“و كانت عائشة كثيرا ما ترددقولها :" غضبت لكم من سوطعثمان ، أفلا أغضب له من سيوفكم؟!" و لهذا فقد دفعهم هذا الشعور بالتقصير و الإحساس بالذنب إلى ما أداهم إليه إجتهادهم وهو النهوض للقصاص من قتلة عثمان رضى الله عنه، و هو إن كان اجتهاداً جانبه الصواب ، إلا أن ذلك لا يقدح في شخصياتهم فالصحابة ليسو معصومين من الخطأ و هم لم يكونوا يتعمدونه أو ينوون به شراً”
“إن هذه الافتراءات تبين بجلاء ذلك الحقد الدفين الذي انطوى عليه قلوب هؤلاءالخوارج من الموتورين و الأعراب الأجلاف حتى ظنوا أنهم أعلم بالدين و الكتاب و السنة من عثمان رضى الله عنه و هو من السابقين الأولين الذين عاصروا الدعوة من بدايتها”
“لقد كان القصد من دراسة الفتنة في عهد عثمان بيان أهم جوانبها وملابساتها و دوافعها و دلالاتها، حتى يمكن معرفة الصلة بين تلك المؤامرة و مجريات الحوادث في تاريخ الدولةالأموية، فلقد ألقت حركةالخوارج في عهد عثمان بظلالها الكثيفة على مالحقها من أحداث في الدولة الأموية . بل في ناريخ الأمةالإسلامية حتى يوم الناس هذا.”
“أقسم عثمان على حراس الدار أن يعودوا إلى منازلهم ، كره -يرحمه الله- أن تراق من أجله محجمة دم، و هكذا لم تزايله رحمته و بره بالمسلمين حتى في هذه اللحظات العصيبة. فقرر أن يلقى مصيره وحده، و قد ظن أن ذلك سيجنب المسلمين إراقةالدماء و هو لا يعلم أن تضحيته بنفسه سوف تكون بداية لإراقة دماء غزيرة ، و فاتحة لمأساة دموية بين المسلمين.”
“لقد كان ابن السوداء يمثل تيارا خفيا خطيرا يعمل بتخطيط محكم ، و تدبير خبيث لتدمير الدولةالإسلامية، و لقد صادف هذا التدبير الماكر أرضا خصبة بين العرب الذين أسلموا متأخرين ،و كانوا لا يزالون متأثرين بعصابيتهم وبداوتهم، يأكلهم الحقد على شيوخ الصحابة الذين أصابوا- بسبقهم إلى الإسلام و جهادهم- مغانم شرعية، و مناصب في الدولة ، فأراد هؤلاء الأعراب أن يكون لهم مثلها بلا سبق ولا جهاد، كما كان منهم الموتورون بسبب ما أقيم على بعض أقربائهم من حدود شرعية”
“ثم قال -يقصد ابن سلبأ- لهم بعد ذلك: إن عثمان أخذها بغير حق، وهذا وصى رسول الله صلى الله عليه وسلم فانهضوا في هذا الأمر فحركوه ، و ابدؤوا بالطعن على أمرائكم وأظهروا الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر فإنكم تستميلون بذلك قلوب الناس”
“كان ابن سبأ يهوديا من صنعاء ، و كانت أمه سوداء ولهذا قيل له "ابن السواء" . و قد كان هذا اليهودي يمتلئ حقدا على الإسلام والمسلمين فبيت في نفسه أمراً لتخريب دولةالإسلام”
“ابْن تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللهُ: « لَا نعرفُ قَبِيلَةً مِنْ قَبَائلِ قُرَيْشٍ فِيهَا عُمَّالٌ لرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَر مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ؛ لأنّهم كَانُوا كَثِيرين، وَفيهم شَرَفٌ وَسُؤْدُدٌ”
“وخلاصة القول أن ولاةعثمان كانوا من خيرة أكفاء الرجال و إذا ما تجاوزنا تلك الهنات التي قلما يسلم منها إنسان أيا كان موقعه فإننا لا نجد عند واحد منهم ما يقدح في دينه و أمانته في خدمة الإسلام والسهر على رعاية دولته”
“و كتب إليها :" بسم الله الرحمن الرحيم: أما بعد، فقد أمّرت عليكم من اخترتم وأعفيتكم من سعيد، ووالله لأفرشنكم عرضي ولأبذلن لكم صبري، ولأستصلحنكم بجهدي، فلا تدعوا شيئا أجبتموه لا يعصى الله فيه إلا سألتموه، ولا شيئا كرهتموه لا يعصى الله فيه إلا استعفيتم منه أنزل فيه عندما أجبتم حتى لا يكون لكم عليَّ حجة"فهل هناك ديمقراطية -في القديم أو الحديث- توخاها حاكم فصنع مثلما صنع الخليفة عثمان نعأهل الكوفة، حيث لم يدع طريقا يؤدي إلى صلاحهم إلا التزمها”