“بَرْدَانِ يشتعلانِ فينا لم نذق من غابر الأيام غيرَ الهَمْ موسى القصيدةُ والشعورُ اليَمْ .. إذ وحدهُ الشعرُ الذي يصحو إذا هدهدتهُ وهمستَ : نَمْ هذا الضجيجُ مضرجٌ بنزيفِ ذاكرةٍ فعطرُ الوردِ أحياناً كـ " دَمْ "..”
“خارجاً من وحشةِ البيداءِ وحدي عائداً منّي إليّ .. خائفاً والوقتُ يمضي دونَ حلوى في يديّ .. صامتاً والحبرُ يصهلُ والنوى ولدٌ عصيّ .. ساكناً كالبحرِ ليلاً في حشاهُ صدى دويّ .. حائراً والنومُ أثقلُ من جفونِ فتىً شجيّ .. ! زاهداً والكونُ من حولي بدمع الطيبينَ ثريّ شاعراً لا شيءَ يتبعهُ سوى قلبٍ نقيّ ..!”
“جمرٌ على قلبي وليلٌ خاشعٌ من فرطِ مَنْ يبكونَ صارَ دليلا .. تكفي نوايا الطيبينَ لكي تضيءَ بكلِّ جفنٍ متعبٍ قنديلا .. وحدي عرجتُ من الضجيج لرعشةٍ حقنَتْ دمائي لوعةً وصهيلا .. للسائرينَ على الجروحِ رمادُهُمْ وليَ القصيدُ ولو رأوهُ قليلا ..”
“ماذا أصابكَ فجأةً ؟ لتقولَ : إنّي أرجفُ وأقولُ : إنّي لم أزلْ أتأسفُ .. أنا آسفٌ فليَ الدموعُ وأنتَ ترحلُ لي القصيدةُ بينما في صدركَ الموجوعِ قلبٌ ينزفُ .. أنا لن أصدّقَ أيَّ شخصٍ سوف ينطق أنَّ قلبكَ ربّما يتوقفُ .. سيخيبُ سجانوكَ حين تقول أمّكَ : ذبتُ شوقاً / إنّما ربّي رحيمٌ يعطفُ يارب إنّك من سياط السجن والموت المؤقت ألطفُ ..”
“الراجعونَ إلى الغيابِ تفقدوا ثُقباً بجاكيتِ الوريدْ ما أثقلَ الألبومَ حينَ يُصافحُ الذكرى بكفٍّ من حديدْ خَسِرَتْ معابِرُنَا وقد رَبِحَتْ دموعَ الطيبينَ بِكُلِّ عيدْ !”
“يا ربِّ إنّي اشتقتُ لَكْ .. ياربِّ هذا القلبُ لكْ .. ياربَّ إنْ أخطأتُ فاصفحْ ياربِّ هذا الملحُ يجرَحْ .. ياربِّ إنّي قد تذوقتُ العناقيدَ التي في الشعرِ حينَ أذقتني إياها .. كنتُ اختلفتُ عن الذينَ تأمّلوا في الغيمِ , عن كلِّ الذينَ رأيتهم يمشونَ صبحاً في الطريقْ لم أمشِ يوماً في الصباحِ وحيدةً إلا ويأسرني الشرودْ .. ما اخترتُ يا ربّي القصيدةَ منزلاً إلا لأكسرَ ما يُسَمَّى بالحدودْ .. قد كنتَ وحدكَ تعرفُ الروحَ التي جمحتْ وأرهقها الصدودْ .. قد لا أسافرُ قد أسافرُ ذاتَ يومٍ قد أغيبُ وقد أعودْ .. ! يا ربِّ وحدكَ عارفٌ بالأمنياتِ بكلِّ ما في الصدرِ من وجعٍ وحُبّْ .. وبكلِّ ما في الدربِ من سهلٍ وصعبْ .. ياربِّ هذا القلبُ لَكْ .. ياربِّ إني اشتقتُ لكْ ما كان ذنبي أنَّ هذي الروحَ جامحةٌ وأنَّ القلبَ شاعرْ .. ما كانَ ذنبي أننّي حدّقتُ في جرحي وقدّستُ المشاعرْ .. ما كان ذنبي أننّي أحسستُ أكثرْ وبكيتُ أكثرْ .. ياربِّ هذا القلبُ لكْ ياربِّ إنّي اشتقتُ لكْ”
“وانهمرتَ الآنَ قربي حاملاً في الكفِّ " نايا " كالرُعاةِ الحالمينَ كعاشقٍ يخشى بُكَايا .. عارفاً بعظيمِ حبّي كاشفاً سِتْرَ الخفايـــــا ليسَ سرّاً أنْ أحبّكَ أنْ أُسمّيكَ " هوايا " إذْ تمرُّ , تمرُّ رطباً والحرائقُ في دِمَايا .. يا شتاءَ العاشقينَ ليسَ رفقاً بالحنايا بل بقلبِ الشعراءِ وبذاكرةِ الزوايا كيف تفعلُ كلَّ هذا بأحاسيسِ البرايا .. ؟ كيف تشعلُ شمعةً وتثيرُ أحزانَ الصبايا .. كيفَ تغوينا لنفتحَ كلَّ أقفالِ النوايا .. ؟ كيف تجعلُ كلَّ هذا الوردِ ينمو في الخلايا .. ؟ وانهمرتَ الآنَ قُربيْ تاركاً بعضي " شظايا " .. إذْ تمرُّ , أحسُّ قلبي طيّباً وبلا خَطَايا .. يا رفيقي لو عرفتَ الروحَ لم تعشقْ " سوايا " ..”
“طريقتنا في الكلامِ غناءْ تأرجحنا في القصيدِ " بكاءْ " على سعةِ الأرضِ في لحظةٍ قد تضيقُ علينا على ضيقِ أوراقنا في الكتابةِ تحنو علينا .. !”
“الليلُ سجّانٌ وفي كفّيهِ وردةْ شجرٌ يجفُّ بلا مواعيدِ المودّةْ يجتاح صدرك بردهُ ويجيءُ مبتسماً بحدّةْ”
“اللهُ يعرفُ حزنَ النفسِ إنْ طرقتْ بابَ السماءِ , فلم تُشْبِهْهُ أبوابُ”
“الشوقُ في قلبي ملاكٌ لا يموتُ ولا ينامْ في رقعة الشطرنجِ بدلتُ الحصانَ إلى حمامْ فالخيلُ مهما سابقتْ في الريحِ لن تصلَ الغمامْ !”
“تمنّى .. بأن يجدَ الجائعونَ رغيفاً من الخبزِ يكفي لكي يسقطَ الملحُ دونَ إثارةِ موقدهِ في الجفونْ تمنّى .. بأن تحضنَ الأمُّ مَنْ أخذتهُ من الحضنِ جنديّةٌ ثمَّ ألقتهُ في ظُلُمَاتِ السجونْ ! تمنّى .. بأن يرجعَ الراحلونْ وأنْ ينزلَ المطرُ الآنَ كي يغسلَ القلبَ من وجعِ الحزنِ إنْ عذّبتهُ الظنونْ .. ! تمنّى الحياةَ لأطفالِ درعا وهُم دونَ ذنبٍ بسكّينِ شبّيحهم يُذبَحُون .. تمنّى .. وإنْ أثقلتكَ الأماني وحاصركَ اليائسونْ ..”
“بكاؤكَ ليس من مِلحٍ فدمعُ الحُرّ من سُكَّر وأهلا مشعلاً.. قُلتها ألفًا وقلبي قالها أكثر نُباركُ خَطْوَكَ الميمون حين تُرابنا أَزهر أنرتَ بلادكَ الأولى بلادَ النصرِ والمحشر لأجلِ حماسٍ صار الدّمُ في أجسادنا أخضر”
“كم أنني أشتاقُ لي .. في انتظارِ الظامئينَ لغيمةٍ مرّتْ كأمٍّ لا تجفُّ إذا احتوتْ أطفالَها وبظلِّ بائعةٍ تحاولُ أن تبيعَ الوردَ حين تغافلَ النسيانُ لم يسألْ على أحوالها ! كم أنني أشتاقُ لي .. في صمتِ عازفةٍ تغنّي دونَ صوتْ .. تهتزُّ أشجارُ الطبيعةِ كلّها وكأنّها تصغي لِمَا غنّتْ , فبعضُ الجرحِ لا يُشفَى إذا غنيَتْ ! يزدادُ ملحُ البحرِ حين يزورهُ الفقراءُ دونَ ملاءةٍ أو زيتْ .. ! يزدادُ نزفكَ في هدوءِ العابرينَ على ارتعاشكَ دونَ أن يدروا بأنّكَ أنتْ .. ! كم أنني أشتاقُ " لي ”
“وضعوهُ في ثلاجةِ الموتى وكانَ كملمسِ النارنجِ دافئْ عامانِ .. لم يعرف من البحر العميقِ سوى مداعبةِ الشواطئْ وبرغم كلِّ ضجيجِ من ناحوا عليهِ تراهُ مبتسماً وهادئْ طوفانُ هذا الحزنِ عاتٍ إنّما لدموعِ والدهِ موانئْ أبكي .. ولو تدرينَ أدري قسوة الفقد الدنيءْ يا نورُ كم أنّت محاجرنا وكم رجفتْ بلا قمرٍ يضيءْ تبقّى تعزّينا القضيةُ كلّما ضاقتْ على القلبِ البريءْ متوجعانِ من الحروبِ ومن نزيفِ الروحِ إشراقٌ يجيءْ .. !”
“إقصفْ فإنَّ النصرَ ممهورٌ يُزَفُ لنا بفستانِ العروس قُصِفَت منازلنا , ومازالت حجارتنا تعلّمكم ملايينَ الدروس لا ناقةٌ قُتِلَت ولا دسّت لتشعلَ حربها فينا البسوس أفخايُ : حان حصادنا منّا المناجلُ منكمُ ثمرُ الرؤوس”
“شَكَتْ لي أنّها وترٌ حزينٌ وأنَّ كمانها ما عادَ يشدو ! وأنَّ ذبولَها يُعيي المرايا على الخدّينِ مقبرةٌ ووردُ وأنَّ هلالها الولدُ الصغيرُ يشيخُ .. كأنّهُ في العمرِ جَدُّ ! يعزّي الناظرينَ إذا رأوها بقايا حمرةٍ ذابتْ وخَدُّ وقد أعيت كؤوسَ الثلجِ دفئاً فأعياها بعيدَ الدفءِ بردُ .. توجعَ شاطئٌ سارت عليهِ .. وبللَ خطوها الموجوعَ مَدُّ تجفُّ الروحُ ليسَ الماءُ يحيي سنابلَ قلبها والطينُ صَدُّ أقول لها : أقلّي الحزنَ ليلى تقولُ : لصبرنا في الحبِّ حدُّ .. !!!”
“أنا كيفَ لا أهواهُ ؟ والحبُّ اشتعالُ الروحِ مذ بدأتْ تخاليقُ النطفْ حتّى النخيلُ يحنُّ لو يدرِ النخيلُ لشدّهُ من ثوبهِ حينَ ارتجَفْ يبكي إليهِ الجذعُ منكسراً وكَمْ في صدريَ المشتاق من جذعٍ نزَفْ ! لو لم يكن في الأرضِ إلا خطوهُ لكفى الجياعَ قليلُ أوراقِ السعفْ ! لو أنّهم يدرونَ ؟ كم من غيمةٍ هرعت إليهِ تظلّهُ حين انعطَفْ كيف استطال سجودهُ , خوفاً عليهِ من الوقوعِ صغيرُ ابنتهِ الأخَفْ ترك الحسينَ وقد تعلّقَ فوقَهُ خشيَ الوقوفَ وقد أظنّوه أزفْ لكنّهُ القلبُ الذي في جوفهِ رجلٌ على كلِّ الخليقةِ قد عطفْ ماذا أقولُ لهُ : حبيبي ؟ بلْ أرقُّ عليَّ حين أضيقُ من مطرٍ ندَفْ ولكَم أتوقُ لرشفةٍ من كفّهِ يروى الفؤادُ إذا براحتهِ ارتشفْ !”
“بروحيَ توقٌ وتوقٌ وتوقْ يقولونَ : أعلى أقولُ : وفوقْ .. ! ولو تعلم الأرضُ سرَّ الحنينِ لفكَّتْ وثاقيَ من فرطِ ( شَوقْ ) وسافرتُ أنّى أريدُ كطيرٍ وكبّلتُ كلَّ الحدودِ بطوقْ”
“سلامٌ على سُلَّمٍ خشبيٍّ أثارَ حفيظةَ صَمْتِ الحديدْ وكلُّ وليدٍ بنا ثائرٌ وكلُّ شهيدٍ بنا كالوليدْ سلامٌ على تمتماتِ الرياحِ فليست تُجَنُّ , وليست تَحِيدْ وتقرأُ همسَ المآقي لها فتحملُ من حَرْمِ القُدْسِ ( عيدْ ) سلامٌ عليها وقد أينعتْ كتينٍ شهيٍّ بكفِّ الشريدْ تحنُّ القلوبُ لها مُذْ عرفنا طقوسَ القرابةِ ليستْ جليدْ وإنْ وضعوا بندقيّةَ زيفٍ على كلِّ رأسٍ وفي كلِّ جيدْ وإن صنعوا ألف جُدْرٍ كهذا وإن طوّقونا بطَوْقٍ شديدْ بلادي نحبّكِ وصلاً وبُعداً يحاصرنا في ممرِّ الوريدْ .. !”
“سلامٌ على امرأةٍ ودّعت إبنها للقتالِ وراحتْ تُعِدُّ الأملْ سلامٌ على كرزٍ فاحَ من مئزرِ الشهداءِ وألفُ سلامٍ على الطفلِ حينَ تزوّجُهُ الأرضُ زيتونها , وتُعطيهِ أوسمةً كالبَطَلْ .. !”
“عجزت يداه بأن تواري لحظةً أنْ كيفَ يُخفي في العيونِ سنينَهْ .. ؟! والعينُ تفضح سرَّ صاحبها إذا أخذته مقصلة الدموع " رهينة " !”
“الثلجُ ابنُ الماءِ والنارُ التي في خافقي أُمّي أنَا .. عامانِ لم نطفئْ لهيبَ الصمتِ بل زادتْ حرائقُ ( موتِنَا ) هَلْ زادَ فرطُ تصبّري أمْ أسرفَ الزمنُ الثقيلُ بِلَجْمِنَا !! حمراءُ يا وَهَجَ العيونِ وقد أُصيبَ الدمعُ لحظةَ ضَمِّنَا .. مَنْ يوقفُ الطوفانَ إن هطلتْ عليه سحائبٌ من حزنِنَا ما مسّنا وجعٌ وإلا في انتصافِ القلبِ نصلٌ حَزّنَا ..!”
“كَمْ قد ملَلْنا في اشتدادِ وضوحنا زمناً يُبدّلُ وجههُ بالأقنعةْ .. ! لِمَ كلُّ هذا الياسمينِ وليستِ الأيامُ إلا زهرةً متوجعَةْ .. !”
“في القلبِ نافذةٌ مُحَطَمَةٌ تُغطّي كَسْرَهَا بالكبرياءْ ! والقلبُ يعرفُ كيفَ ترتعشُ الأريكةُ بعدَ مائدةِ الجفاءْ والوقتُ لصٌ لم يزل يسطو علينا ثمَّ يفتعلُ الوفاءْ ! لا وَقْتَ للكُرهِ الخفيفِ فنحنُ من طينٍ وإنَّ الحبَّ ماءْ !”
“إذا لم تُعَلّم عصافيرَ روحكَ كيفَ تطيرُ .. فكمْ كُنْتَ قبرَكْ .. ! هنالك متسعٌ للحياةِ وأنت تمدُّ يديكَ لتُطْعِمَ ثَغْرَ الفراشاتِ عِطْرَكْ .. !”
“لا تبتئسْ إن غارَ خنجَرُهُم بصدركَ قل لهمْ : شكراً وخفِّفْ قسوتَكْ !”
“يا كربلاءُ تعبتُ ماذا لو أعرتيني قليلاً من دموعكِ في مزاراتِ الحُسَينْ يا كربلاءُ الليلُ أسودُ حالكٌ والحبُّ مدفونٌ كجُثَّةِ عاشقَينْ ! والقبلةُ الأولى تَأذّتْ من مرورِ رصاصةٍ قبل اكتمالِ الرعشتينْ ما كلُّ هذا الموتِ ما ... ؟ حتّى القبورُ توسعتْ فترى بأنَّ على صدورِ الأمهاتِ نمت من الحزن المُعقّدِ وردتينْ ! ما ذنبُ عصفورٍ دمشقيٍّ يغنّي كي يُوارَى صوتهُ في طلقَتَينْ ما ذنبُ هذا الياسمينِ على جدارِ المنزلِ القرويِّ أنْ يذوي ولم ترجفْ بهِ بعدُ الصبايا لمْ تُعَلِقْهُ السماءُ كنَجْمَتَينْ ما ذنبُ أمٍّ أن تضمَّ صغيرها المفقودَ صورةْ .. ؟! وتعيشَ بَيْنَ جنازتينْ ! ضَعْ قُبلةً أخرى ليرتعشَ الجَسَدْ ضَعْ قبلةً أقوى , فقدَ مات الولدْ .. !”