“إن بناء الإنسان الفرد الصالح هو مهمة الأنبياء الأولى، ومهمة خلفاء الأنبياء من بعدهم.وإنما يُبنى الإنسان أول ما يُبنى بالإيمان، أي بغرس العقيدة الصحيحة في قلبه، التي تصحح له نظرته إلى العالم وإلى الإنسان، وإلى الحياة وإلى رب العالم، وبارىء الإنسان، وواهب الحياة، وتعرف الإنسان بمبدئه ومصيره ورسالته، وتجيبه عن الأسئلة المحرة لمن لا دين له: من أنا؟ ومن أين جئت؟ وإلى أين أصير؟ ولماذا وُجدت؟ وما الحياة وما الموت؟ وماذا قبل الحياة؟ وماذا بعد الموت؟ وما رسالتي في هذا الكوكب منذ عقلت حتى يدركني الموت؟”
“والإسلام ـ بوصفه دين الفطرة ـ لا يتصور منه أن يصادر نزوع الإنسان الفطري إلى الضحك والمرح والانبساط، بل هو على العكس يرحب بكل ما يجعل الحياة باسمة طيبة، ويحب للمسلم أن تكون شخصيته متفائلة باشّة، ويكره الشخصية المكتئبة المتطيرة التي لا تنظر إلى الحياة والناس إلا من خلال منظار قاتم أسود..!”
“وكما أن لفظ كلمة "علمانية" دخيل على معاجمنا العربية، فإن معناها ومدلولها - سواء أكانت بكسر العين أم بفتحها - ما يقابل الدين. فالعلماني ما ليس بديني، وكأن مدلول العلمانية المتفق عليه يعني: عزل الدين عن الدولة وحياة المجتمع وإبقاءه حبيسا في ضمير الفرد لا يتجاوز العلاقة الخاصة بينه وبين ربه، فإن سمح له بالتعبير عن نفسه ففي الشعائر التعبدية والمراسم المتعلقة بالزواج والوفاة ونحوها. وهذا المعنى غير معروف في تراثنا الإسلامي، فتقسيم شئون الحياة إلى ما هو ديني وما هو غير ديني تقسيم غير إسلامي، بل هو تقسيم مستورد مأخوذ من الغرب النصراني. وما نراه اليوم في مجتمعاتنا العربية والإسلامية من تقسيمات للحياة والناس والمؤسسات إلى ديني وغير ديني ليس من الإسلام في شيء.”
“ضرورة أن يختار الإنسان في لحظة من لحظات حياته أين يكون وإلى أي جهة يريد أن ينتسب ؟ وليس هناك نِسبة أعظم ولا أسمى من النسبة إلى الإيمان وإلى الرحمة والحب والمعرفة . هذه هي النسبة الحقيقية للإنسان ، وما دونها فأوهام وانتماءات ضيقة وأغلال تُكَبِّل الإنسان وتجعله دابة من الدواب ووحشًا ضاريًا يفتك بإخوانه وبمن أُمِرَ أن يعيش بينهم ويُنَاصِحَهُم في الخير ويَدفَعَ عنهم البأس والبلاء.”
“مشكلة د. فرج فودة - وهي مشكلة مَن يفكر تفكيره - أنه ينظر للإسلام باعتباره عاطفة دينية يمتليء بها الوجدان ويحلق بها الإنسان، ولا ينظر إليه باعتباره مصدرا يوجه تفكير المسلم وشعوره وسلوكه، وأنه منهج متميز للحياة، له حكمه وموقفه في تحديد أسس التعامل والعلاقات بين الإنسان ونفسه وبين الإنسان وربه وبين الإنسان وأسرته وبين الإنسان ومجتمعه وبين الناس في المجتمع الواحد بعضهم وبعض وبين المجتمعات الإنسانية في حالة السلم وفي حالة الحرب، وله في ذلك أصول وضوابط متفق عليها وتفريعات مختلَف فيها، وقد جاء في الحديث: لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئتُ به.”
“الموت لا معنى له، المعاني كلها في الحياة.”
“يحكون عن شيخ المرسلين نوح عليه السلام: أنه جاءه ملَك الموت ليتوفاه بعد أكثر من ألف سنة عاشها قبل الطوفان وبعده, فسأله: يا أطول الأنبياء عمراً, كيف وجدت الدنيا؟ فقال: كدار لها بابان, دخلت من أحدهما, وخرجت من الآخر!”