“فالمنصور حين أنشأ مدينة بغداد استدعى من مدرسة جنديسابور تلك المدرسة التى تقع فى فارس والتى يمكن أن نعتبرها همزة الوصل ونقطة الالتقاء بين الفلسفة اليونانية والفلسفة العربية .نقول : استدعى المنصور العباسى اكثر من طبيب ومترجم وقد توالى استدعاء الاطباء والعلماء والمترجمين بعد ذلك . ويقال إن المنصور أول خليفة ترجمت له الكتب من اللغات الاجنبية إلى اللغة العربية ومنها كتب (كليلة ودمنة)وأيضا كتب أرسطو وإقليدس”
“من التناقض الواضح أن يقوم البعض منا بالهجوم على الحضارة الغربية من خلال ميكروفون , والميكروفون هو ثمرة من ثمرات الحضارة , ومن العجيب أن يظهر على شاشات التلفزيون أناس يصبون غضبهم على الحضارة الغربية ولا يدرون ان التلفزيون من ثمرات الحضارة , وكأنهم فى حالة من فقدان الوعى , فى حالة من فقدان الذاكرة .من المؤسف ان يهاجم البعض منا حضارة الغرب ثم يسرع لركوب سيارته فى حين ان سيارته من ثمرات الحضارة , وإذا كان هذا الفرد أو ذاك من الذين يهاجمون الحضارة يريدون أن يكونوا على اتساق بين أقوالهم وأفعالهم فليستخدموا الدواب مثلا فى الانتقال من مكان إلى مكان ,أما أن يهاجموا الحضارة وفى نفس الوقت يستخدمون ثمار تلك الحضارة فمعنى هذا أنهم يقولون شيئا ويفعلون شيئاً أخر يعد مناقضاً لأقوالهم تماماً .”
“إن الفكر الإسلامى حين يلتقى بالفلسفات الغربية فإن هذا يمثل نقطة قوة لا نقطة ضعف وإذا كنا نقول إن الفكر الإسلامى يعد فكراً قوياً ودقيقاً فلماذا الخوف - إذن - من إلتقائه بالفلسفة الغربية ؟!”
“يمكننا القول بأن الشائع الآن عند كثير من الكتاب يعد- للأسف الشديد - معبراًعن الدعوة للفصل بين الفكر العربى من جهة والفكر الغربى المعاصر من جهة أخرى . إن الدعوة إلى الهجوم على الفكر الغربى تعد كما قلنا دعوة انهزامية, ودعوة خاطئة, ودوعة باطلة, سوف لا نجنى منها شيئاً ولا ادرى مبرراً واحداً يدفع بالكثير من الكتاب إلى توجيه الشتائم إلى الفكر الغربى واتهامه باتهامات هوه منها براء .القضية ببساطة هى فيما ارى ليس كل ما يأتى من الغرب يعد باطلاً وليس كل ما ياتى من الغرب يعد حقاً وصواباً , فلنتجه إلى الاطلاع على أفكار الغرب بشرط ألا تكون تلك الأفكار ملزمة لنا - بمعنى : فنأخد منها ما نأخذ ولنرفض منها ما نرفض , فكثير من افكار الغرب تعد معبرة عن قيم خلاقة إيجابية , فما المانع - إذن - من ان نستفيد منها ؟ .. وإذا وجدنا فكرة او أخرى من الأفكار التى تشيع فى الغرب لا تتفق وممقتضيات عالمنا العربى فلسنا ملزمين بأن نأخذ بها ونتأثر بها.”
“إذن : يمكن القول بأن الدعوات الانفتاحية إنما تكون أقوى و أكثر استمراراً من دعوات الانغلاق وضيق الافق , ولهذا نجد استمراراً بوجه عام لدعوات المجددين ولا نجد استمراراً أو شأناً يذكر لدعوات المعبرين عن الانغلاق والدوران حول انفسنا وعدم الاطلاع على فكر الغرب وثقافات الأمم الأخرى”
“أتفهم رغبة الكثير منّا في الصراخ. هي حالة تجتاحنا حين نشعر بأن ما نختزنه من ألمٍ أو ما نسمعه من أنين لم يعد بمقدورنا أن نحتمله. أن تصرخ أو تبكي في وجه من لا تعرف أقل وطأة بكثير إن فعلت ذلك بوجة من ينظر إليك على أنك صلبٌ وقوي.”
“ما أكثر ما نشكو من أن اللغة العربية ليست لغة التعليم ، وما أكثر ما نضيق ذرعا باضطرارنا إلى اصطناع اللغات الأجنبية في التعليم العالي !! ولكن ما أقل ما نبذل من الجهد لنجعل اللغة العربية لغة التعليم ، بل نحن لا نبذل في هذا جهدا ما”