مصطفى صادق الرافعي 1298 هـ - 1356 هـ ولد في بيت جده لأمه في قرية "بهتيم" بمحافظة القليوبية عاش حياته في طنطا وبذلك يكون الرافعي قد عاش سبعة وخمسين عاماً كانت كلها ألواناً متعددة من الكفاح المتواصل في الحياة والأدب والوطنية.
اسمه كما هو معروف لنا مصطفى صادق الرافعي وأصله من مدينة طرابلس في لبنان ومازالت اسرة الرافعي موجودة في طرابلس حتى الآن أما الفرع الذي جاء إلى مصر من أسرة الرافعي فأن الذي اسسه هو الشيخ محمد الطاهر الرافعي الذي وفد إلى مصر سنة 1827م ليكون قاضياً للمذهب الحنفي أي مذهب أبي حنيفة النعمان وقد جاء الشيخ بأمر من السلطان العثماني ليتولى قضاء المذهب الحنفي وكانت مصر حتى ذلك الحين ولاية عثمانية. ويقال أن نسب أسرة الرافعي يمتد إلى عمر بن عبد الله بن عمر بن الخطاب وقد جاء بعد الشيخ محمد طاهر الرافعي عدد كبير من اخوته وأبناء عمه وبلغ عدد أفراد أسرة الرافعى في مصر حين وفاة مصطفى صادق الرافعي سنة 1937 ما يزيد على ستمائة. وكان العمل الرئيسي لرجال أسرة الرافعى هو القضاء الشرعي حتى وصل الأمر إلى الحد الذي اجتمع فيه من آل الرافعي أربعون قاضياً في مختلف المحاكم الشرعية المصرية في وقت واحد وأوشكت وظائف القضاء والفتوى أن تكون مقصورة على آل الرافعي.
وكان والد الرافعي هو الشيخ عبد الرازق الرافعي الذي تولى منصب القضاء الشرعي في كثير من اقاليم مصر وكان آخر عمل له هو رئاسة محكمة طنطا الشرعية. أما والدة الرافعى فكانت سورية الأصل كأبيه وكان أبوها الشيخ الطوخي تاجراً تسير قوافله بالتجارة بين مصر والشام وأصله من حلب وكانت اقامته في بهتيم من قرى محافظة القليوبية.
دخل الرافعي المدرسة الابتدائية ونال شهادتها ثم أصيب بمرض يقال انه التيفود أقعده عدة شهور في سريره وخرج من هذا المرض مصاباً في أذنيه وظل المرض يزيد عليه عاماً بعد عام حتى وصل إلى الثلاثين من عمره وقد فقد سمعه بصورة نهائية. لم يحصل الرافعي في تعليمه النظامى على أكثر من الشهادة الابتدائية. توفي في يوم الاثنين العاشر من مايو لعام 1937 استيقظ فيلسوف القرآن لصلاة الفجر، ثم جلس يتلو القرآن، فشعر بحرقة في معدته، تناول لها دواء، ثم عاد إلى مصلاه، ومضت ساعة، ثم نهض وسار، فلما كان بالبهو سقط على الأرض، ولما هب له أهل الدار، وجدوه قد فاضت روحه الطيبة إلى بارئها، وحمل جثمانه ودفن بعد صلاة الظهر إلى جوار أبويه في مقبرة العائلة في طنطا.
“كلما قرأت لك شيئاً نفذ إلى روحي بالعطر الذي عطرك الله به !”
“إنما أمر الله إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون ، ومن شقاء الإنسان أن طول حياته يزور كلمة الألوهية "كن"ويريد أن يقبض من الأشياء قيمتها ! وأشد ما يؤلمه أن يهزأ منه ما يقول له "كن" فلا يكون منه شيء ،فالحكيم لا يتألم إلا ألم الحكمة ، والجاهل يتألم بآلام الخيبة والعقاب !”
“قال القمرياليل : هيجت أشواقا أداريها ... فسل بها البدر : إن البدر يدريهارأى حقيقة هذا الحس غامضة ... فجاء يظهرها للناس تشبيهافي صورة من جمال البدر ننظرها ... وننظر البدر يبدو صورة فيها***يأتي بملء سماء من محاسنه ... لمهجتي وأراه ليس يكفيهاوراحة الخلد تأتي في أشعته ... تبغي على الأرض من في الأرض يبغيهاوكم رسائل تلقيها السماء به ... للعاشقين فيأتيهم ويلقيها***يقول للعاشق المهجور مبتسما : ... خذني خيالا أتى ممن تسميهاوللذي أبعدته في مطارحها ... يد النوى : أنا من عينيك أدنيهاوللذي مضه يأس الهوى فسلا : ... أنظر إلي ولا تترك تمنيها***أما أنا فأتاني البدر مزدهيا ... وقال : جئتُ بمعنى من معانيهافقلت : من خدها ، أم من لواحظها ... أم من تدللها أم من تأبيهاأم من معاطفها أم من عواطفها ... أم من مراشفها ام من مجانيهاأم من تفترها ، أم من تكسرها ... أم من تلفتها أم من تثنيها!؟كن مثلها ليَ .جذبا في دمي وهوى ... أو كن دلالا وكن سحرا وكن تيهافقال وهو حزين : ما استطعت سوى ... أني خطفت ابتساما لاح من فيها”
“فما أحسبني رأيتك مرة إلا وكأني رأيت فيك أول أنثى، وكأنما الحب هو بدء الدنيا مرة ثانية من أولها”
“الجمال في نظري جمال من ناحيتين: حسنه في ذاته، وحسنه في خيالي الذي يجعله أسمى من ذاته”
“قبّح الله الحبّ إن كان مثل وجدي بك”
“والحياةُ التي تفيضُ عليْك تملؤك وتملؤني معًا، وَ لذلكَ فكلُّ معنىً منك لهُ معنىً آخرَ فيَّ”
“الإنسان يُبتلى ثم يُبتلى ليعرف ان كل مافيه إن هو إلا وديعة الغيب فيه”
“أنا أحسن الكلام مع السماء و انت تحسن الفهم عن السماء، فحاجتي إليك هي ان تتكلم في روحي وحاجتك إليّ هي أن أتكلم في قلبك ”
“وَ إذا آمنتَ لم تعد بمقدار نفسك.. وَ لكن بمقدار القوّة التي أنتَ بها مؤمن”
“وأكبر خصيمين في علم النفس متحابان تباغضا”
“وَ إحساسي بكَ وحدكَ معناه في الوجود إحساسي بجماله كلّه”
“يا واصلاً بالمعاني وهاجريِ في الكلاممخاصميِ فى نهاري مصالحي فى مناميمن العُبوس كلامٌ معناه معنى ابتسامِولن يغَيِّر جسم الوداد ثوبُ الخصام”
“إن غذاء جوع النفس العاشقة يقتلها قتلاً؛ إذ لا غذاء لها من شئ فى الوجود كله إلا ممن تحب.”
“إن لم تزد في الحياة شيئا قأنت زائد عليها”
“كثيرا ما جنت المروءة على أهلها، ولكن احتمال هذه الجناية هو أيضا من المروءة”
“ينفر الإنسان من الكلمة التي تحكمه، ولكنه في الحب لا يبحث إلا عن الكلمة التي تحكمه”
“النجاح لا ينفعنا بل ينفعنا الامتياز في النجاح”
“وتخلص معاني الصداقة بفقد الصديق”
“فإن كل لذة الحب، وإن أروع ما في سحره، أنه لا يدعنا نحيا فيما حولنا من العالم، بل في شخص جميل ليس فيه إلا معاني أنفسنا الجميلة وحدها، ومن ثم يصلنا العشق من جمال الحبيب بجمال الكون، وينشئ لنا في هذا العمر الإنساني المحدود ساعات إلهية خالدة، تشعر المحب أن في نفسه القوة المالئة هذا الكون على سعته”
“لا يمكن للقلب أن يعانق القلب, ولكنهما يتوسلان إلى ذلك بنظرة تعانق نظرة, وابتسامة تضم ابتسامة.”
“إذا آمنت لم تعد بمقدار نفسك, ولكن بمقدار القوه التى أنت بها مؤمن”
“و كنت كالقلب المهجور الحزين, وجد السماء و الأرض ولم يجد فيهما سماءه وأرضه”
“ترفعنا الهموم والآلام، لأن عواطف الحزن والشقاء لا تكون إلا من سمو، وهي لابد أن تكون لأنها وحدها الحارسة فينا لإنسانيتنا”
“هكذا الحظ: عدلٌ مضاعف في ناحيه, وظلمُ مضاعف في ناحيه أخرى”
“هل أكُلف الوجود شيئاً إذا كلفتُهُ رجلاً واحداً أحبه”
“في بعدِك لا أشعرُ بالزّمنِ يفنى من السّاعاتِ وَ الأيّامبل منّي وَ منْ حياتي ، فأنا مِنْ بعدِك أذوب ، أذوبُ فناءً ، أي أذوبُ شوقاًوَ أفنى صبراً وَ عمراً بينَ كلِّ ساعةٍ وَ ساعة !”
“إن بعض الأسرار الإلهية يبحث في العلم عنها ، وبعضها يكون من الجلال والإشراق والسمو بحيث يبحث فيها عن العلم !”
“والمحب حين ينظر في وجه من يهوي نظرات كالألفاظ ، وحين يتكلم بألفاظ كالنظرات !”
“سبحانك يا من لا يقال لغيره : سبحانك ! خلقت الإنسان سؤالا عن نفسه وخلقت نفسه سؤالا عنه ، وخلقت الاثنين سؤلا عنك ، وما دام هذا الإنسان لا يحيط به إلا المجهول فلا يحيط به من كل جهة إلا سؤال من الأسئلة ، ولا عجب إذن أن يكون له من بعض المسائل جواب عن بعضها .هذه هي الطريقة الإلهية في دقائق الأمور : تجيب الإنسان الضعيف عن سؤال بسؤال آخر !”
“أنت النقص كله مع لذات الدنيا ، وأنت الكمال كله مع آلامها !”
“وترى ما هذا الشبه بين المرأة والسماء؟ أكانت المرأة في أصل الخلقة مادة سماءٍ بدأت تتخلق في الغيب فحبسها الله في ضلع الرجل عقاباً لها، ثم عاقبها ثانية فأخرجها للرجل تنظر إليه كما ينظر السجين إلى سجنه .. ويكون الله سبحانه قد عاقبها مرتين؛ لتتعلم هي بطبعها كيف تتجنَّى على الرجل وتعاقبه مراراً لا تعد ؟”
“الخبيثات للخبيثين، قيل لأرضٍ حَطيبةٍ: من تشتهين أن يكون زوجكِ لو كنتِ امرأة؟ قالت: الفأس!”
“تأتي النعمة فتدني الأقدار منك فرع الثمر الحلو، وأنت لا ترى جذره ولا تملكه، ثم تتحول فإذا يدك على فرع الثمر المر، وأنت كذلك لا ترى ولا تملك؛ ألا فاعلم أن الإيمان هو الثقه بأن الفرعين كليهما يصلانك بالله: فالحلو فرع عبادته بالحمد والشكر، وهو الأحلى عندك حين تذوقه بالحس؛ والمر فرع عبادته بالصبر والرضا، وهو الأحلى حين تذوقه بالروح!!”
“إنّ لنارِ الآخرةِ سبعةَ أبواب، وكأنَّ كل باب منها ألقى جمرةً على الأرض، فبابٌ ألقى [الوهم]، وآخرُ قذَفَ [الخوف]، وثالثٌ رمى [بالطمع]، والرابعُ [بالحرص]، والخامس [بالألم]، والسادس [بالبغض]، أما السابع فرمى بالشَرِّ الذي يجمعُ هذه الستة كلَّها وهو [الحب]!”
“ما الفراق إلا أن تشعر الأرواح المفارقة أحبتها بمس الفناء لأن أرواحاً أخرى فارقتها؛ ففي الموت يُمسُّ وجودنا ليتحطِّم، وفي الفراق يُمسُّ ليلتوي؛ وكأن الذي يقبض الروح في كفه حين موتها هو الذي يلمسها عند الفراق بأطراف أصابعه! وإن الحبيب وجود حبيبه لأن فيه عواطفه، فعند الفراق تُنتزع قطعةٌ من وجودنا فنرجع باكين، ونجلسُ في كل مكانٍ محزونين، كأن في القلوب معنىً من المناحة على معنًى من الموت! وكلُّ ما فيه الحب فهو وحده الحياة ولو كان صغيراً لا خَطَر له، ولو كان خسيساً لا قيمة له، كأن الحبيب يتَّخذ في وجودنا صورةً معنويةً من القلب! والقلب على صِغَره يخرج منه كلُّ الدم ويعود إليه كل الدم. في الحبّ يتعلم القلبُ كيف يتألم بالمعاني التي يُجرِّدها من أشخاصها المحبوبة وكانت كامنة فيهم، وبالفراق يتعلّم القلب كيف يتوجَّع بالمعاني التي يجرِّدها هو من نفسه وكانت كامنةً فيه. فترى العمرَ يتسلَّل يوماً فيوماً ولانشعر به، ولكن متى فارقنا من نحبهم نبَّه القلب فينا معنى الفراغ؛ فكان من الفراق على أكبادنا ظمأٌ كظمإ السقاءِ الذي فرغ ماؤه فجفَّ وكان الفراقُ جفافَه. ألا ياطائر الحب، إن لك إذا طرت جناحين؛ فما أقرب من هو على جناح الفراقِ ممن هو على جناح الهجر.”
“من وطن الأشهر المعدودة ينحدرُ الإنسان إلى وطن السنين المعدودة؛ أما الأزل والخلود والوطن الإنساني الكبير فهناك حيث لا تساوي كرةُ الأرض بما فيها أكثرَ مما تساويه ذرةٌ من لاتراب تصعدُ أو تهبط”
“حين ينجح الإنسان يقول فعلت وفعلت، وحين يفشل يقول القدر ويسكت”
“يجد الإنسان من المال والمتاع ما يبذله ثمناً للدنيا فـ يحوزها ولا يجد ثمن الصديق إلا أن يبذل له ذات نفسه !”
“وإذا اشتكيتَ أيها المحزون بهذهِ الآلام فكن قوياً على مصارعتها وقد تصرعك مرّة إذا بدت منك غفلة فلا تكن حينئذٍ جباناً في النهوض كما كنت جباناً في الوقوع”
“وإذا لم تكن قادراً على أن تنال ما تطمع فيه فلتكن قادراً أن لا تطمع فيما قُطعت عنك أسباب نيله فإنّ غاية القدرة في الحالتين .. الرضى !”
“يا شقاء الإنسان وويله ! إذ يرسل الله على قلبه شعاع الرحمة والإيمان ةيأبى من غلبت عليه شقاوته إلا أن يضرم من هذا الشعاع الإلهي ناراً يُنضج بها غذاء شهوته ويطيبه ولا يزال يحتطب لها من كُل خبث جاف حتى تراه كأنه قدر تئز أزيزاً وكأنه في باطنه شظية من جهنم يسطع وهجها في عينيه”
“إنّ أشقى الناس من لا يستطيع أن يجد إلى جنبه في سورة الجزع نفساً أُخرى تجزع له بـ إطمئنان ليطمئنّ في جزعه وهي الصداقة بـ عينها ولا يلقاها إلا ذو حظ عظيم”
“المُلحد لا موضع في قلبه للحب لأنّ الحُب مؤمن”
“وأنتَ لا ترى أسعد الناس وأهنأهم بسعادته إلا ذلك الذي يجمع قلبه وعقله أن لا يصدر أحدهما من الآخر إلا راضياً مرضيّاً فـ ترى في آثار عقله طهارة القلب وإيمانه وفي أثار قلبه إجادة العقل وإحسانه ولو كُشف لك عن بواطن الأنبياء لـ تجلّت لعينيك هذه الحقيقة ماثلة”
“ولستُ أصدق أنّ ملحداً يعمل لخير الناس ابتغاءَ الخير نفسه فإن حدثوكَ بخبرٍ من ذلك فاعلم أنهُ يريد به الرجل بُرهاناً على صحة إلحادهِ الإنساني ، يخدع به من يقدم له الخير أو من يراه وهو يقدمه ؛ فإنه لـ سخافته بـ كفر الله ويريد أن يعمل بعمل الله”
“فإنّ الله لا يُعامل إلا بالنية ولا يُكتب في سجل الحسنات إلا الأرقام القلبية”
“فمن لم يدرس طبائع القلوب المتوجهة في أنفاس أهلها لا يعلم قلبه شيئاً وإن كان رأسه مكتبة من العلوم”
“ليس هناك شيء أقوى من الحق ولكن الشريعة في يد ظالم تجعل الباطل أقوى منه”
“إنّ الذُباب لـ يقع على الزهر كما يقع النحل ليجني العسل وإنّه ليطن في الروض كما تُغرّد الطيور لترقيص قلوبها الصغيرة ثمّ يطير عن الزهرة ذُباباً كما وقع ويسكت ذُباباً كما طن وكيفما نظرت إليه ... لا تراه إلا ذُباباً”