“وقد أتى الأسلام بمفهوم جديد للتضامن الاجتماعي يتأسس على رابطة العقيدة والفكرة، بدلا من رابطة الدم والنسب. وجعل معيار الكفاءة السياسية هو الأمانة والقوة، بدل الوراثة والمكانة الاجتماعية. ووجه تلك الروح العسكرية للجهاد في سبيل الله، بدل التناحر الداخلي. وألهم الناس ضوابط أخلاقية تكفكف من غلواء الذات الفردية والعشائرية، وتقضي بالمساواة بين البشر. وهكذا حول الإسلام القبلية إلى أمة، والصعلكة إلى جهاد، والطبقية إلى مساواة، والوراثة إلى كفاءة.”
“والذي يتأمل الجدل الشائع الآن في الساحة الإسلامية حول هذا الموضوع يدرك إلى أي حد تتحكم هذه المساوىء المنهجية فيه: سطوة وشدة، وتحامل على المخالفين، ورد الأحاديث الصحيحة والوقائع الثابتة، وتكلف وتعسف في النقل والتحليل، وإطلاق في نفي الأدلة التي لم تصل المناظر، ومبالغتا وتهويل، ونقل للإجماع في أور فيها خلاف معتبر .. إلخ”
“إن كثيراً ممن ينتسبون إلى مدرسة شيخ الإسلام – في هذه الأيّام – ويعلنون تبنّي منهجه في هذا الشأن، لم يدرسوا ما كتبه في هذا الأمر دراسة استقرائيّة مستوعبة، ولم يدركوا خاصيّة الاتزان والاعتدال التي اتسم بها منهجه، فاشتط بعضهم في مجادلاته مع الشيعة، ودافعوا عن الحق بباطل حيناً، وقدّموا صورة شوهاء للمباديء السياسيّة الإسلاميّة أحياناُ، حرصاً منهم على الدفاعن عن أشخاص الصحب الكرام.”
“لقد راجع علي رضي الله عنه موقفه من بيعة الصديق لسببين : أولهما ما في قلبه من تقوي وبر يجعله يتذكر ويراجع الحق , وثانيهما ما لقيه من صدود من الجماعة المسلمة , وهكذا فأن سلطان الجماعة لم يكن أقل شأنا من سلطان التقوي في الخلافة الراشدة , وهو ما ضيعته المجتعات الاسلامية بعد ذلك فضاعت .”
“المقصود من البلاء الفرار من الله إلى الله”
“بالوعي التاريخي الصحيح يتوصل أبناء الأمة إلى وضع حد فاصل بين الوحي و التاريخ ، بحيث يتم التقيد بالوحي المنزل كتابا و سنة و يتم الاعتبار بالتجربة التاريخية دورن اتخاذها أصلا يبنى عليه أو معيارًا تتم المحاكمة على أصله”
“لقد استاء النبي - صلى الله عليه وسلم - من الملك - كما رأينا من قبل - فلم لا نستاء نحن منه، ونستاء ممن أدخله على الإسلام وأهله؟ وأمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - بالتمسك بسنته وسنة الخلفاء الراشدين من بعده، والعض عليها بالنواجذ، فلماذا لا نعض عليها كما أمرنا؟ ولماذا نتنازل عنها بجرة قلم تكلفا وتأولا لأشخاص ليسوا بمعصومين، وإهدارا لقدسية المبادىء الإسلامية حفاظا على مكانة أولئك الأشخاص؟”