“فنحن بصدد زحف شئ اخطر من مجرد الانفتاح او الرأسمالية او التغريب , وهو تحويل كل شئ خطوة بخطوة , ليصبح محلا للبيع والشراء , حتي روح الإنسان نفسه”
“يبدو أن مصر تدفع دائمًا ثمنًا عاليًا لنموها الاقتصادي والاجتماعي. فهي بقدر ما تحدث من تغيير في هيكلها الاقتصادي وتركيبها الاجتماعي، وتعيد تنظيم علاقاتها الاجتماعية، كلما تورطت في مزيد من تقليد الغرب. وبقدر ما يتدفق عليها الدخل بقدر ما تفقد نفسها. وليس هذا نفسه إلا ثمن موقع مصر من العالم وأهميتها في المنطقة العربية”
“قد يلجأ المرء لاكتساب هذا الشعور أو تأكيده إلى ارتكاب كثير من الصغائر، فكثير جدًا من ميلنا إلى التقليل من شأن الآخرين، بما في ذلك الإمعان في انتقاد الناس من وراء ظهورهم، والمبالغة في تضخيم أخطائهم الصغيرة، والتغاضي عن حسناتهم، والميل إلى رؤية عيوب الآخرين بدلًا من حسناتهم، كل هذا يؤكد لنا شعورنا بأننا "ذو قيمة"، وذلك عندما يعز علينا أن نكتسب هذا الشعور من أي طريق آخر غير التقليل من قيمة الآخرين.”
“لقد ردد بعض المعلقين على أزمة مصر السياسية القول بأن أصل المشكلة يرجع إلى افتقار المجتمع والسلطة السياسية إلى مشروع حضاري أو قومي، وهي عبارة فضلًا عن غموضها قد تخفي من الحقائق أكثر مما تكشف. فالحقيقة هي أن لكل فرد مشروعه ولكل طبقة مشروعها، ويندر أن يفتقر الفرد أو الطبقة إلى مشروع للصعود والترقي. والمجتمع بأسره يتحدد مشروعه للترقي بمشروعات الطبقات المسيطرة أو الأكثر تأثيرًا. فالشكوى إذن لا يجب أن تكون من افتقاد مشروع للنهضة بل من تغير مضمونه بتغير الطبقات المؤثرة، إذ أصبح مشروع المجتمع المصري، إذا جاز هذا التعبير، هو مشروع الطبقات المهمومة بالرقي المادي وتثبيت وضعها النسبي الجديد. في سبيل تنفيذ هذا المشروع تندثر المشروعات القديمة القائمة على الاعتزاز بالكرامة الوطنية والتضامن مع بقية العرب ومع قضية الفلسطينيين، إذ لا يبدو أن في الوقت والجهد متسعًا للانشغال بهذا وذاك.”
“عندما تبدو لنا السلطة السياسية وكأنها مشغولة عن القضايا القومية بأمور تكنوقراطية بحت، كإعداد الخطة وإصلاح المجاري وتنظيم المرور، فالأمر لا يرجع فقط إلى مجرد فرض الإرادة الخارجية عليها، وإنما يعكس أيضا تحولات نفسية للممثلين السياسيين لتلك الطبقات الصاعدة التي انصرف اهتمامها إلى مثل هذه الأمور. وعندما تجد الناس يميلون أكثر فأكثر إلى فهم الديمقراطية السياسية لا بمعنى حرية تكوين الأحزاب وحرية الاختلاف حول كامب ديفيد أو العلاقات الخارجية أو العربية، بل بمعنى الكشف عن انحراف وزير، أو الاستجابة لمطلوم في ترقية، أو حق المناداة بسيولة المرور وتوصيل المياه إلى الأدوار العليا، فالأمر هنا أيضا يعكس اهتمامات طبقات تعتبر مثل هذه القضايا اليومية أهم مشاغلها ومصدر قلقها.”
“لقد ظللت فترة طويلة لا أستطيع خلالها أن أتصور كيف يمكن أن تعيش أى أم أو أب عند فقد الابن أو البنت , أو كيف يستمر العاشق الولهان فى الحياة بعد فقد حبيبته .. الخ. ولكنى صادفت بعد ذلك , المرة تلو المرة , مابين لى خطئى , إذ وجدت قدرة الإنسان على التأقلم مع أشد الأحداث إيلاما أكبر كثيرا مما كنت أتصور.ومع مرور بضعة أيام على هذا الحادث , تأكد لى هذا أكثر فأكثر , وكانت النتيجة مزيجا من الارتياح والفزع فى نفس الوقت . الارتياح لأن الألم أقل بكثير مما كنت أتوقع , والفزع من حجم القسوة التى تبين لى انها كامنة فى الجميع , بدرجة أكبر بكثير مما كنت أظن .”
“لا زلت أشعر ببعض الألم ووخز الضمير حتى الآن، كلما تذكرت منظر أبي وهو جالس فى الصالة وحده ليلا، فى ضوء خافت، دون أن يبدو مشغولا بشيء على الإطلاق، لا قراءة ولا كتابة، ولا الاستماع إلى راديو، وقد رجعت أنا لتوي من مشاهدة فيلم سينمائى مع بعض الأصدقاء. أحيي أبى فيرد التحية، وأنا متجه بسرعة إلى باب حجرتى وفى نيتى أن أشرع فورا فى النوم، بينما هو يحاول استبقائي بأي عذر هروبا من وحدته، وشوقا إلى الحديث فى أى موضوع. يسألنى أين كنت فأجيبه، وعمن كان معى فأخبره، و عن اسم الفيلم فأذكره، كل هذا بإجابات مختصرة أشد الاختصار وهو يأمل فى عكس هذا بالضبط. فإذا طلب منى أن أحكى له موضوع الفيلم شعرت بضيق، و كأنه يطلب منى القيام بعمل ثقيل، أو كأن وقتى ثمين جدا لا يسمح بأن أعطى أبى بضع دقائق.لا أستطيع حتى الآن أن أفهم هذا التبرم الذى كثيرا ما يشعر به شاب صغير إزاء أبيه أو أمه، مهما بلغت حاجتهما إليه، بينما يبدى منتهى التسامح وسعة الصدر مع زميل أو صديق له فى مثل سنه مهما كانت سخافته وقلة شأنه. هل هو الخوف المستطير من فقدان الحرية والاستقلال، وتصور أى تعليق أو طلب يصدر من أبيه أو أمه وكأنه محاوله للتدخل فى شئونه الخاصة أو تقييد لحريته؟ لقد لاحظت أحيانا مثل هذا التبرم من أولادى أنا عندما أكون فى موقف مثل موقف أبى الذى وصفته حالا، وإن كنت أحاول أن أتجنب هذا الموقف بقدر الإمكان لما أتذكره من شعورى بالتبرم و التأفف من مطالب أبى. ولكنى كنت أقول لنفسى إذا إضطررت إلى ذلك “إنى لا أرغب فى أكثر من الاطمئنان على ابنى هذا، أو فى أن أعبر له عن اهتمامى بأحواله ومشاعره، فلماذا يعتبر هذا السلوك الذى لا باعث له إلا الحب، و كأنه اعتداء على حريته واستقلاله؟”
“فى ظل الهيمنة الامريكية. الولايات المتحدة وإسرائيل على إستعداد لأن تفعلا المستحيل من أجل تخريب التنمية ، وتعطيل التطور الديمقراطى ووضع العراقيل فى وجه إصلاح التعليم والثقافة وفى طريق تحقيق اى صورة مجدية للتعاون العربى او الوحدة العربية . يؤيد هذا الاستنتاج ان العرب (مثل غيرهم من الامم )كانوا يثبتوا قدرتهم على التقدم فى مختلف الميادين بمجرد ان تتاح لهم ظروف دوليةمواتية. حدث هذا مرة فى عهد محمد على ومرة فى عهد عبد الناصر. ولكن الفترتين كانتا للأسف قصيرتين للغاية، فلم تدم فى عصر محمد على أكثر من ثلاثين عاما ، بأقصى تقدير (1810 -1840 ) ولم تدم فى عصر عبد الناصر ، بأقصى تقدير أيضا على 11 عاما( 56- 1967 )كان التقدم فى مختلف الميادين الاقتصاد والتعليم والثقافة والاصلاح الاجتماعى مدهشا بكافة المقاييس فما الذى حدث بعد ان بدأت الولايات المتحدة تمارس قبضتها القوية ؟”
“مهما كانت الكذبة كبيرة ، فيكفي أن تكررها عددًا من المرات، وبإلحاح وصوت مرتفع ،حتى يصدقك عدد كبير من الناس”
“من الأمثلة القليلة التي لا أزال أتذكرها مما قرأته في طفولتي وصباي ، يلفت نظري كم كان المرء مستعدا في تلك السن لأن يضرب الصفحعن أي أحداث غريبة و غير معقوله في مقابل أن يحصل على الحد الأقصى من الإثارة”
“إن كل من عرفته في حياتي يهنئ نفسه على شيئ ، ولكن سعيد الحظ حقا هو من يتوفر فيه بالفعل ما يهنئ نفسه عليه.”
“العامل فى ظل الرأسمالية كان يخضع لكلا النوعين من القهر ، القهر كمنتج ، حيث يقتطع الرأسمالى جزءا من قيمة عمله لحسابه ، والقهر كمستهلك حيث يجبر على شراء سلع بأعلى من قيمتها الحقيقية ، وهو يقبل النوع الأول من الاستغلال تحت الضغط المادى او الاقتصادى المتمثل فى خطر الجوع والبطالة ، وهو يقبل النوع الثانى من الاستغلال تحت الضغط العقلى اوالنفسى المتمثل فى حملات الترويج والدعاية لمختلف انواع السلع”
“نحن نعرف أشخاصاً واسعي المعرفة و بعيدين كل البعد عن الحكمة ، و أن الحكمة كثيراً ما تكون مطلوبة أكثر من المعرفة ، بل و إن كثرة المعرفة قد تؤدي هي نفسها إلى قلة الحكمة ، إذا كانت من نوع المعرفة التي "لا تنفع الناس" ، أو إذا أدت كثرتها إلى اختلاط الأمور أمام صاحبها فأضعفت قدرته على التمييز بين النافع و الضار.لا يمكن إذن في تحديد الهدف الاكتفاء بكم المعرفة بل لا بد من التطرق إلى نوعها .”
“فلتقل لى ما تفسيرك للدين، أقل لك أى نوع من الناس أنت . قل لى مثلا هل تعتبر مد عقود الايجار سنه بعد أخرى لفلاح لا يملك مصدرا اخر للرزق، مخالفا او موافقا للشريعه الاسلاميه، و هل انت حريص أم غير حريص على ان تبحث فى آراء الفقهاء حتى تجد ما يحمى مصلحة هؤلاء الفلاحين بطريقه او بأخرى ، أقل لك اى نوع من الناس انت . أو فلتقل لى هل تعتبر الموسيقى حراما ام حلالا ، و هل تعتبر القبطى كافرا ام غير كافر، أقل لك اى نوع من الناس أنت”
“وقد رأينا فى مختلف عصور التاريخ، وسوف ترى فى مختلف عصور المستقبل، مفسرين للدين تهمهم مصلحة الناس ومفسرين لا يهمهم الا مصالحهم الشخصيه. رأينا أمثال الشيخ عبد الوهاب خلاف والشيخ على الخفيف والشيخ محمود شلتوت عليهم رحمة الله، لايهتدون الا بما يحقق مصالح الناس، ورأينا كذلك مرتكبى جرائم القتل فى ديروط وصنبور و ابوقرقاص واسيوط وامبابه والزاويه الحمراء ومصر الجديده باسم الدين أيضا، ولم يكن اولئك بأقل تدينا من هؤلاء”
“ذلك أن استمرار الشعور بالألم و تكرار الصدمات ، الواحده بعد الاخرى ، لابد أن يصيب المرء بشئ كالتبلد و فقدان الاحساس بالتدريج ، كوسيله لوقاية النفس من الانهيار التام ، و هو مابدأت ألاحظه على وجوه الناس فى الطريق ، وفى وسائل المواصلات العام ، و غلى الكتابات الصحفيه أيضا . شيئا فشيئا يبدو المصريون وكأنهم استسلموا لفكرة " لا شئ يهم "، "ولم يعد هناك مايمكن عمله" ، ولم تعد هناك فائده”
“ذللك إني اعتقد اعتقاداً راسخاً بأنه ليس هناك موقف فكري لا توجد وراءه دوافع نفسية من نوع أو آخر. ليس هناك رأى، مهما بدا لنا أنه عقلاتي وعلمي، إلا ووراء اعتناقه أيضاً، بالإضافة إلي الأساس العلمي والحجج العقلية، مشاعر وعواطف قد لا يكون لها أي أساس علمي أو عقلي بالمرة.”
“قد كان يعجبنى دائماً قول لماركس مؤداه إنه" كما أنك يجب ألا تصدق كل ما يقوله شخص عن نفسه، فإنك يجب ألا تقبل كل ما يصف به عصر نفسه".”
“إذا لم يكن في ذهن الشخص سؤال في الأصل، فليس هناك جدوي من إخباره بالإجابة.”
“في مجتمع غير منتج وإنما يعتمد علي أعمال الوساطة لا يمكن أن أغتني أنا و أنت في نفس الوقت، إذ لم ينتج شيء جديد يمكننا اقتسامه، بل يكون ثرائي علي حسابك وثراؤك علي حسابي، لأننا نتبادل السلع و لا نصنعها، والأمر يتوقف علي أينا أشطر من الآخر.”
“طبعاً كان هناك بعض الفساد وبعض الرشاوي، وكانت هناك بضع حالات لاستغلال النفوذ، ولكن هذا كله لم يكن قطعاً يشكل نمط الحياة في مصر في الستينات”
“لكل هذا أعتبر نفسي إنسان سعيد الحظ , إذ كانت الوظيفة التي أكسب منها رزقي تجلب لي كل هذا القدر من السرور و الرضا عن النفس. و لهذه الأسباب أيضا,أكثر من أي سبب مالي , لم أفكر في أن أستبدل مهنتي بأي مهنة أخرى. حتى المرة الوحيدة التي تركت فيها مهنة التدريس للإشتغال بعمل اخر , كمستشار للصندوق الكويتي, كان قي ذهني أنها تجربة مؤقتة لا يمكن أن تستنر طويلاً, و هذا هو ما حدث بالفعل.”
“من أكثر الكتب تأثيرًا في نفسي تلك التي "وجدت فيها نفسي"، أو التي اعطتني الحجج المنطقية أو الأسانيد التاريخية التي تدعم وجهة نظر كنت أتبناها قبل أن أشرع في قراءة الكتاب.قد يكون تفسير ذلك أن تغيير المرء لوجهة نظره ليس بالسهولة التي نظنّها عادةً، وأن وجهة النظر التي يتبناها المرء تنبع من مصادر لا علاقة قوية بينها وبين الحجج المنطقية والأسانيد التاريخية، وإنما تأتي هذا الحجج والأسانيد لتدعيم وجهة نظر تبنيناها من قبل، بناءًا على دوافع نفسية أو اجتماعية، أو لتدحض وجهة نظر كرهناها بناءًا على دوافع مماثلة.”
“كنت دائمًا ، ولا أزال، أعتقد أن الموقف الفكري الذي يتخذه المرء يتحدد إلى حد كبير بمزاجه الشخصي وميوله الدفينة، وأننا نبالغ في الظن بأن الموقف الفكري والعقائدي لشخص ما هو في الأساس نتيجة لتفكير عقلاني بارد، ومقارعة الحجة بالحجة، ومقارنة موضوعية رصينة بين ما للرأي وما عليه، بل هو على الأرجح، وفي التحليل الأخير، نتاج المزاج والأهواء والميول الشخصية. ليس معنى هذا أن المرء منّا ليس قابلًا أبدًا لتغيير رأيه وموقفه بناءًا على اقتناع بما لم يكن مقتنعًا به، أو مواجهته لحجج جديدة، أو اطلاعه على أدلة لم يكن على دراية بها، فكلنا يغيّر رأيه أحيانًا ويقتنع برأي جديد، ولكن هذا لا ينفي، فيما أري، أن مجمل عقيدة المرء وموقفه الفكري بوجه عام، واتجاه تفكيره وولائه، تتأثر إلى حد كبير، وربما في المقام الأول، بهذا الذي نسميه بالمزاج أو الميل الطبيعي.”
“لكن المصري أيضًا قد يزيد صبره عن الحد المقبول، فيقبل أكثر مما يجوز قبوله، وهو مجامل إلى حد الإفراط، وكثيرًا ما يفضل السكوت على الجهر بالحق طلبًا للسلامة أو كرهًا للعنف، وهو قليل الثقة بقدرته على تغيير الأمور وإصلاح ما فسد، يسرع إلى التسليم باستحالة الإصلاح وإلى الاعتقاد بأن الأمور ستظل على الأرجح على ما هي عليه مهما بذل من جهد، قانع أحيانًا إلى درجة فقدان الهمة، متسامح أحيانًا إلى درجة تجافي الشجاعة.”
“أما من سافروا إلى الخليج فقد صادفوا مشكلة من نوع آخر. لم يكن الشعور بالغربة قويا وممضا كما كان مع من هاجر إلى أمريكا أو إلى أستراليا... و إنما كانت المشكلة أن البلاد هناك ليست بلادا حقيقية، و إنما هى بلاد مصطنعة اختلقت اختلاقا،ومهما حاول المهاجر إليها تعويض ذلك بشراء المزيد من السلع ... مهما فعل ذلك فإنه لا يستطيع ملء الخواء النفسي الذى يتفاقم الإحساس به يوما بعد يوم”
“في حياة غيرنا؛ نحن نعيش عصر تغلب عليه العتمة والتضليل، وتسمية الأسماء بغير أسمائها، والتظاهر بغير الحقيقة، وحجب الحقائق بدلاً من كشفها، وهذا كله هو النقيض التام للشفافية، التي تفترض أن يكون السلوك كالزجاج النظيف؛ يعلن عن الحقيقة بدلاً من أن يحجبها. لقد بدأت أعتقد أن ترديد كلمة معينة أو شعارا مراراً وتكراراً معناه في الغالب أن ما يحدث في الواقع هو العكس بالضبط، وأن كثرة ترديد شعار ما سببها على الأرجح محاولة صرف نظر الناس”
“من الخطأ أن نتصور أن النظم الاجتماعية تسقط كما تسقط الحكومات بثورة أو انفجار، وتتغير كما تتغير الدساتير أو القوانين. النظم الاجتماعية تتغير وتتحول ببطء وبالتدريج. قد تطرأ عليها من التطورات ما قد يجعلها في النهاية شيئًا مختلفًا جدًا عمّا كانت عليه في البداية. وقد يحدث هذا دون أي ثورة أو انفجار، بل وربما حدث هذا والناس مستمرون في إطلاق نفس الاسم عليها، وكأن شيئًا لم يحدث.”
“هذا خطأ شائع نقع فيه جميعاً, فالظاهر أن من الصعب على ذهن المرء أن يميز بين جوانب الإنسان المتعددة, و أن من الأسهل بكثير أن يحكم على الشخص ككل, حُكما واحدا جاهزا, لا يميز بين جانب من فكر هذا الشخص و جانب آخر. و لعلّ هذا الميل الشئع لدينا في المحكم على الناس, هو الذي جعلنا نتراوح بين الحب الشديد لشخص ما في وقت من الأوقات, و السخط الشديد عليه في وقت آخر, بين التقدير البالغ لشخص, و احتقاره احتقاراً تاماً.”
“كنت في صباي ، وفي مقتبل الشباب ،أتصور ان ثمة ما يمكن تسميته "الحقيقه" ،أو "حقيقة الأشياء"، أو ان هناك إجابات نهائيه وحاسمه علي الأسئله المهمه التي تشغل بالنا،و أن كل ما نحتاج إليه لاكتشاف هذه الحقيقه أو هذه الاجابات النهائيه هو أن نقرأ الكتب والمقالات التي كتبها كتاب يتسمون بالحكمه،وأن نشاهد الأفلام والمسرحيات الجيده،وأن نستمع الي الموسيقي الرفيعه . هكذا كنا نظن !!”
“كثير جداً من ميلنا إلى التقليل من شأن الآخرين، بما فى ذلك الامعان فى انتقاد الناس من وراء ظهورهم، والمبالغة فى تضخيم أخطائهم الصغيرة، والتغاضى عن حسناتهم، والميل إلى رؤية عيوب الآخرين بدلاً من حسناتهم، كل هذا يؤكد لنا شعورنا بأننا "ذو قيمة " وذلك عندما يعز علينا أن نكتسب هذا الشعور من أى طريق آخر غير التقليل من قيمة الآخرين .”
“كان جمال عبد الناصر، كما وصفه الشاعر العراقي الجواهري (عظيم المجد والأخطاء). ولأنه كان عظيم المجد والأخطاء فقد أغضب الكثيرين.”
“فالهدف النبيل تماماً كالهدف الحقير، يمكن أن يلوي عنق الحقيقة، ويقدم تفسيرات خاطئة للتاريخ، ويضحي بموضوعية النقاش.”
“عندما أعود الان لتذكر كم بددت من أوقات كان يمكن أن تكون سعيدة فلم تصبح كذلك ، وكم أضعت من طاقة بسبب هذه المشاعر شديدة السخف والممعنة فى لا عقلانيتها ، يصيبنى الذعر من حجم الخسارة”
“فالخطر لا يكون إلا إذا اقترنت الكفاءة العالية والتكنولوجيا المتقدمة برسالة مرفوضة أخلاقياً أو سياسياً.”
“وعندما يكون الشخص فاقداً للإرادة فإننا لا يجب أن ننسب إليه فقط الأعمال الخاطئة التي يرتكبها بل ويجب أيضاً ألا ننسب إليه تلك الأعمال التي قد تبدو وكأنها أعمال وطنية.”
“ولكني أعتقد أن الدين نفسه يمكن أن يُفسر تفسيراً (فتياً) كما يمكن أن يُفسر تفسيراً (عجوزاً)، والتفسير الأول فقط هو الذي نريده.”
“من الذي قال إن من المستحيل أن يكون لنا نظام وطني يرفض الخضوع لإسرائيل والولايات المتحدة ويرفض في نفس الوقت الخضوع لتفسيرات لاعقلانية وإرهابية للدين تتخلى عن العقل وتُقيّد الحريات ؟”
“ولكن الحقيقة هي أن الذي يهددّ إسرائيل ليس هو اللاعقلانية في تفسير الدين، بل التفسير العقلاني للدين والسياسة والإقتصاد والمجتمع.”
“هناك أيضاً ممن يتظاهرون برفع شعار التنوير والعلمانية من هم أفاقون حقيقيون، لا يبتغون إلا تحقيق مصالح مادية رخيصة ولو على حساب الوطن وبقية المجتمع.”
“فإذا كنا نساق إلى حافة الهاوية، فدعونا على الأقل نتلكأ في السير، على أمل أن تحدث معجزة تُنقذنا من هذا المصير، ولا داعي مطلقاً للسير إلى حافة الهاوية مهللين ومصقفين.”
“ذلك أن إسرائيل ليست مجرد دولة، بل هي (مشروع)، وتَحقُق مشروعها يتضمن أضراراً محققة بالنسبة إليّ.”
“علينا أيضًا ألا نستسلم للظن بأن الوسائل القليلة المتاحة لنا الآن ستكون هي أيضًا كل المتاح لنا من وسائل في المستقبل.”
“إن المطلوب ليس إزالة عقبات صغيرة في طريق مسدود، بل الاستعداد لأول فرصة تتاح لنا لتغيير وجهة السير تغييرًا تامًا إلى طريق رحب ومفتوح.”
“قراءة التاريخ تؤكد لنا المرة بعد المرة، أن التاريخ نادرًا ما يسير في خط مستقيم، وأنه ملئ بالانحناءات والالتواءات المفاجئة.”
“من الصعب على الإنسان أن يعيش دون أن يحاول أن يتميز عن غيره.”
“إنه مع كل تحرر يحرزه الإنسان إذا به يقيد نفسه بقيود جديدة.”
“فالكلمة الجارحة قد تكون أشد إيذاءاً من الرصاصة ، وحرية الفرد في الكتابة لا بد أن يكون لها حدود مثلها مثل حرية الفرد في إطلاق الرصاص على الناس”
“لا يمكن لعاقل قط أن يذهب إلى حد الظن بأن هناك - في أي زمان ومكان - شئ اسمه الحرية المطلقة، حتى في شريعة الغاب: الذي يخرج على ما تعتبره الجماعة مقدساً توقفه الجماعة عند حده ، والمفروض أنه في المجتمع المتدين تقوم الدولة بمهمة التأديب اللازم لمن يؤذي الشعور العام.”
“ومهما فعلت الحكومة من أجل تأجيل الإحباط , فالإحباط قادم لا محالة . قالتوسع في القبول في الجامعات هو مجرد تأجيل للإحباط وليس منعا له , والتوسع في التجنيد ومد أجلة هو أيضا تأجيل أخر . والتوسع في التوظيف في الحكومة والقطاع العام بصرف النظر عن الحاجة الحقيقية له , قد لا يمثل في نهاية المطاف أكثر من تقديم إعانة بطالة لأفراد كانت آمالهم أكبر من ذلك بكثير .”