“أحد العلاجات التي يمكن تصوّرها لهذه الحالة هو العودة إلى "الصحافة العامة"، التي تؤكد على أهمية قيام الصحفيين بالعمل معا عن قرب أكثر داخل مجتمعاتهم، وحمل مسؤولية أكثر من مجرد التغطية الصحفية كلّما أمكن. فيمكن، على سبيل المثال، للصحيفة المحلية أن تضع نفسها في خدمة برنامج لتحسين البيئة، أو السعي نحو تحقيق مستويات أعلى في المدارس المحلية، ليس باللجوء إلى الطرق التقليدية للتحقيقات الصحفية الاستكشافية وعرض وجهات النظر المتضاربة وحدها، وإنما أيضا من خلال المزيد من التدخلات البناءة: نشر المعلومات العامة، وتنظيم المسابقات، والعمل مع المدارس، وغير ذلك. وتسعى الصحافة العامة إلى توسيع أجندة الأخبار، إلى ما وراء المنطقة المعروفة للجريمة، والاضطرابات الاجتماعية، والفضائح والترفيه. إنها تحتكم مباشرة إلى النبع الديموقراطي لحرية الصحافة: التي جاءت لخدمة احتياجات المواطن.”
“وقد استقرت روح (ميلتون) وراديكالية (بين) الخالصة في قلب الدستور الأمريكي وتعديله الأول الذي ينص على أن: "لن يصدر الكونجرس أي قانون يحد من حرية التعبير أو الصحافة"، وهو ربط على قدر كبير من الأهمية بين حق الفرد العالمي في حرية التعبير والحريات التي تتمتع وسائط الأخبار السائدة اليوم. وقد عزز توماس جيفرسون هذه المسألة عندما كتب في 1787، للكولونيل إدوارد كارينجتون أكثر العبارات لطفا في تاريخ الصحافة: "لأن حكومتنا ترتكز إلى آراء الناس، يجب أن تكون أولى الأولويات هي احترام هذا الحق؛ وإذا ترك لي تقرير ما إذا كان علينا أن نقيم حكومة من دون صحافة، أو صحافة من دون حكومة، فلن أتردد في تفضيل الاختيار الأخير".”
“وعندما اتخذت صناعة الإعلام اللندنية من فليت ستريت مقرا لها، ذلك الممر الذي يربط بين حي المال والأعمال في الشرق ومقر السلطة السياسية في الغرب، كانت تطالب بحقها في قاعدة فريدة للسلطة.”
“لكن المهمة الأساسية للصحافة ذاتها لا تتغيّر. فهي دائما تقديم المعلومات والأفكار التي تمكّن المجتمعات من العمل في ظل الخلافات؛ لتأسيس حقائق متفق عليها وإدراك أولوياتها. وهو عمل لا يمكن ممارسته بكفاءة إلا إذا أنجز بأسلوب وتأثير: عندما يكون انسياب الكلمات والصور متتابعا، ونقيا. وعلى عكس الشعر، الذي يرى (و.ه.أودن) أنه "لا يجعل شيئا يحدث" و "يعيش في وادٍ من صنعه، لا تأثير للمديرين عليه أبدا"، تنطلق الصحافة إلى العالم وتستوجب الاستجابة. ولن يتوقف المديرون والساسة أبدا عن التدخّل في عمل الصحفيين.”