“معجزة الحب الأخيرة...هي التي متلكت حواسه ولم تشعر بوجوده قط، وقعت أخيراً في غرامه...معجزة؟.. قالت بخجل: أجل.. يبدو ان تلك العاطفة التي لم تعتقد يوماً بوجودها، قادرة على صنع المعجزات..معجزة قال بثقة: أجل.. لقد أحبها بصدق، ولسنوات طويلة..طويلة، وآمن بأن الحب يصنع المعجزات.. فكانت أولى معجزات حبه أن وقعت- تلك التي امتلكت حواسه ولم تشعر بوجوده قط- في غرامه..أما المعجزة الثانية فقد صنعاها معاً، وخلال أشهر قليلة فقظ.. ثم-وبقناعة تامة- توقفا عن الإيمان بالمعجزات..هي التي امتلكت حواسه ولم تشعر بوجوده قط، فقدت حواسها، ولم يعد يشعر بوجودها..”
“حمض العنب..حزن حين فشل في قطف حبات العنب الكبيرة الشفافة التي تكاد تقطر عسلاً...لا لم يحزن.. على الأقل حاول أن يقنع نفسه بأنه لم يحزن.. فالجهد الذي بذله في القفز، والمناورات الفاشلة كانت كافية لاصابته بالإحباط..مسح عرق تعبه..منذ متى وهو يحكم على الأمور بمظاهرها؟ لابد أن طعماً حامضاً يقبع خلف مظهر عناقيد العنب الشهي.. من ذلك الذي يرهق نفسه للوصول إلى ثمرة حامضة عفنة؟.. ومن ذلك الذي يرغب بتناولها؟..عاد إلى منزله وتناول ماتيسر من طعام هناك: ثمرة ليمون وعنقوداً من الحصرم...”
“حلم..في الصباح يستيقظ قبل ساعتين ليوزع الجرائد.. في الوظيفة يستغل كل فرصة ليعمل ساعات اضافية.. يبيع الحلويات للأطفال في مدينة الملاهي بعد الظهر.. يحمل أمتعة المسافرين في المساء.. ويكتفي بالقليل القليل من الطعام..بعد شهرين مرهقين، استطاع أن يجمع ثمن الفستان الذي يعجبها.. طار فرحاً حين بدل القطع النقدية الصغيرة بأوراق من فئة الخمسمائة ليرة.. لكن الألم اعتصره من جديد حين تذكر أن المبلغ نفسه يساوي تقريباً ثمن الدراجة التي يحلم منذ عاميين باقتنائها...”
“المعجزة لا تكون معجزة، إلا لو وقعت على سبيل الندرة، وإلا فإن تكرارها وتواليها سوف خرجها من باب المعجزات.”
“فشل اختياري...تعب في بناء القصر الذي حلم طويلاً بالعيش فيه.. فرح لدقائق قليلة.. ثم، ودون أن تبذل جهداً، حملته أول موجة مد ورحلت..جرب حظه في الزراعة.. حرث الأرض وبذر الحبوب، وسقى المكان، فلم تمنحه الصحراء البخيلة سوى بعض الأشواك الجافة..تساءل بألم لماذا يعانده الحظ دائماً؟”
“إن أكثر الصور السلبيّة شراً، هي تلك التي حلم بها الإنسان ولم تلتقط، أو التي التقطت ولكنها لم تحمّض!"غونتر غراس”
“تزوير سنوي...اليوم الأخير من عام آخر..تجاوزت عقارب ساعتي منتصف الليل بثوان قليلة.. شعرت بشيء من الأرتياح، لكن طرقاته المتوقعة على الباب جاءت تعيد ارتباكي..مثل كل عام وقف بلحيته البيضاء ووجهه المجعد متسائلاً..تلعثمت وأنا أحاول اختراع كذبة جديدة تبرر غيابك..رسمت امضاءك في دفتر الحضور مدعية أنك سوف تأتي بالتأكيد، وإن تأخرت قليلاً.مثل كل عام، جلست وحدي أنتظر غيابك...”