مالك بن نبي (1905-1973م) الموافق ل(1323 هـ-1393 هـ) من أعلام الفكر الإسلامي العربي في القرن العشرين
يُعدّ المفكر الجزائرى مالك بن نبي أحد رُوّاد النهضة الفكرية الإسلامية في القرن العشرين
ويُمكن اعتباره امتدَادًا لابن خلدون، ويعد من أكثر المفكرين المعاصرين الذين نبّهوا إلى ضرورة العناية بمشكلات الحضارة
كانت جهود مالك بن نبي في بناء الفكر الإسلامي الحديث وفي دراسة المشكلات الحضارية عموما متميزة، سواء من حيث المواضيع التي تناولها أو من حيث المناهج التي اعتمدها في ذلك.
وكان ابن نبي أول باحث يُحاول أن يُحدّد أبعاد المشكلة، ويحدد العناصر الأساسية في الإصلاح، ويبعد في البحث عن العوارض، وكان كذلك أول من أودع منهجًا مُحدّدا في بحث مشكلة المسلمين على أساس من علم النفس والاجتماع وسنة التاريخ"
“فنعلم الطفل والمرأة والرجل تخصيص نصف ساعة يوميا لأداء واجب معين، فإذا خصص كل فرد هذا الجزء من يومه في تنفيذ مهمة ما منتظمة وفعالة فسوف يكون لديه في نهاية العام حصيلو هائلة من ساعات العمل لمصلحة الحياة الإسلامية في جميع اشكالها العقلية والخلقية والفنية والاقتصادية والمنزلية.”
“إن من الطبيعي أننا نتصور الخلل في عالم الأشخاص بكل سهولة أما الخلل في عالم الأفكار فمن الصعب كشفه”
“إن العلوم الأخلاقية والاجتماعية والنفسية تعد اليوم أكثر ضرورة من العلوم المادية فهذه تعتبر خطراً في مجتمع مازال الناس يجهلون فيه حقيقة أنفسهم أو يتجاهلونها ومعرفة إنسان الحضارة وإعداده أشق كثيراً من صنع محرك أو تقنية متطورة،ومما يؤسف له ان حملة الشهادات العليا في هذه الاختصاصات هم الأكثر عدداً في البلدان المتخلفة لكنهم لم يكونوا إلا حملة أوراق يذكر فيها اختصاصهم النظري ،فصاروا عبئاً ثقيلاً على مسيرة التنمية والإصلاح”
“حيثما بطل عمل اليد سقط عمل الفكر حتما، والعبقرية التي لا تستطيع استخراج عناصرها من ثنايا الدنيا لا يمكنها ان تزدهر في القمة”
“فالتعبد ليس في المساجد فحسب ، ولا في الخلوات ، وهو في كل نبضات حياتنا تعبير عن الإخلاص لله أولاً ، إخلاصاً يحقق إرادته في الكون البشري ثانياً .”
“فكان من واجب المسلمين أن ينتبهوا إلى أن الاستعمار هو مجرد بذرة صغيرة حقيرة ، ما كان لها أن تنبت وتؤتي أكلها لو لم تهيأ لها التربة الخصبة في عقولنا ونفوسنا .”
“فالاقتصاد ليس سوى إسقاط البعد السياسي على نشاط إنسان معين ، فبقدر ما تبقى السياسة مرتبطة بمبادئ أخلاقية يبقى الاقتصاد وفياً لهذه المبادئ .”
“الحضارة لا يمكن استيرادها من بلد إلى آخر رغم استيراد كل منتجاتها ومصنوعاتها. لأن الحضارة إبداع , وليست تقليدا أو استسلاما وتبعية كما يظن الذين يكتفون باستيراد الأشياء التي أنتجتها حضارات أخرى. فبعض القيم لا تباع ولا تشترى , ولا تكون في حوزة من يتمتع بها كثمرة جهد متواصل أو هبه تهبها السماء , كما يهب الخلد للأرواح الطاهرة , ويضع الخير في قلوب الأبرار.”
“ففي منطق هذا العصر لا يكون إثبات صحة الأفكار بالمستوى الفلسفي أو الأخلاقي , بل بالمستوى العملي : فالأفكار صحيحةٌ إذا هي ضمنت النجاح .”
“إذا نظرنا إلى الأشياء من الوجهة الكونية , فإننا نرى الحضارة تسير كما تسير الشمس , فكأنها تدور حول الأرض مشرقة في أفق هذا الشعب , ثم متحولة إلى أفق شعب آخر .”
“واليوم فإن ذلك الرجل المقل يحاول وضع القضية الجزائرية في طريق نصف الحل, أمام المجلس المنصف بين المستعمرين وأهل البلاد ذلك المجلس الذى فرضه الإستعمار كميدان لإنصاف المثقفين !”
“إن كل مجتمع فقد حضارته يفقد بذلك كل أصالة في التفكير، أو في السلوك أمام الآخرين.”
“حينما يبتدأ السير إلى الحضارة، لا يكون الزاد بطبيعة الحال من العلماء و العلوم، ولا من الإنتاج الصناعي أو الفنون، تلك الأمارات التي تشير إلى درجة ما من الرقي، بل إن الزاد هو (المبدأ) الذي يكون أساسا لهذه المنتجات جميعا.”
“إن الذي ينقص المسلم ليس منطق الفكرة ,ولكن منطق العمل والحركة فهو لايفكر ليعمل بل ليقول كلاما مجردا”
“ولقد يقال إن المجتمع الإسلامي يعيش طبقا لمبادئ القران,ومع ذلك فمن الأصوب أن نقول :إنه يتكلم تبعا لمبادئ القران لعدم وجود المنطق العملي في سلوكه الإسلامي ”
“وألف بين قلوبهم ومن العجب أن نجد اتفاقا له مغزاه ودلالته بين ماتوحي به هذه الاية وبين كلمة الدين (Religion)في أصلها اللاتيني فهي تعني هناك الربط والجمع”
“إن الحضارة هي التي تصنع منتجاتها، وعليه فلو عكسنا القضية بأن نحاول أن نصنع حضارة من منتجاتها فإننا نستخدم سياسة وضع المحراث أمام الثور.”
“وكثيراً ما لاحظت في حياتي أن المسلم المثقف مهما يكن نوع ثقافته ، يخلق من نفسه المعوقات التي تحول دون العمل إن لم يجدها في طريقه أصلاً”
“وإنها لشرعة السماء : غير نفسك , تغير التاريخ !”
“الاستعمار ليس من عبث السياسيين , ولا من أفعالهم , بل هو من النفس ذاتها , التي تقبل ذل الاستعمار , والتي تمكن له في أرضها .”
“إن الجمال هو وجه الوطن في العالم فلنحفظ جمالنا كي نحفظ كرامتنا”
“يقال أن المجتمع الإسلامي يعيش طبقاً لمبادئ القرآن ولكن الأصح أن نقول أنه يتكلم طبقاً لمبادئ القرآن لعدم وجود المنطق العملي في سلوكه”
“فالحكومة مهما كانت ماهى إلا آلة اجتماعية تتغير تبعاً للوسط الذى تعيش فية وتتنوع معه , فإذا كان الوسط نظيفاً حراً , فما تستطيع الحكومة أن تواجهه بما ليس فيه , وإذا الوسط كان متسماً بالقابلية إلى الاستعمار فلا بد من أن تكون حكومته استعمارية ..”
“ليس يكفي أبداً أن ننتج الأفكار لابد من توجيهها لدورها الاجتماعي المتحد”
“وما أجلَّ هذه الساعة ! . حينما تؤذن بفجر جديد من المدينة , وما أهولها من ساعة حينما تعلن غروب أخرى ! ـ”
“ إن الحرية عبء ثقيل على الشعوب التي لم تحضرها نخبتها لتحمل مسؤوليات استقلالها ”
“الظاهرة الثورية لم تخضع بعد لعلم معياري يضع اطرادها تحت رقابة دقيقة.”
“نحن لا نستطيع أن نصنع التاريخ بتقليد خُطا الآخرين في سائر الدروب التي طرقوها, بل بأن نفتح دروباً جديدة.”
“عندما يكون الفكر الإسلامي في أفوله كما هو شأنه اليوم, فإن المغالاة تدفعه إلى التصوّف, والمُبهم, والغامض, وعدم الدقة, والتقليد الأعمى, والافتتان بأشياء الغرب.”
“فكرنا خاضع لطغيان الشيء والشخص, وهذا السبب سيختفي عندما تستعيد الأفكار سلطانها في عالمنا الثقافي. حينئذ فإن محاكمتنا للأمور بصفة عامة؛ وفي الإطار السياسي بصفة خاصة تأخذ أو تسترد طابعها المنهجي والمعمم؛ والذي يستطيع أن يصهر بدفعة واحدة عديداً من التفاصيل في كل موّحد, وأن يصبها في تركيب متآلف”
“إن أي فساد في علاقات الأفكار فيما بينها أو علاقاتها مع عالم الأشخاص أو علاقتها مع عالم الأشياء لابد أن يولد اضطراباً في الحياة الإجتماعية, وشذوذا في سلوك الأفراد, خصوصا عندما تصل القطيعة مع النماذج إلى مداها الأقصى, وتصبح قوالب أفكارنا ممسوحة في ذاتنا, وتصبح أفكارنا الموضوعة والمصبوبة في تلك القوالب لا شكل لها, ولا أهمية.”
“إن مجتمع ما بعد التحضر ليس مجتمعاً يقف مكانه, بل هو يتقهقر إلى الوراء بعد أن هجر درب حضارته وقطع صلته بها.”
“إن إعطاء حقوق المرأة على حساب المجتمع معناه تدهور المجتمع , وبالتالي تدهورها , أليست هي عضواً فيه ؟! فالقضية ليست قضية فرد إنما قضية مجتمع .”
“نرى في حياتنا اليومية جانباً كبيراً من " اللافاعلية " في أعمالنا إذ يذهب جزء كبير منها في العبث والمحاولات الهازلة . وإذا ماأردنا حصراً لهذه القضية فإننا نرى سببها الأصيل في افتقادنا الضابط الذي يربط بين عمل وهدفه , بين سياسة ووسائلها , بين ثقافة ومثلها , بين فكرة وتحقيقها ؛ فسياستنا تجهل وسائلها , وثقافتنا لاتعرف مثلها العليا , وإن ذلك كله ليتكرر في كل عمل نعمله وفي كل خطوة نخطوها .”
“دورة الحضارة تبدأ حينما تدخل التاريخ فكرة دينية مُعينة أو عندما يدخل التاريخ مبدأ أخلاقي معين ؛ كما أنها تنتهي حينما تفقد الروح نهائياً الهيمنة التي كانت لها على الغرائز المكبوتة أو المكبوحة الجماح .”
“من المعلوم أنه حين يبتدئ السير إلى الحضارة , لايكون الزاد بطبيعة الحال من العلماء والعلوم , ولا من الإنتاج الصناعي أوالفنون , تلك الأمارات التي تُشير إلى درجة ما من الرُقيّ , بل إن الزاد هو " المبــدأ " الذي يكون أساساً لهذه المنتجات جميعاً .”
“إشعاع الروح الديمقراطي الذي بثه الإسلام ، ينتهي في العالم الإسلامي عندما يفقد أساسه في نفسية الفرد ، أي عندما يفقدالفرد شعوره بقيمته وبقيمة الآخرين .”
“ليست الديمقراطية إذن في أساسها عملية تسليم سلطات تقع بين طرفين معينين ، بين ملكِ وشعب مثلاً ، بل هي تكوين شعور وانفعالات ، ومقاييس ذاتية واجتماعية تشكل مجموعها الأسس التي تقوم عليها الديمقراطية في ضمير الشعب قبل أن ينص عليها أي دستور .”
“الكتاب هو الخطاب الموجه إلى الأصدقاء المجهولين على وجه الأرض”
“إنه لكي يمكن التأثير في أسلوب الحياة في مجتمع ما، وفي سلوك نموذجه الذي يتكون منه، وبعبارة أخرى: لكي يمكن بناء نظام تربوي اجتماعي ينبغي أن تكون لدينا أفكار جد واضحة، عن العلاقات والانعكاسات التي تنظم استخدام الطاقة الحيوية، في مستوى الفرد، وفي مستوى المجتمع.”
“بقدر ما تكون هنالك فكرة واضحة تمام الوضوح عن دور هذا العنصر في (ميلاد مجتمع) معين، يمكن أن تكون هنالك فكرة دقيقة تمام الدقة عن دورها الذي يمكن أن تؤديه في (نهضة) هذا المجتمع.”
“العلاقات الاجتماعية تكون فاسدة عندما تصاب الذوات بالتضخم فيصبح العمل الجماعي المشترك صعبًا أو مستحيلاً، إذ يدور النقاش حينئذ لا لإيجاد حلول للمشكلات، بل للعثور على أدلة وبراهين.”
“تكسب الجماعة الإنسانية صفة (المجتمع)عندما تشرع في الحركة، أي عندما تبدأ في تغيير نفسها من أجل الوصول إلى غايتها. وهذا يتفق من الوجهة التاريخية مع لحظة انبثاق حضارة معينة.”
“كل جماعة لا تتطور، ولا يعتريها تغيير في حدود الزمن، تخرج بذلك من التحديد الجدلي لكلمة (مجتمع)ـ”
“إن من الصعب أن يسمع شعب ثرثار الصوت الصامت لخطى الوقت الهارب !”
“الزمن نهر قديم يعبر العالم منذ الاأزل..!فهو يمر خلال المدن يغذي نشاطها بطاقته الأبدية, أو يذلل نومها بأنشودة الساعات التي تذهب هباء; وهو يتدفق على السواء في أرض كل شعب ومجال كل فرد, بفيض من الساعات اليومية التي لا تغيض, ولكنه في مجال ما يصير (ثروة), وفي مجال آخر يتحول عدما. فهو يمرق خلال الحياة, ويصب في التاريخ تلك القيم التي منحها له ما أنجز فيه من أعمال.”
“لا يقاس غنى المجتمع بكمية ما يملك من (أشياء)، بل بمقدار مافيه من أفكار.ولقد يحدث أن تلم بالمجتمع ظروف أليمة، كأن يحدث فيضان أو تقع حرب، فتمحة منه (عالم الأشياء) محواً كاملاً، فإذا حدث في الوقت ذاته أن فقد المجتمع السيطرة على (عالم الأفكار) كان الخراب ماحقاً. أما إذا استطاع أن ينقذ (أفكاره) فإنه يكون قد أنقذ كل شي، إذ أنه يستطيع أن يعيد بناء (عالم الأشياء) ..لقد مرت ألمانيا بتلك الظروف ذاتها،كما تعرضت روسيا لبعضها،إبان الحرب العالمية الأخيرة. ولقد رأت الدولتان الحرب تدمر (عالم الأشياء) فيها. حتى أتت على كل شيء تقريباً. ولكن سرعان ما أعادتا بناء كل شيء بفضل رصيدهما من الأفكار”
“إن قوة التماسك الضرورية للمجتمع الإسلامي موجودة بكل وضوح في الإسلام, ولكن أي إسلام؟ الإسلام المتحرك في عقولنا وسلوكنا والمنبعث في صورة إسلام اجتماعيوقوة التماسك هذه جديرة بأن تؤلف لنا حضارتنا المنشودة, وفي يدها-ضمانا لذلك- تجربة عمرها ألف عام, وحضارة ولدت على أرض قاحلة, وسط البدو ورجال الفطرة والصحراء.”
“لكيلا نكون مُستعمرين يجب أن نتخلص من القابلية للاستعمار”
“إن القيمة الأولى في نجاح أي مشروع اقتصادي هي الإنسان ، ليس الاقتصاد انشاء بنك وتشييد مصنع ، بل هو قبل ذلك تشييد انسان وتعبئة الطاقات الاجتماعية في مشروع تحركه ارداة حضارية”