محمد عفيفي هو كاتب مصري ساخر، ولد في قرية الزوامل بمحافظة الشرقية بمصر، وحصل على ليسانس الحقوق عام 1943، ودبلوم الصحافة عام 1945، وتزوج في نفس يوم عيد ميلاده عام 1950 من السيدة اعتدال الصافى وأنجب ثلاثة أبناء هم: الدكتور (عادل) طبيب، والمهندس (نبيل)، والأستاذ (علاء) المحامى .. ولقد توفى في يوم 5 ديسمبر 1981 م بعد صراع ساخر مع المرض الخطير !
يكفى أن تقرأ خبر نعيه الذي كتبه بنفسه وأوصى بألا ينشر في صفحة الوفيات بالطريقة العادية التي ينشر بها النعى .. وإنما كخبر خفيف ظريف أشبه بـ(نص كلمة) الشهير، التي يكتبها الكاتب الكبير ـ والساخر أيضا ـ أستاذ (أحمد رجب)، وكتب يقول:
" عزيزى القارئ: يؤسفنى أن أخطرك بشئ قد يحزنك بعض الشيء وذلك بأننى قد توفيت، وأنا طبعا لا أكتب هذه الكلمة بعد الوفاة (دى صعبة شوية) وإنما اكتبها قبل ذلك، وأوصيت بأن تنشر بعد وفاتى، وذلك لإعتقادى بأن الموت شئ خاص لا يستدعى ازعاج الآخرين بإرسال التلغرافات والتزاحم حول مسجد عمر مكرم حيث تقام عادة ليالى العزاء.
وإذا أحزنتك هذه الكلمات، فلا مانع من أن تحزن بعض الشئ، ولكن أرجو ألا تحزن كثيراً "
* * *
كان (محمد عفيفي) موسوعة ثقافية متنقلة ، عاشق للرحلات والتأمل كذلك .. وأكثر ما يميزه أنه ذو فلسفة شديدة للأشياء .. ليس الضحك فقط هو كل إفادتك ومحصلتك منه .. لكنك تخرج بحصيلة من المعلومات العامة، والنوادر، وبعض حقول الثقافة .. الجغرافية منها والتاريخية.
ولا نغفل كونه عضواً في شلة (الحرافيش) التي كونها عميد الرواية العربية ( جيب محفوظ) الذي كان صديقاً مقرباً له، وما لا يعلمه الكثيرون أن (نجيب محفوظ) هو من اختار اسم كتاب (محمد عفيفي) الأخير .. فقد تركه (عفيفي) بلا عنوان لأن القدر لم يمهله، ووافاه الأجل قبل أن يتمه كاملاً.
(تائه في لندن) هو أوفر أعماله حظاً من الشهرة، ويجزم كل من قرأ لـ(عفيفي) أن له لمسة خاصة لا تتوافر لأي كاتب آخر مهما ذاعت شهرته .. وما يُحسب له كذلك، أن تخرّج من مدرسته الأديب والمبدع (د. أحمد خالد توفيق) الذائع الصيت.
“كثيراً ما يكون جنون النظافة في الخارج دليلاً أكيد علي شدةالقذارة من الداخل.”
“سر متاعبنا لا يكمن في أن الأشياء غير موجودة بقدر ما يكمن في أنها موجودة في مكان آخر.”
“قبل أن تنجب طفلاً وجه إلي نفسك هذا السؤال: هل المجتمع محتاج حقاً إلي معذب جديد؟”
“طول الوقت أمام المرآة يا مسكينة ! لماذا كل هذا التلذذ المرضي بتعذيب نفسك ؟”
“كورس من العيال رأيتهم عائدين من المدرسة ينشدون : زي ما رحنا زي ما جينا لا اتعلمنا ولا اتربينا”
“منظر التلاحم الجسدي في الأتوبيس المصري يوحي إلي بان أقول لهيئة النقل العام : ما رأيكم في تخصيص أتوبيس للكبار فقط !”
“ليس كل ما يخطر للمرء يقوله ، لا سيما إذا كان صحيحا”
“أما الأشجار فلا بأس من السقوط أمامها لأنها لا تضحك ، أو على الأقل تعرف كيف تداري ضحكها !!”
“غضبة الشتاء المصري على أبناء وادي النيل ، مثل غضبة أب عصبي على أولاده، صياح و خبط و شخط و نطر ،و صفعة هنا و بونية هناك ،ثم لا يلبث الجو أن يروق و يصفو ، و على الأرض الخضراء تسطع دافئة كعهدها شمس السلام”
“نعم إن العقلاء لا يوقدون المدافيء صباحا، لكن من هو ذلك اللوح الذي يريد أن يحشرني بالعافية في زمرة العقلاء ؟”
“إذا جاء الشتاء ، فليس الربيع ببعيد ..!! كلمة فارغة قالها الشاعر الإنجليزي البردان ليصبر نفسه على بلواه”
“لا أنصح اليوم بقطع يد السارق ،أخاف تلك الأزمة الرهيبة في الأيدي العاملة .”
“منظر فانوس النور المضيء بالنهار يثير في ذهني كثيراً من التوقعات المظلمة”
“قد لا يحول الجوع دون النهوض لكنه قطعاً وجزماً يحول دون النهضة .”
“نعم تستطيع السيارة الخربة أن تظل سائرة إذا انت وضعتها في أعلى طريق منحدر !”
“أٌقل ما يوصف به المطر الـ لندني أنه مهين للكرامة البشرية ، ذلك المطر الوغد كأن السماء تبول على الأرض أو كأنها تريد إعلان رأيها في الجنس البشري ببصقة كبيرة مركزة”