“جسدي ليس شيئا، أو موضوعا، بالمعنى المألوف، إنه ليس معروضا ليشاهد وليس أمامي، لأنه ليس بإمكاني أن أضعه أمام نظري، فلكي يكون ذلك في مقدرتي يجب أن أمتلك جسدا آخر لكي أدرك وأرى جسدي، بعبارات أخرى، لكي أدرك جسدي كموضوع أو أراه فإنه يجب علي أن أنسلخ من جسدي لكي أشاهده، وهذا محال، صحيح أنني أستطيع الاستعانة بمرآة لرؤية جسدي، ولكن يظل يوجد فراغ، أو مسافة تفصل بيني وبين جسدي المنعكس بالمرآة، إنني لا أحس أن جسدي يوجد بين الأشياء المنعكسة على المرآة، ولكن أحس أنه قريب مني، أو أنه معي دائما، هذا معنى دوامه واستمراريته .. ”
“ميرلوبونتي يحول مفهوم الجسد تحويلا عميقة، وبطرائق تشبه الكيمياء السحرية، فهو يتحول من جسم إلى جسد، ومن جسد إلى عنصر، ومن عنصر إلى مركبة العالم، ومن مركبة العالم إلى محور العالم، ومن محور العالم إلى قلب الوجود.”
“لقد أسند ميرلوبونتي للجسد دورا مهما جدا، وهو التغلب على المشكلات الكبرى التي تركتها الفلسفات التقليدية بدون حل: مثل مشكلة التعارض بين الشيء والفكر، والذات والموضوع، والمادة والروح، والذهن والبدن، وبالتالي تجاوز النزعتين الفلسفيتين الكبيرتين: النزعة العقلية والنزعة التجريبية، أو المثالية والمادية.”
“إن ميرلوبونتي، مثله مثل نيتشه، يحاول بعد تاريخ طويل من إذلال الجسد والحط من قيمته أن يرجع إليه في محاولة لإعادة تقويمه من جميع النواحي، أن يسند له دورا إيجابيا، لقد حانت بالنسبة إليه الساعة التي يصبح فيها الوعي، أو العقل، متواضعاً.”