورب الضحايا والجلادين ورب الزبانية والمعذبين .. رب أولئك الذين قضوا زهرة شبابهم داخل حفرة في معتقل .. ورب أولئك الذين تسببوا بذلك وهم لا يكفون عن الحديث عن العدالة والحرية .. رب أصحاب المبادئ حتى لو كانوا ملحدين .. حتى لو كانوا بلا شعارات .. ورب الذين لا مبادئ عندهم حتى لو كان عندهم مظاهرها وشعاراتها .. رب المشردين المهجرين اللاجئين .. كان عندهم بيوت مثل الجميع, ربما أكبر وربما أصغر من بيوت الجميع .. لكن تجار الدين والحروب والسياسة, من ملأ كل زمان ومكان.. شاؤوا أن يتقاسموا مصالحهم - وكان أن هجر هؤلاء .. رب الناجحين والفاشلين .. الأولين والآخرين .. رب الثائرين والنائمين .. رب أولئك الذين تكلفهم نوبة زكام بسيطة في مستشفى فندقي بقدر ما يمكن أن يقيم أود عشرة مرضى بمرض عضال .. ورب أولئك الذين يموتون من أجل لقاح تافه لا يتعدى السنتات العشر ..رب أولئك الذين لا قضية لهم ويخوضون مع الخائضين .. ورب أولئك الحالمين بعالم أفضل من هذا, عالم أقل تناقضاً وأقل بشاعة .. رب أولئك الذين يريدون أن يبقى العالم كما هو .. ورب أولئك الذين يحلمون بعالم جديد أكثر عدالة.. كل هذا, وكل هؤلاء وأكثر, هو ربهم جميعاً ..رب العالمين ..”
“ نعم ننتظر عادة أن يثير القرآن مشاعرنا ويهطل دموعنا - وإذا لم نبك فلنتباك خاصة في تراويح رمضان وقيام العشر الأواخر، وكل ذلك جيد ولا بأس به إطلاقا، لكن التفاعل مع القرآن، لا يقتصر حتما على تحريك غدد الدمع الذي نتخيله المظهر الأهم لخشوع القلب.التفاعل مع القرآن الذي أنزل أصلا لقوم يعقلون، يجب أن يؤثر في العقل: في الفكر، في منهج التفكير، في طريقة التعامل مع مفردات الحياة اليومية ومجرداتها".”