“لكى يعيش المؤمن أو المؤمنة حياة طيبة..طلب الله جل جلاله منهم..ألا يحزنوا على ما فاتهم..وألا يفرحوا بما جاءهم..لأنها كلها أقدار الله..لها حكمة..فقد يكون ما فاتهم شراً جنبهم الله إياه..وما جاء ليس خيراً لهم فلا يفرحوا به..!”
“أراد الله أن يخلص المؤمنين من الانفعال و من القلق لأنهما يسببان أمراضا قاتلة للجسد .. و لكي يعيش المؤمن و المؤمنة حياة طيبة .. طلب الله جل جلاله منهم إلا يحزنوا على مافاتهم و ألا يفرحوا بما جاءهم .. لأنها كلها أقدار الله لها حكمة .. فقد يكون ما فاتهم شرا جنبهم الله إياه .. و ما جاء ليس خيرا لهم فلا يفرحوا به”
“فساعة ما تقبل على أي عمل تقول: بسم الله، يعني: أنا لا أقبل بقدرتي، ولا بعلمي، ولا بشيء من عندي، وأنما أقبل على العمل باسم الله الذي سخره لي، وجعل أنفعاله لي من فضل تسخيره، فتصبح أنت لا تقبل على شيء بأسبابك، لا تقبل على شيء بعناصر الفعل منك، بل تقبل على الشيء بعناصر الخالق الذي سخر لك العناصر، وجعلها تستجيب وتنفعل لك، فإذا ما نجحت في الفعل فإياك أن تعزو ذلك إلى نفسك، أو مهاراتك، أو حسن تأتِّيك للأشياء، بل قل: الحمد لله.. فإذا ما أثمر العمل فقل: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله.. حينئذ يلتصق المؤمن بربه بادئاً ومنتهياً.”
“والذي يعطي ويتقي ويصدق بالحسنى يكون قد بذل أقصى ما في وسعه ليزكي نفسه ويهديها، عندئذ يستحق عون الله وتوفيقه الذي أوجبه (سبحانه وتعالى) على نفسه بإرادته ومشيئته. والذي بدونه لا يكون شيء، ومن يسره الله لليسرى فقد وصل.. وصل في سر وفي رفق وفي هوادة.. وصل وهو بعد في هذه الأرض، وعاش في يسر، يفيض اليسر من نفسه على كل ما حوله وعلى كل من حوله.. اليسر في خطوه، واليسر في طريقه، واليسر في تناوله للأمور كلها، والتوفيق الهادئ المطمئن في كلياتها وجزئياتها، وهي درجة تتضمن كل شيء في طياتها، حيث تسلك صاحبها مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في وعد ربه له: "وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ".”
“إن الإنسان المستقيم لا يعيش الخوف. لأن الخوف أمران. أما ذنب أنا سبب فيه. والسائر على الطريق المستقيم لم يفعل شيئا يخاف انكشافه. وأما أمر لا دخل لي فيه. يجريه على خالقي. وهذا لابد أن يكون لحكمة. قد أدركها. وقد لا أدركها ولكني أتقبلها. فالذي يتبع هدى الله. لا يخاف ولا يحزن. لأنه لم يذنب. ولم يخرق قانونا. ولم يغش بشرا. أو يخفي جريمة. فلا يخاف شيئا، ولو قابله حدث مفاجئ، فقلبه مطمئن.والذين يتبعون الله. لا يخافون. ولا يخاف عليهم .. وقوله تعالى: "ولا هم يحزنون" لأن الذي يعيش طائعا لمنهج الله .. ليس هناك شيء يجعله يحزن. ذلك أن إرادته في هذه الحالة تخضع لإرادة خالقه. فكل ما يحدث له من الله هو خير. حتى ولو كان يبدو على السطح غير ذلك. ملكاته منسجمة وهو في سلام مع الكون ومع نفسه. والكون لا يسمع منه إلا التسبيح والطاعة الصلاة وكلها رحمة. فهو في سلام مع نفسه. وفي سلام مع ربه. وفي سلام مع المجتمع.”
“إنك إذا ما رأيت عورةً يشكو منها المجتمع ، فاعلم أن حدًا من حدود الله قد عُطل ، وإن وجدت أُمة متخلفة ، فاعلم أنها عطلت شرع الله ، وأن وجدت أمة تعاني من أمراض اجتماعية وجسمية ، فاعلم أنها لا تطبق منهج الله”
“يقول الله تعالى:{ ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتا من أنفسهم كمثل جنّة بربوة أصابها وابل فآتت أكلها ضعفين فان لم يصبها وابل فطل، والله بما تعملون بصير} البقرة 265.ان ابتغاء مرضاة الله في الانفاق يعني خروج الرياء من دائرة الانفاق.ان الانفاق يكون أولا انفاقا في سبيل الله، ويكون ذلك باعتقاد النفس الجازم أن الله سبحانه هو الذي وهب المؤمن ماله ودمه، والجنة تطلق في اللغة: على المكان الذي يوجد به زرع كثيف أخضر يستر من يدخله، ومنها: " جنّ" أي ستر فمن يدخل الجنة يكون مستورا.الحق سبحانه بريد أن يضرب لنا المثل الذي يوضح الصنف الثاني من المنفقين في سبيل الله ابتغاء مرضاته، وتثبيتا من أنفسهم ضد الأنفس الشهوانية، فيكون الفرد منهم كمن دخل جنة كثيفة الزرع، هذه الجنة توجد في ربوة عالية محاطة بأمكنة منخفضة عنها فماذا يفعل المطر بهذه الجنة التي توجد على هذه الربوة؟الله سبحانه أخبرنا بما سيحدث لمثل هذه الجنة قبل أن يتقدم العلم الحديث، ويكشف أسرار المياه الجوفية وفائدتها للزراعة، وهو أن الجنة التي في ربوة عالية لا يوجد بها مياه جوفية، لأن المياه الجوفية ان وجدت فانها تذهب الى جذر النباتات الشعرية فتفسدها بالعطن، فلا تستطيع هذه الجذور أن تمتص الغذاء اللازم للنبات فيشحب النبات بالاصفرار ويموت بعد ذلك.أما الجنة التي بربوة عالية، فالمياه التي تنزل عليها من المطر لها مصارف من جميع الجهات المنخفضة التي حولها، وكأنها ترتوي بأحدث ما توصل اليه العلم من وسائل الري، انها تأخذ المياه من أعلى أي من مطر، فتنزل المياه على الأوراق بما يجعلها تؤدي دورها فيما نسميه نحن بالتمثيل الكلورفيلي، وبعد ذلك تنساب المياه الى الجذور لتذيب العناصر اللازمة في التربة لغذاء النبات، وتأخذ الجذور حاجتها من الغذاء المذاب في الماء، وينزل الماء الزائد من ذلك الى المصارف المنخفضة، وهذا أحدث اكتشاف لري الأرض الزراعية، فالمحصول يتضاعف انتاجه عندما يروى بقدر.اذن فالحق سبحانه وتعالى يخبرنا أن من ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا من أنفسهم هم مثل هذه الجنة التي تروى بأسلوب رباني، فاذا نزل عليها المطر الغزير أخذت منه حاجتها وينصرف باقي المطر عنها، وان لم يصبها مطرغزير فطل، والطل، وهو الرذاذ القليل يكفيها، لتؤتي ضعفين من انتاجها، واذا كان الضعف هو ما يساوي الشيء مرتين، فالضعفان يساويان الشيء أربع مرات، ولكن الحق سبحانه وتعالى يريد أن يوضح لنا ان الذي ينفق ماله ابتغاء وجه الله، هو غير الذي ينفق ماله رئاء الناس فيقول سبحانه:{ أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فأصابها اعصار فيه نار فاحترقت، كذلك يبيّن الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون} البقرة 266.الحق سبحانه وتعالى يشركنا في الصورة كأنه يريد أن يأخذ منا الشهادة الواضحة، فهل يود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار، وفيها من كل الثمرات ؟ ان الجنة بهذه الصفة فيها خير كثير، لكن صاحبها يصيبه الكبر ولم تعد فيه صحة وفتوة الشباب.. انه محاط بالخير وهو أحوج ما يكون الى ذلك الخير، لأنه أصبح في الكبر وليس له طاقة يعمل بها.وهكذا تكون نفسه معلقة بعطاء هذه الجنة لا لنفسه فقط، ولكن لذريته الضعفاء.هذه قمة التصوير للاحتياج الى الخير لا للنفس فقط ولكن للأبناء الضعفاء، اننا أمام رجل محاط بثلاثة ظروف:الظرف الأول: هوالجنة التي فيها من كل الخير.الظرف الثاني: هو الكبر والضعف والعجز عن العمل.الظرف الثالث: هو الذرية الضعفاء.هذه الجنة هاجمها اعصار فيه نار فاحترقت فأي حسرة يكون فيها هذا الرجل؟ انها حسرة شديدة، هكذا تكون حسرة من يفعل الخير رئاء الناس.والاعصار كما نعرف هو الريح الشديدة المصحوبة برعد وبرق وأحيانا يكون فيه نار وذلك حين تكون الشحنات الكهربائية ناتجة من تصادم السحب أو حاملة لقذائف نارية من بركان ثائر. هكذا يكون حال من ينفق ماله رئاء الناس، ابتداء مطمع وانتهاء يائس.اذن فكل انسان مؤمن عليه أن يتذكر ساعة أن ينفق هذا الابتداء المثير للطمع وذلك الانتهاء المليء باليأس، انها الفاجعة التي يصورها الشاعر بقوله:فأصبحت من ليلة الغداة كقابض على الماء خانته فروج الأصابعكلما أبرقت قوما عطاشا غمامة فلما رأوها اقشعت وتجلت”