“بيتر، الكتاب المقدس والأسرار القديمة هما شيئان متناقضان تماما. الأسرار تبين وجود كائن ممجد بداخلك، الإنسان هو كائن ممجد ولكن الكتاب المقدس يظهر لنا أن الله موجود فوقنا وان الإنسان ليس سوى خاطئ عديم القوة.- أجل صحيح! لقد وضعت إصبعك على الجرح ! فمنذ اللحظة التي انفصل فيها الإنسان عن الله ضاع المعنى الحقيقي للكلمة. لقد ضاعت أصوات المعلمين القدماء، ضاعت في فوضى ادعاءات من يزعمون أنهم وحدهم يفهمون الكلمة وأن الكلمة مكتوبة بلغتهم وحسب.”
“مع شروق الشمس على واشنطن نظر لانغدون إلى السماء ورأى آخر نجوم الليل تختفي. فكر في العلم، في الإيمان، وفي الإنسان. فكر كيف أن كل ثقافة في كل مكان وفي كل زمان كان لديها دوما قاسم مشترك. لدينا جميعا خالق. استخدمنا أسماء مختلفة وصلوات مختلفة ولكن الله هو الثابت الكوني بالنسبة إلى الإنسان . الله هو الرمز الذي تشاركناه كلنا، رمز جميع أسرار الحياة التي لم نفهمها. لقد مجد القدماء الله كرمز للقوة اللامحدودة ولكن البشر أضاعوا ذلك الرمز مع الزمن حتى اليوم.”
“منذ الحروب الصليبية إلى دواوين التفتيش إلى السياسة الأمريكية تم استغلال اسم المسيح في جميع أشكال الصراع على السلطة. ومنذ القدم كان صوت الجهل هو الأعلى، يقود الشعوب ويجبرها على الانصياع. فدافع الجهلة عن رغباتهم الدنيوية محتجين بجمل لا يفهمونها من الكتاب المقدس. وتمسكوا بتعصبهم كدليل على قناعاتهم. والآن بعد كل تلك السنوات تمكن البشر أخيرا من محو كل ما هو جميل في المسيح.”
“شاهد الخبراء المستنيرون وأفراد اخوياتهم الباطنية ظهور الشر ورأوا أن الإنسان لا يستعمل معرفته الجديدة لصالح أبناء جلده. فخبأوا حكمتهم لإبعادها عن أيدي غير الجديرين بها وهكذا ضاعت عبر التاريخ. وهكذا أتى السقوط الأعظم للإنسان وحل ظلام دائم.فحتى يومنا هذا لا تزال السلالة النبيلة لأولئك الخبراء تبحث عن النور محاولة استعادة قوة ماضيها الضائعة وابعاد الظلام. انهم رهبان وراهبات الكنائس والمعابد والمزارات في مختلف ديانات الأرض. لقد محا الزمن الذكريات وأبعدهم عن ماضيهم ما عادوا يعرفون المصدر الذي نبعت منه حكمتهم القوية. وحين سئلوا عن اسرار اجدادهم تبرأوا منها بشدة واعتبروها هرطقة.”
“ابتسمت كاثرين له قائلة: لقد أثبتنا علميا أن قوة الفكر البشري تنمو دليليا مع عدد العقول التي تتشارك تلك الفكرة.- ظل لانغدون صامتا يتساءل إلى أين ستصل بتلك الفكرة.- ما أعنيه هو التالي..رأسان هما أفضل من رأس واحد، والرأسان ليسا أفضل بمرتين بل بمرات عديدة جدا. حين تعمل عقول متعددة معا فإنها تقوي أثر الفكرة دليليا. وهذه هي القوة المتأصلة في مجموعات الدعاء، ودوائر الشفاء، والغناء الجماعي، والعبادة الجماعية. فكرة الوعي الكوني ليست مفهوما اثيريا من مفاهيم العهد الجديد انها حقيقة علمية صلبة واستخدامها قادر على تغيير عالمنا. هذا هو الاكتشاف الأساسي للعلوم العقلية والأهم أنه يحدث الآن. يمكنك الشعور به من حلوك فالتكنولوجيا تربطنا بعضنا ببعض بطرائق لم يسبق لنا تخيلها: تويتر، جوجل، ويكبيديا وغيرها جميعها تتضافر لبناء شبكة من العقول المترابطة.”
“أشار سولومون إلى صبي صغير أحمر الشعر الجالس في الوسطقال الصبي وقد بدا عليه الارتباك: سيد سولومون؟ قلت أن أسلافنا هربوا من القمع الديني في أوروبا لتأسيس بلاد على مبادئ التقدم العلمي- هذا صحيحولكن كنت أظن أن آبائنا رجال متدينون أسسوا أميركا كأمة مسيحيةابتسم سولومون وأجاب- يا أصدقائي لا تخطئوا فهمي. كان أسلافنا رجالا متدينين جدا ولكنهم كانوا ربوبيين أي أنهم يؤمنون بالله ولكن على نحو كوني ومنفتح. والمثال الديني الوحيد الذي وضعوه نصب اعينهم كان الحرية الدينية.نزع الميكرفون عن المنبر ومشى به إلى طرف المسرح- كان لدى أسلاف أميركا رؤية عن مدينة فاضلة مستنيرة روحيا تحل فيها حرية التفكير وتعليم العامة والتقدم العلمي محل ظلام المعتقدات الدينية القديمة غير الصحيحة.”
“الحقيقة قوية. وإن كنا ننجذب كلنا نحو أفكار متشابهة قد يرجع ذلك إلى كون تلك الأفكار صحيحة، مكتوبة في أعماقنا. وحين نسمع الحقيقة وإن لم نفهمها نشعر أنها تتردد في داخلنا تتذبذب مع حكمتنا اللاواعية. ربما كنا لا نتعلم الحقيقة بل نستعيدها، نتذكرها، ندركها من جديد لأنها موجودة أساسا فينا.”