البهاء زهير شاعر من العصر الأيوبي.
ولد في الحجاز قرب مكة سنة 581 هـ، نزحت أسرته وهو صغير إلى مصر بمدينة قوص مجتمع بعض الأمراء والعلماء والفقهاء وتلقى تعليمه فيها وتنقل بين القاهرة وغيرها في مصر. ولما ظهر نبوغه وشاعريته التفت إليه الحكام بقوص فأسبغوا عليه النعماء وأسبغ عليهم القصائد. وطار ذكره في البلاد وإلى بني أيوب فخصوه بعينايتهم وخصهم بكثير من مدائحه. توثقت صلة بينه وبين الملك الصالح أيوب ويذكر أنه استصحبه معه في رحلاته إلى الشام وأرمينية وبلاد العرب. مات البهاء زهير في ذي القعدة 656 هـ.
يقول ابن خلكان في ترجمته:
من فضلاء عصره وأحسنهم نظما ونثرا وخطا ومن أكبرهم مروءة كان قد اتصل بخدمة السلطان الملك الصالح نجم الدين أبي الفتح أيوب بن الملك الكامل بالديار المصرية وتوجه في خدمته إلى البلاد الشرقية وأقام بها إلى أن ملك الملك الصالح مدينة دمشق فانتقل إليها في خدمته وأقام كذلك إلى أن جرت الكائنة المشهورة على الملك الصالح وخرجت عنه في دمش وخانه عسكره وهو على نابلس وتفرق عنه وقبض عليه ابن عمه الملك الناصر داود صاحب الكرك واعتقله بقلعة الكرك فأقام بهاء الدين زهير المذكور بنابلس محافظة لصاحبه ولم يتصل بغيره ولم يزل على ذلك حتى خرج الملك الصالح وملك الديار المصرية وقدم إليها في خدمته وذلك في أواخر ذي القعدة سنة سبع وثلاثين وستمائة. وكنت يومئذ مقيما بالقاهرة وأود لو اجتمعت به لما كنت أسمع عنه فلما وصل اجتمعت به ورأيته فوق ما سمعت عنه من مكارم الأخلاق وكثرة الرياضة ودماثة السجايا وكان متمكنا من صاحبه كبير القدر عنده لا يطلع على سره الخفي غيره ومع هذا كله فإنه كان لا يتوسط عنده إلا بالخير ونفع خلقا كثيرا بحسن وساطته وجميل سفارته. وأنشدني شيئا كثيرا وشعره كله لطيف وهو كما يقال السهل الممتنع وأجازني رواية ديوانه وهو كثير الوجود بأيدي الناس فلا حاجة إلى الإكثار من ذكر مقاطيعه. ثم حصل بمصر والقاهرة مرض عظيم لم يكد يسلم منه أحد وكان بهاء الدين المذكور ممن مسه ألم فأقام به أيام ثم توفي قبل المغرب يوم الأحد رابع ذي القعدة من السنة المذكورة
عن شعره
وهو يأتي بهذه الأوزان الخفيفة ليطالعنا بقدرته الفنية في إخراج أوزان تنساب فيها النغمات العذبـة في جوها الموسيقي الحافل بالألحان الشجية فصارت بهذه الأوزان قصائده شعراً غنائياً جميلاً، وقد علق على هذه الأوزان المرحوم مصطفى عبد الرزاق حين قال: "انتشرت في عهد البهاء زهير أوزان التواشيح الآتية من الأندلس وذلك لا بدّ أن يكون نبه الشعراء إلى فن من الألحان الشعرية جديد، فاهتدت الفطر الموسيقية إلى اختيار البحور اللطيفة والأوزان الموفورة الحظ من الموسيقى ومن التأثير، وهذا شأن البهاء زهير، فإننا نجده في غير شعر المديح قلما يركن إلى غيره من الأوزان الخفيفة.
“لو أراد البعد عني نور عيني ما تبعته ... إن قلبي وهو قلبي إن تجنى ما صحبته”
“قالوا كبِرْتَ عن الصِّبَا وَقَطَعْتَ تِلكَ النّاحيَهْفدَعِ الصِّبَا لرِجالِهِ واخلعْ ثيابَ العاريهْونعمْ كبرتُ وإنما تِلكَ الشّمائِلُ باقيَهْويفوحُ منْ عطفيّ أنـ ـفاسُ الشبابِ كما هيهْويميلُ بي نحوَ الصبا قَلْبٌ رَقيقُ الحاشِيَهْفيهِ منَ الطّرَبِ القَديـ ـمِ بَقِيّة ٌ في الزّاوِيَهْ”
“ما لي أراكَ أضَعْتَني وَحَفِظتَ غَيرِي كلّ حفظِمتهتكاً فإذا حضر تُ تظلّ في نسكٍ ووعظِفظاً عليّ ولم تكنْ يوماً على غيري بفظَّهذا وَحَقِّ الله مِنْ نَكَدِ الزّمانِ وَسوءِ حظّي”
“ما قلتَ أنتَ ولا سمعتُ أنا هذا حديثٌ لا يليقُ بناإنّ الكرامَ إذا صحبتهمُ سَترُوا القَبيحَ وَأظهَرُوا الحَسَنَا”
“تعيش أنت و تبقي .... أنا الذي مت حقاًحاشاك يا نور عيني...تلقي الذي أنا ألقيقد كان ما كان مني ... و الله خير و أبقى”
“لا تسلني كيف حالي .... فله شرح يطولفعسي يجمعنا الدهـ...ر و تصغي و أقول”
“كم أناس أظهروا الزهد لنا .... فتجافوا عن حلال و حرامقللوا الأكل و أبدوا ورعاً .... و اجتهاداً في صيام و قيامثم لما أمكنتهم فرصة ... أكلوا أكل الحزانى في الظلام”
“و كم بائع دينا بدنيا يرومها ... فلم تحصل الدنيا و لم يسلم الدين”
“و ثقيل ما برحنا ... نتمنى البعد عنهغاب عنا ففرحنا ... جائنا أثقل منه”
“ما العقل إلا زينــةٌ ... سبحان من أخلاك منهُقُسمت علي الناس العقو ...ل و كان أمرا غبت عنه”
“دولة كم قد سألنا ... ربنا التعويض عنهاو فرحنا حين زالت ..... جاءنا أنحس منها”
“يا من توهم أني لست أذكره ... و الله يعلم أني لست أنساهو ظن أني لا أرعى مودته ... حاشاي من ظنه هذا و حاشاه”
“يا كتاباً من حبيب ...أنا مشتاق إليهجائني منه سلامٌ ......... سلم الله عليهكم يد للدهر مذ أبـ...صرت آثار يديه”
“أعِد الرسالة ثانية .... و خذ الجواب علانيةفعسى بتكرار الحديـ ... ـث عليّ أنسى ما بيه”
“أيها الغائب عني إنني ... علم الله لمشتاق إليكفإذا هب نسيم طيب ... أنا ذاك الوقت سلمت عليك”
“إذا كنت مشغولاً و ذا يوم جمعة ... ففي أيما يوم تكون بلا شغل”
“يا سائلي عما تجدد لي....الحال لم ينقص و لم يزدو كما علمت فإنني رجل....أفني و لا أشكو إلي أحد”
“قد طال في الوعد الأمد....و الحر يُنجز ما وعدووعدتني يوم الخميـ....ـس فلا الخميس و لا الأحد”
“كُلما قلت استرحنا......جاءنا شغل جديدو خطوب ينقص الصبـ....ـر عليها و تزيدتعب لا حمد فيه.......لا و لا عيش حميدإن هذا علم اللـ...ـه هو الغبن الشديدو أري الشكوي لغير اللـ...ـه شيئ لا يفيد”
“بحق الله متعـ........ـني من وجهك بالبعدفما أشوقني منك....إلي الهجران و الصدفما تصلح للهزل..........ولا تصلح للجدو ماذا فيك من ثقل..و ماذا فيك من بردفلا صُبحت بالخير.......و لا مسيت بالسعد”
“أيها الغافل الذي ليس يُجدي...كثرة اللوم فيه و التوبيخإنها غفلة الويل منها......ما رواها الرواة في تاريخو كما قيل هب بأنك أعمي.....كيف تخفى روائح البطيخ”
“و عائد هو سقم........لكل جسم صحيحلا بالإشارة يدري....و لا الكلام الصريحو ليس يخرج حتي.......تكاد تخرج روحي”
“يُعاهدني لا خانني ثم ينكث .... و أحلف لا كلمته ثم أحنث”
“و جاهل لازمني........لاقيت منه عنتاًكأنما حتم علي......ه الدهر ألا يسكتأُنسي به إذا نأى......و وحشتي إذا أتيطالت به بليتي....يا رب ما أدري متى”
“رأيتك قد عبرت و لم تُسلم....كأنك قد عبرت على خرابهو كنت كسورة الإخلاص لما....عبرت و كنت أنت كذي جنابهفكيف نسيت يا مولاي وداً....عهدت الناس تحسبه قرابه”