“هم يا صديقي يزرعون أشواك العوسج بين أشجارنا يرمون النيترو في مائنا والقنابل الناعمة في صناديق بريدنا يكممون أفواهنا ويقيمون الحد على قلوبنا هم ياصديقي يصادرون أصابعنا للمنافي البعيدة يعلموننا عادات الحقد المجنون ومبادئ الكراهية يقدمون لنا أصباغ الغباء مع الحليب والقهوة الصباحية يريدون أن نكون دُمى ممتلئة بالقش يحركونها كما يشاؤون .. يُحرقون كتب الثورة والحب والفكر و يجلبون لنا كُتب الحروب المعاقة والأقزام السبعة ينزعون قلوبنا النابضة ويستبدلونها بقلوبٍ بلاستيكيه”
“, كل ما أريد أن تعرفه يا ميم بأنني أحاول أن أجمع شتاتي في حقيبتك الاّخيرة و أخبئني في نسمة هواء عابرة وأغادر إليك, فمدينتنا يا ميم تشعرني بالتقيؤ مدينتنا تغتالّ كل مساحة خضراء تزرع في قلوبنا التناقضات و القسوة و الجفاف تعلمنا أن البسطاء لاحياة صالحة لهم فوحدهم من يقام عليهم الحد و ماسواهم هم ملائكة منزهين من النار, شرعتُ نوافذ غرفتي الاّن ياميم و أنا أعاتب مدينتنا بعد أن بصقتّ عليها وهي تتجاهل حديثي و تبكي و تقول:"يا سهام الخلل ليس بجوفي الخلل في من يتنفس بداخلي و لو كان الاّمر بيدي لهربت إلى سكة قطار بعيدة و انتحرت . فتناقضاتكم لا يحتملها حجر "اللعنة يا ميم كيف اخلصها من خللاً بحجم هذه الأرض أجمع .كيف؟”
“السيد موت يرسل لي بارقة دعوة لقصرهو العشاء على جثث أصدقاء أعرفهم و أصابع شعراء أقرأ لهميكحل عيني برمادهم و يغسل شعري بخمرة دمائهم ويرقص (تانقو) الموت أمامي,السيد موت أهداني في الثاني من تشرين وردة ميتةو كتب على حائط غرفتي بطلاء أظافري الأسوديا أمي يا أختي يا صديقتي وشطب ماسبقوقال : أعترف إني وقعت بثورة حبك المجنونو كتب (ياحبيبتي أغار عليكِ من عينيكِ و رئتيكِ و أصابع يديكِ)السيد موت يدخن الأفيون بِبقايا عظام جدتي الراحلة في الثاني من تموزو يرمقني بعينيه من خلف نافذتي كل مساء أصرخ بوجهه خذني إليك يتجاهلنيو يسرق مني من أحبهم على عجل و يرحل”
“ياصديقي تلزمُنا حياتانحياة نعيشها كما نُريدوحياة تعيشنا كما تُريد,يلزمنا حذاءانحذاء للعيدوحذاء نركُل به مُؤخرة العالم”
“كُلي يبحث عن رئتي المفقودة بأشجار مدينتك و شوارع حيك و خلف حائط منزلكو في حضن أمك تقودني قدماي إليها في كل مره وتضج بالبكاء كثيراً كلما رأتني ربما لأني أذكرها بك وتذكرني بك نعد كؤوس الأحزان و دوارق الضجر ونبكي كلما سافرت أحاديثنا إليك نغرز إبرة الذكرى حول مسامات جلودنا الملتئمة بالجروح ونبكي نبكي بهستيريا في حفلة غارقة بِدماء الضجر أبتسم بتعذيبي لإتمامي الثالثة و العشرون موتاً بعيدًا عنك و أمك تحضر الكثير من الملح و تمرره على جروحنا الطريه ونصرخ فقداً تمتزج أوجاعنا راحلة إليك منك إلى أن نشعر بالغثيان من فرط الضجر و نسقط نقيم بين أشيائك القديمة و نعيش على ماضيك و معجزة عودتك..”
“أنا ثوب قديم معلقّ في مجزرة جماعيةأنا نافذة تطلّ على مقبرة كبيرةأنا صنبور حزين وحيد في مغلسة الموتىأنا الخيط الأول في بياض الكفنأنا اللحظة الأخيرة مابين الحياة والموتأنا السم القابع في عمق برجي العقربأنا طلاسم مبهمة في أصابع مشعوذ أسمرأنا صراخ المجانين و نبرة الألم في حنجرة القيصرأنا إبنة ارشيكجال الهة العالم السفلي حيث يقيمون أصدقائي الأموات هناكانا حفيدة الثوار وسلالتي تعود لجنية ونبي يغتسل من مطر اللهو يوزع خليطًا من الثورة والسحر والجنون والحرية المفقودة تذاكر مجانية للعقلاء”
“كيف لي ياصديقي أن أوقف داء الذاكرة من الجريان في خلايا هذه الجمجمة الحمقاء؟ كيف لي أن أتحول لشجرة صنوبر قاسية صلبة لا تكترث لأيدي الفؤوس الفاشلة بكسرها؟ كيف لي أن أكف عن شراب دموعي وأكل عيني وأمتصاص وجعي عندما أشعر بالجوع والعطش الروحي؟”