“أحيانا يحس أنه حيوان ذو خلية واحدة بالغة الحساسية يعيش داخل قوقعة مغمورة تحت مياه سحيقة.. يعذبه إحساسه الفظيع بالوحدة.. بالحنين للجنس الآخر.. للمس المرأة الناعم المثير.. لرائحة عرقها.. لفحشها.. لبذائتها.. لذلك العالم الخرافي الذي تعيش فيه والذي لم يقدر له رغم سنوات عمره الطويلة أن يقترب منه بالقدر الذي يريد.. لا يجد حرجا وهو يعبر جسر الأربعين "جسر اللا عودة بين الشباب والشيخوخة" في أن يصرخ بأعلى صوته طالبا الحصول على امرأة.. امرأة واحدة فقط.. حاجته الحميمة أقوى بكثير من كرامته.. من اعتزازه بنفسه، لكن هذه المرأة الوحيدة لم توجد أبدا في حياته”
“يقولون عن العالم رغم ذلك إنه عادل ورحيم وإن الناس بسطاء متسامحون.. هؤلاء الناس الطيبون لديهم القدرة الفائقة على تبرير كل جرائم العالم الوحشية.. بالذات جريمة قتل معنويات إنسان من حقه أن يعيش كالآخرين.. عندما يعجزون عن إقناعك بمنطقهم المتخاذل الشرير يقولون لك ببساطة شديدة مقززة: نصيبك ستناله في العالم الآخرحيث كل أنهار العسل واللبن وحيث تستلقي هناك حول شطآنها الدافئة كل حثالة الأرض المنكوبة التي لم تنل حقها في الحياة”
“الغريب أن الناس يعاقبون الإنسان القبيح على جريمة لم يتركبها هو بل ارتكبت في حقه من جانب قوى مجهولة شيطانية كان يمكن أن تنكل بهم مثله لكنهم أفلتوا بمعجزة، بمجرد صدفة حسنة في حياتهم.. يعاقبونه جميعا.. يعاقبونه طول الوقت.. يعاقبونه حتى نهاية حياته”
“في حياته كلها لم يشعر أنه ند للآخرين الذين يهزأون به طول الوقت.. يعذبونه باستمتاع شديد مذهل... ليس فقط لأنه ضئيل الحجم مشوه الخلقة بصورة مروعة بل لأنه يشعر في أعماقه بالضآلة أمامهم.. بأن الصراع غير موجود على الإطلاق بالنسبة له أو غير عادل على الأقل. يشعر بأن الهزيمة هي قدره المحتوم في الحياة.. عيون الآخرين تسلط عليه آشعة ساخنة تذيب جدرانه الخارجية المصنوعة من الصفيح.. يحس أنه عار أمامها.. مجرد من الحماية.. أن مصيره معلق برغبتهم في المسالمة أو الصراع لكنهم وكما عودوه دائما يجنحون إلى الصراع لأنهم متأكدون أنهم سيكسبون المعركة منذ اللحظة الأولى لبدايتها ولأن المعركة والنتيجة المروعة التي تنتهي إليها تسبب لهم سعادة تهز قلوبهم من الأعماق”
“أنا رجل بلا امرأة.. بلا حقل للقمح.. بلا كرة للعب .. بلا ذكريات مضيئة.. بلا طريق للمستقبل .”
“للوهلة الأولى أدرك أنه أمام إنسان محطم تماما.. إنسان خلق ليتعذب حتى الموت.. لا يصادفه المرء كثيرا في الحياة.. خيل إليه أن هذا الإنسان ملحوم في أكثر من مكان لأن به عديدا من الشروخ وانه يمكن أن يتفسخ بين أصابعه بسهولة شديدة إذا لم يمسكه بحذر تام، لكنه لم يستطع للحظة خاطفة أن يقاوم رغبة شريرة آثمة في أن يضحك من هذا الإنسان الغريب الملامح كأي رجل آخر في العالم.. هذه الرغبة التي لا يمكن مقاومتها.. الإنسانية تماما”
“هذه إحدى ميزات الوسامة الشديدة.. أن يصدقك كل الناس بينما أنت تكذب عليهم أما هو الإنسان القبيح المكروه من كل الناس فإن أحدا لن يصدقه حتى لو قال الصدق.. إنه متهم من كل الناس بالكذب.. مشكوك فيه دائما لأنه غريب وقبيح”
“أتصور لو أنني رأيت الإله في لحظات الحزن الفظيعة في حياتي لما ترددت في إطلاق الرصاص عليه، فما صنعه هذا الإله بي يعتبر جريمة لا يمكن اغتفارها.. لو أن الغزاة قدموا إلى مدينتي الميتة القلب لفتحت لهم الأبواب.. لما رفعت سلاحا ضدهم لا لشيء إلا لأنهم يحملون الإذلال والعار للناس الذين أكرههم من أعماقي”
“مشكلة الإنسان القبيح في رأيي ليست هي إحساسه بالاختلاف عن الآخرين لكن في ذلك التربص القائم به من جانب هؤلاء الآخرين.. تضخيم المشكلة أمامه بصورة تدعو إلى اليأس المطلق وإلقاء السلاح.. تدعو إلى كراهية الناس واعتبارهم مصدر تعاسته الحقيقية.المشكلة هي الإذلال الدائم له.. تذكيره دائما بناحية قصوره الخاصة.. النظر إليه باستغراب شديد إذا ما حاول أن يمارس الحياة كشخص عادي متمالك لحواسه الخمسة وهنا يقع الناس في أغرب تناقض متصور.. إنهم يعتبرون القبيح إنسانا عاديا تماما ولكنهم في نفس الوقت يستنكرون منه بشدة أن يمارس حياة الإنسان العادي".”
“القبح يستفز مشاعر الآخرين العنيفة.. كل حاستهم النقدية الساخرة، فيوجهونها بضراوة عنيفة ناحية الإنسان القبيح قاصدين إهانته وتحطيم معنوياته.إنهم يقفون مدهوشين أمام ظاهرة غريبة لا يفهمونها.. ظاهرة تستفز كل مشاعر الكراهية فى داخلهم.. كل الثمار المُرة المأساوية التى يصبح القبيح ضحية لها فى نهاية الأمر.لكن إذا قلنا أن القبح هو إحدى العاهات التى تدمر حياة إنسان قبيح فالغريب أن الإنسان القبيح لا يحس بأى عجز جسمانى يمنعه من الإستمتاع الكامل بالحياة كالآخرين.. إنه فقط يحس بحاجز شفاف وغير مرئي يحول بينه وبين الإندماج فى الحياة.. حاجز من صُنع الأخرين الذين يضمرون له كل الكراهية والشر لمجرد أنه إنسان مختلف قبيح. لا تولد قبيحًا”