“لا شيء يستطيع أن يحقن أوردتك جرعات من الود العميق تجاه إنسان , كما يفعل سلوك ,( التواضع )والتصرف بعفوية وبساطة , بعيداً عن مكياج ( الأهمية ) الكاذب , والادعاء , والتصنّع , وربما الشعورالمُبتذل بالعظمة !.”
“المشكلة مع التيار الليبرالي لا تنحصر في كونها خلافًا ثقافيًا مع منظومة فكرية تحمل بعض التقاطعات والاختلافات مع مسلمات شرعية، بل المشكلة الأكثر إلحاحا مع هذا التيار، أن ليس له من الليبرالية إلا الاسم، وربُما بعض التصورات حول التحرر الأخلاقي ليس إلاكنت دائمًا أقول:ليت التيار الليبرالي السعودي التزم بالأصول النظرية الفلسفية للنظرية الليبرالية على وجه الدقة، تلك التي تدعو للوقوف في وجه الاستبداد، وتسعى من أجل الحقوق والحرية الفردية، وتناضل من أجل حق الشعب في اختيار السلطة ومراقبة أفعالها.. على الأقل سيكون لهذا التيار حينئذ وجه إيجابي، في مقابل الوجه الآخر المرتبط بالتحرر الأخلاقيلكن المشكلة أن التيار الليبرالي السعودي هو _في غالبيته_ يسترخي بأمان داخل معطف السلطة، ومن موقعه ذاك يمارس كل الموبقات المناقضة للأفكار الليبرالية نفسها. فهو يدافع عن الظلم والاستبداد السياسي، ويمارس التحريض الأمني ضد خصومه الإسلاميين، ويقف ضد حرية التعبير إذا كانت في صالحهم، بل وتجد أن أفراد هذا التيار مستعدون لأن يعزفوا على وتر خطأ بسيط لهيئة الأمر بالمعروف، أو لأجل كلمة عابرة قالها أحد دعاة الصحوة، وفي ذات الوقت هم غير مستعدين لكتابة سطر واحد_في أي منتدى مفتوح_ عن المعتقلين السياسيين، أو عن صفقات المال المهدرة، أو عن حق الشعب في المشاركة بالقرار السياسي.. لذلك غدت الصورة الذهنية لليبرالية السعودية في المجتمع، أنها مجرد دعوة للتحرر الأخلاقي ليس إلا. ولن يجد من يتابع الصوت المرتفع للتيار الليبرالي في الصحف والمنتديات والفضائيات إلا الوصول إلى هكذا نتيجةبل وغدا حتى الموقف من التيار الديني عند الليبراليين مرتبطًا بأجندة السلطة. لذا يقوم هؤلاء بالدفاع عن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في ذات الوقت الذي يتهمون فيه حركة الإخوان المسلمين بالتطرف والغلو،أيا كان الموقع الفكري للشخص، فلا أظنه يسوغ إنكار حقيقة أن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب هي أكثر محافظة_ وبمراحل_ من حركة الإخوان المسلمين”
“ثمة مقولة شهيرة لأحد المثقفين السعوديين ، ربما نلمس اليوم أنها شائعة _نظريًا أو عمليًا_ بشكل كبير في الوسط الثقافي المحلي.. وتتمثل هذه المقولة بالتالي: بحسب موازين القوى، يوجد في السعودية قوتان فقط، هما الحكومة والإسلاميون، فمن أراد أن ينتقد إحداهما فعليه أن يتكئ على الأخرى. ومن أراد أن ينتقد كلتا القوتين، فسيضيع حتمًا بين الأقدام”
“رأينا كيف تثار معارك ضروس في الوسط الثقافي من أجل رواية، أو لحلقة من طاش ما طاش، أو لقضية إدارية بسيطة كقرار الدمج، أو لخبر عن هيئة الأمر بالمعروف، أو لمقال كتبه أحد مراهقي الليبرالية في إحدى صحف الدرجة الرابعة.. وفي تلك المعارك رأينا كيف يكون البغي على المخالف، وسوء الخلق، والفجور في الخصومة، لمجرد أن يكون الطرف الآخر ليبراليا أو حتى إسلاميا أكثر انفتاحا من السائد.. ولك أن تنظر إلى مقدار الكفاءة الثقافية الشرعية لمن يتصدون لمشروعات الاحتساب والإنكار في الإعلام، لتعرف أين تكمن المشكلة”
“الحضارة تملك مخزونًا كثيفًا من الإبهار، فإما أن نكتفي ببقائنا تحت وابل قصف الحضارة وإبهارها، وإما أن نضرب في الأرض ونبذل الوسع في امتلاكها”
“الصحوة قدمت في تاريخها كثيرا من النضالات والتضحيات.. ولكنها منذ بضعة أعوام.. وبسبب ابتعادها عن (المطالب الإصلاحية)، واكتفائها بالمعارك الفكرية مع الليبرالين والإصلاحيين.. خسرت شيئا من صدقها ووهجها واقترابها من هموم الناس وحاجاتهم ومصالحهم.ويبقى الحديث عن (أهل الأهواء) مادة حصرية للخصومات السجالية بين التيارات.. لا تدل على وضع ثقافي صحي.. بل تدل على رغبة في التشفي والإسقاط والإدانة والاتهام.. فعلى كل المخلصين السعي لإبقاء الخلاف في موقفه (الشرعي والفكري).. والوقوف العلني بحزم في وجه كل محاولات جر الخلاف إلى وحل اتهام النيات والتعريض بالدين والخُلق”
“قد يكون الرجل صادقا ومخلصا وهو في قمة السلطة والثروة، وقد يكون صاحب هوى وهو في ثنايا المعتقل”
“كما أن تهييج القبلية والمناطقية من أجل أهداف ومصالح سياسية - رغم سلبية ذلك - هو خير من تهييجها تحت عناوين (مزايين الإبل) و (شاعر المليون) وسواها من لافتاتٍ مبتذلة”
“وحين تجاوز امتداد خيام الاعتصام الكيلومتر الأول, قام شباب الثورة برفع لوحة كبيرة في نهاية هذا الكيلومتر, وكتبوا عليها: مرحباً بكم في أول كيلومتر كرامة”
“و إذا كان أكثر الأوساط طهورية عند المسلم -مجتمع الصحابة- لم يخل من التحفيز المادي حتى في لحظات الجهاد و الموت (من قتل قتيلا فله سلبه).. فكيف بمجتمعاتنا المعاصرة التي تعيش تحت ضغوط حياتية صعبة.”
“ولكن القارئ لهذه الدراسة الطويلة – أكثر من ستين صفحة – يُفاجأ بأن الباحث بذل جهداً كبيراً في التقاط عشرات النصوص والشواهد والنقولات، وذلك بهدف التدليل على عدة مسائل.. أهمّها: 1- شرعيّة أن تكون الانتخابات – أو الشورى – لجميع الناس لا لفئة خاصة، وأن البرلمان المُنتخب هو الذي يُمثّل "أهل الحلّ والعقد".2- شرعيّة أن تُتخذ القرارات بتصويت الأغلبيّة، وشرعيّة أن يكون قرار الأغلبيّة في البرلمان مُلزِماً للحاكم وليس مُعلِماً فقط.3- شرعيّة مُشاركة المرأة في الانتخابات.4- شرعيّة مبدأ "تداول السُلطة"، بحيث لا يبقى الحاكم في السُلطة مدى الحياة بل لمُدّة مُحددة.5- شرعيّة مبدأ "فصل السُلطات".لذلك، أظن أن الباحث لو تخلّص من حساسية المُصطلح، وقام بتسمية بحثه "شرعيّة آليات النظام الديمقراطي" لكان أكثر دقةً وانضباطاً.”
“في صدورنا لك عَهدٌ أن نقطع كل الجذوع الغليظة في غابات الظلم والقهر.. وفي نفوسنا لك دَينٌ أن نبتهل إلى الله في الخَلَوَات أن يُعليك في الجنّة بقدر ما هَوَت عروش الظالمين في الدَرَكات.. وفي أعناقنا لك بيعة أن نُشتعل الجسد قبل انتهاك الكرامة.. فلهيب كرامتك يا محمد صنع في أوطاننا ثورة وفي بيوتنا ثورة وفي انفسنا ثورة .”
“ليس إحتراق جسد "البوعزيزي" هو الذي صنع الثورة فليس من أشعل الفتيل هو من أوقد غابات النار؛ بل فعل ذلك الإستعداد الكامن ... الشيء الذي يتنامى في الوعي والوجدان وبراكين السخط القابلة للإنفجار والغضب الذي يتراكم كل يوم بسبب الظلم والقهر والإستعباد، والتمييز ،وإذلال الشعوب ، إهانة الإنسان هي من فعلت كل ذلك ... وستفعل أكثر .”
“الحضارة هي أن تقيم مجتمعاً قوياً يستطيع أن يقول لا إذا أراد, قوياً باقتصاده,قوياً بعمقه الثقافي والمعرفي في تاريخ الأفكار والأمم والفلسفات, وقدرته على استيعابها ونقدها وتجاوزها والاستفادة مما هو مفيد في ثناياها”
“أدركتُ أنه لا شيء يستطيع أن يحقن في أوردتك جرعاتٍ من الود العميق تجاه إنسان، كما يفعل سلوك ( التواضع ) ، والتصرف بعفوية و بساطة، بعيدًا عن مكياج ( الأهمية) الكاذب ، والادعاء ، والتصنّع ، وربما الشعور المُبتذل بالعظمة!”
“لا يبدو الموقف من الإسلام عند النُخب العلمانية و المؤسسات الثقافية في المغرب بذات العنف الذي نلمسه عند علمانيي المشرق العربي”
“الكاتب الصحفي الموهوب بات اليوم أندر من الخِل الوفي في الزمن الرديء”
“غادرتُ المغرب بعالمه المُختلف، ورجاله المختلفين، وأسئلته المختلفة. وحركته الإسلامية المتطورة، التي باتت تندفع وراء الاندماجات، فيما الحركات الإسلامية الأخرى تنقسم وتتشظى، وتتقدم باتجاه مزيد من الانفتاح والمرونة والذكاء السياسي، فيما تكتفي الحركات الأخرى بتعليق تراجعها على مشجب المؤامرة والابتلاء وتمحيص الصفوف!”
“من يختلط بفئاتٍ من الشباب العشريني وبكثيرٍ من المُبتعثين للدراسة في الخارج، يلمس بوضوح أن ثمة أفكاراً جديدة بدأت تتسرب إلى هؤلاء الشباب، وأن هناك تحولاً في أنماط تفكيرهم، وصار كثير منهم يضيق ذرعاً بالتشديد والانغلاق والعُنف ضد المُخالفين، وقسر الناس على اختيارات فقهية تأخذ بالعزيمة والأحوط والأشدّ، فيما هو يقرأ ويرى في ذات الوقت علماء كباراً يطرحون اختياراتٍ فقهية أكثر تسامحاً وانسجاماً مع بيئاتهم المفتوحة.”
“تعطيل الشريعة قد يتسبّب فيه بحسن نية الطرح الإسلامي التقليدي، الذي كان متمرساً في مواجهة المخالفين، لكنه عاجز عن تقديم الشريعة كحلول وأنظمة بناء وإصلاح، والنتيجة الطبيعية لهذا العجز هي تمكين المشاريع الأخرى من العبور لملء الفراغ، قد يُقال في هذا السياق الحجة التقليدية، وهي أن الإسلاميين لا يُمنحون الفرصة لتقديم الحلول، وهذه الحجة في ظني باطلة إلى حد بعيد؛ فالمبادرة يجب أن تكون ممن يملك رؤية واضحة في موضوع ما، أن يتقدم ليشرح رؤيته تلك ويسعى لإقناع الناس بها، والإسلاميون المحافظون ـ وبكل أسف ـ لم يقوموا بذلك.”
“المُشكلة لم تكن يوماً في التناقض.. بل هما مساران يُمكن أن يعملا بالتوازي ـ مع حق كل طرف بالتحفّظ على بعض المُمارسات والأقوال التي لا يرى شرعيتها وصوابها ـ.. ما نُريده فقط: أن نحترم حق الآخرين بالاختلاف أولاً دون أن ندخل في حيّز اتهام النوايا والمُزايدة على التديّن.. ثم أن )نُعظِّم( ما عظمته الشريعة.. وأن )نُهوِّن( ما هونت الشريعة من أمره.. وبعد ذلك ليُفتش كل طرف في نصوص الكتاب والسُنّة، ليرى أين موقع )العدل ورفع الظلم( في الشريعة؟! وأين موقع )حرمة الغناء( في الشريعة؟!”
“أياً كانت المعايير أو زاوية النظر.. فبالنسبة لي يبدو الأمر في تمام الوضوح.. أن حصيلة نشر هذه السِّلسلة من المقالات ستكون (خسارة) بالمِعيار الدُنيوي المحض.. لأنه سينتج عنها مزيد من الشتائم، والتشويه، والطعن في النوايا، والتصعيد من رافعي ألوية المعارك الفكرية ضد المُخالفين.. ولكنني أحسبُ أن حصيلتها ستكون ـ بإذن الله ـ (ربحاً) بالمِعيار الأخروي.. فهي كلمةُ حقٍ يجب أن تُقال بمعزلٍ عن النتائج والتّبِعات.. وأعتقد أن الوقوف في وجه التشويه المُستمر للمشروعات التي تهدف إلى الالتزام بالأولويات الشرعيّة، وسيادة القيم والأخلاق، وترسيخ قوانين العدل والحقوق، هو واجب شرعي وأخلاقي يجب ألاّ يدخل في أوحال (المكاسب والخسائر) ومُعادَلات (رِضا الجمهور).. وأسأل الله –عزوجل- أن يُرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه.. وأن يُرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.بالنسبة لي.. في هذا الجو السِّجالي العاصف، الذي تتصاعد فيه الإيديولوجيا لا المعرفة، وتتعالى فيه الخصومة لا الحقيقة.. بتُّ مُقتنعاً ـ وبعد تجربة متراكمة ـ أنني حتى لو قمتُ ـ وبشكلٍ عشوائي ـ باختيار صفحة من سورة التوبة، ونشرتها بعد أن أضع في مقدمتها (اختيار نواف القديمي)، فسيأتي حينئذٍ من يشتم ويُسيء!.. وسيأتي من يقول: ومن أنت حتى تختار شيئاً من الآيات دون علم!.. وسيأتي من يقول: عليك أولاً بسؤال العلماء قبل أن تنشر شيئاً من القرآن!لذلك أقول.. إن الخِطاب لم يكن في يومٍ من الأيام موجهاً لأولئك المهووسين دوماً بحفلات الردح والتصعيد.. بل هو موجّهٌ للمُنصفين الصادقين ـ من المُخالفين والمُوافقين ـ الذين يهدفون إلى معرفة ما هو ألصق بالشريعة، وأنفع للأمة في دينها ودنياها.. هو خطابٌ لأجيال الشباب الذين ما عاد كثير منهم مهموماً بالاستقطاب وروح التخندق والعِراك، بقدر ما هو مهموم بمعرفة المنطق (الأكثر إقناعاً)، والأقرب إلى دلالات النصوص ومقاصد الشريعة، والأكثر تحقيقاً لمصالح الناس، وإقامة العدل، وسيادة القانون في المُجتمع.”
“قال بعد لقائه بمجموعة من شباب الإخوان تحت تكتمات لدواعي أمنية : شعورٌ بالود لهذا الشباب الصادق، المؤمن بقضيته ومشروعه ، حتى لو ناء كاهله بحمل كثير من التبعات الأمنية ، والخسائر الدنيوية الرخيصة.”
“سائقوا التاكسي هم أكثر من يكشف لك أحداث العالم الحياتي البسيط في أي مدينة بدون رتوش وأقنعة تسعى لإبراز شيء وإخفاء أشياء إضافة إلى أنهم يملكون وفرة في الثرثرة حول أي موضوع . حاول فقط أن تتيح له مجالاً للحديث عندها سيأتيك مالاراد له إلا الله!”
“أثناء تصفحي في إحدى مكتبات اليساريين القدامى حيث سلامة موسى وفرج فودة، دخلت علينا امرأة محجبة كبيرة في السن . . قالت للبائع : هل أجد عندك كتاباً عن العشرة المبشرين بالجنة ؟ . . لا أدري حينها كيف رددت عليها مبتسماً: ( ياست مافيش حد هنا في الجنة . . هنا بتوع النار بس . غفر الله لي هذا التجاوز.”
“يقول في إنهائه للنقاش مع حزب التحرير : ماقيمة أن نسلبهم لذة الأمل ، ونزيل عن عيونهم غشاوة الحلم.”
“لنتذكر المقولة السابقة التي تتحدث عن أن الحكم في المجتمع إما أن يكون لله أو للشعب ولنحاول ذكر مرادفات شبيهة من مثل : (السيادة لله أو السيادة للشعب)، القرار لله أو القرار للشعب ، الملك لله أو الملك للشعب ، ليظهر لنا كثافة التضليل المكتنز في مثل هكذا مقارنات ، حين نجد أنه طوال التاريخ الإسلامي لم يكن الملك ولا السيادة ولا القرار إلا للحاكم المتفرد الذي لا مبدل لحكمه لقوله ولا راد لقوله . . فلماذا نوضع اليوم أمام مقارنات جائرة تهدف إلى عزل الأمة عن اتخاذ القرار وترك مصائر الناس بين يدي الحاكم المستبد ؟المقارنة الحقيقية هي بين الحكم للفرد أو الحكم للأمة . .”
“أذكر أنه قبل خمسة أعوام، وفي الفترة التي عملت فيها بصحيفة الشرق الأوسط، سألني مدير مكتبة الرياض باندهاش: لماذا لم تقم بإجراء أي حواريات مع شيوخ سعوديين، وخصوصاً أولئك الذين يمتلكون شعبية جماهيرية.. قلت له: صدقني حاولت، ولكنني كنت أتوقف كل مرة في منتصف الطريق، بعد أن أشعر بوخز شديد في الكرامة، لأنك قد تحتاج ابتداءً –حتى يتم هكذا حوار- إلى (واسطة) تستطيع من خلالها أن تحادث سكرتير فضيلة الشيخ! ثم إن هذا الحوار لن يتك قبل أن يكر بخمس عشرة مكالمة هاتفية، والعديد من المتابعات والرجاء، بشكل يشعرك وكأنك تسعى للحصول على منحة أو طلب للجوء السياسي!.. وبعد أن يتم الحوار المكتوب لا الشفهي، وتتم مراجعته تسع مرات من قبل طلبة الشيخ! الذين سينصحونه هذه الكلمة حتى لا تثير أحداً، وشطب تلك العبارة حتى لا تزعج مسؤولاً، وإلغاء هذه الجملة حتى لا تؤول على غير مراده ، حينئذٍ سيصل لك حوار فيه كلام كثير، ولكن صاحبه لا يقول فيه أي شيء!! طبعاً هذه المشكلة تحصل عادة عن الشخصيات ذات الشعبية التلفزيونية، التي قد تكون قلقة على صورتها عند جمهورها وعلاقتها بالمسؤولين، سواء كانوا شيوخاً او مثقفين أو أدباء.. لذا فالشخصيات التي تكتب للنخبة، تمتاز-في الغالب- بأنها لا تعاني من عقدة العظمة هذه . . فيكفيك أن ترفع سماعة الهاتف، ليرد عليك المثقف بكل بساطة، وتعرفه بنفسك، وتتحدث معه لبعض الوقت، ثم تطلب منه إجراء الحوار.”
“لا أدري هل أبدو غريب الأطوار عندما أجد متعة استثنائية في الجلوس وحيداً، والتجول وحيداً، والسفر وحيداً. . وحين أتناول طعامي وحيداً في زاوية معتمة بمطعم هادئ يخلو من الرواد”
“أثناء مروري على صديق مسؤول عن البيع في دار نشر شيوعية لبنانية شهيرة، سألته: شو، كيف البيع عندك؟ .. أجابني بحسرة: تعبان مافي شي.. رددت عليه مبتسماً قلت لكم اقلبوها مكتبة إسلامية وانتو اتشوفوا البيع، فلم يعد هذا زمانكم يا صديقي.. أجابني بضحكته المجلجلة: ان شالله يمكن بعد مية سنة”
“وظل عبد الله بن كيران صاحب مبادرات متقدمة وجريئة في العمل الإسلامي، فهو أول من دعا إلى تكوي قطاعات نسائية في الحركة .. وقاد أيضاً أول مبادرات الاعتراف بشرعية النظام الملكي في المغرب ونبذ العمل الثوري .. وأطلق مقولة شهيرة انتشرت بشكل كبير عند كوادر الحركة، ذكرتني بمقولة معاوية بن أبي سفيان عندما قتل عمار بن ياسر في صفين، فقال معاوية جملته العبقرية: قتله الذي أتى به – واستطاعت هذه المقولة أن تحل الكثير من الإشكاليات في المنظومة الفكرية لتلك الكوادر التي كانت تميل إلى تكفير نظام الحكم في المغرب. حيث قال بن كيران: إن الدول مثل الأفراد، لا نحكم عليها إلا بما تدعيه. وإذا كانت الدولة المغربية قد أعلنت أنها مسلمة، فهي كذلك حتى لو ارتكبت ممارسات تخل بإسلامها.. ومثلما لا نكفر الفرد الذي يعلن الإسلام حتى لو ارتكب ذنوباً أو معاصي، فإنه ينبغي ألا نكفر الدولة بمجرد أن ارتكبت ما لا يتوافق مع الإسلام طالما أعلنت أنها مسلمة) طبعاً كانت هذه مقولة سياسية بامتياز، وليست خاضعة لتمحيص شرعي، ولكنها فعلت فعلها داخل الحركة واستطاعت أن تخفف كثيراً من غلواء التفكيروالرفض لشرعية النظام عند قواعد الحركة في الثمانيات.”