“وقوة عبدالناصر في شخصيته ، وشخصيته من النوع الذي يتكيف ويتغير حسب الظروف ، فهو مرة مع الشيوعيين ، ومرة مع الإخوان، وعشرات المرات ضد الجميع ومع نفسه”
“مشاعري معهم .. مع الإخوان .. رغم أنهم تخلوا عني و عن الديموقراطية و رفضوا أن يقفوا في وجه عبد الناصر إبان أزمة مارس , بل وقفوا معه و ساندوه , بعد أن اعتقدوا خطأ أنهم سيصبحون حزب الثورة , و أنهم سيضحكون على عبد الناصر و يطوونه تحتهمفإذا بعبد الناصر يستغلهم في ضربي و في ضرب الديموقراطية و في تحقيق شعبية له , بعد حادث المنشية .إن الإخوان لم يدركوا حقيقة أولية هي إذا ما خرج الجيش من ثكناته فإنه حتما سيطيح بكل القوى السياسية و المدنية , ليصبح هو القوة الوحيدة في البلد , و أنه لا يفرق في هذه الحالة بين وفدي و سعدي و لا بين إخواني و شيوعي , وأن كل قوة سياسية عليها أن تلعب دورها مع القيادة العسكرية ثم يقضى عليها .. لكن .. لا الإخوان عرفوا هذا الدرس و لا غيرهم استوعبه .. و دفع الجميع الثمن.و دفعته مصر أيضا .. دفعته من حريتها و كرامتها و دماء أبنائها .. فالسلطة العسكرية أو الديكتاتورية العسكرية لا تطيق تنظيما آخر , و لا كلمة واحدة , و لا نفسا و لا حركة , و لا تتسع الأرض إلا لها و لا أحد غيرها”
“العبارة الأخيرة التى قالها فاروق لى: "ليس من السهل حكم مصر". ساعتها كنت اتصور أننا سنواجه كل ما نواجهه من صعوبات الحكم باللجوء للشعب, لكننى الان أدرك ان فاروق كان يعنى شيئا اخر.. لا أتصور أن احدا من اللذين حكموا مصر أدركوه, وهو ان الجماهير التى ترفع الحاكم الى سابع سماء هى التى تنزل به الى سابع أرض .. لكن.. لا أحد يتعلم الدرس.”
“وقد دفعت أنا ثمن هذه الكلمة الخالدة "الديمقراطية" ودفع الشعب ثمنها أيضاّ...ولكني الآن لا أستطيع ان افعل المزيد، فقد هدتني الشيخوخة واقعدتني، وحاصرتني أمراضها، واصبح علي أن انتظر لقاء ربي بين لحظة وأخري..لكن..الشعوب التي تعوض شيخوختها بشبابها وماضيها بمستقبلها، تملك الفرصة الذهبية في تغيير واقعها السياسي والأقتصادي والإجتماعي..”
“عندما جئنا إلى معتقل المرج جاء إلي فاروق ليسألني باهتمام شديد :أبي , هل صحيح أنك كنت رئيساً للجمهورية ؟وتعجبت للسؤال ولكني ابتسمت لفاروق وداعبته وقلت له :نعم يابني , ولكن ما الذي جعلك تسأل هذا السؤال .. هذا تاريخ مضى وانقضى ولمحت دموعاً حائرة في عيني الصبي وهو يقدم لي كتاباً في المطالعة جاءت فيه هذه العبارة :"وجمال عبد الناصر هو أول رئيس لجمهورية مصر"رفعت المطابع اسمي من كافة الكتب , شطبوا اسمي من التاريخ .. بل وحاولوا أن يتعاملوا معي كأنني لم أوجد ولم أولد وكأنني كذبة أو خرافة أو إشاعة”
“قال عبد الناصر : لقد اتخذنا قراراً أرجو أن توافقنا عليه , وهو أن يأخذ كل عضو من أعضاء مجلس القيادة مبلغ عشرة آلاف جنيه وتأخذ أنت أربعة عشر ألفاً فيكون المجموع 134 ألف جنيه ,وقد طلبت من زكريا محيي الدين أن يحجزهم لنا من النقود الجديدة أحسست ساعتها بالغيظ وغلى الدم في عروقي وارتفع ضغطه في رأسي ولم أحتمل هذا الحديث فصرخت فيه : اسكت .. اسكت وأخذت أعنفه بشدة وأهاجمه على استباحة أموال الشعب لنا , ورفضت أن يخلط بين أموال الناس وجيوبنا الخاصة وكدت أطلب منه أن ينزل من السيارة فإذا به يضحك ضحكة عصبية ويرد علي وهو مرتبك : أنا كنت متأكد انك حترد بالشكل ده وبعد أن تماسك وملك نفسه قال :صدقني أنا كنت بامتحنك ولم أصدق بالطبع”
“ولا أريد أن أنسب لنفسي ما هو ليس لي , ولكن الحقيقة تقتضي أن أقول أني أول من أطلق عبارة "الظباط الأحرار" على التنظيم الذي أسسه جمال عبد الناصر وأنا الآن أعتذر عن هذه التسمية , لأنها لم تكن اسماً على مسمى فهؤلاء لم يكونوا أحراراً إنما كانوا أشراراً , وكان أغلبهم كما اكتشفت فيما بعد من المنحرفين أخلاقياً واجتماعياً .. ولأنهم كذلك كانوا في حاجة إلى قائد كبير ليس في الرتبة فقط وإنما في الأخلاق أيضاً حتى يتواروا وراءه ويتحركوا خلاله , وكنت أنا هذا الرجل للأسف الشديد”
“وذات يوم فوجئت بكل جنودي في الحرس بدون شوارب , في الصباح كان تحت أنف كل منهم شارب وبعد الظهر كانوا بدونه .. وتعجبت لهذا القرار الجماعي الذي اتخذوه”
“أن الجيش اليوم كله أصبح يعمل لصالح الوطن في ظل الدستور مجرداً من أية غاية وأنتهز هذه الفرصة فأطلب من الشعب ألا يسمح لأحد من الخونة بأن يلجأ لأعمال التخريب أو العنف لأن هذا ليس في صالح مصر، وإن أي عمل من هذا القبيل سيقابل بشدة لم يسبق لها مثيل وسيلقى فاعله، جزاء الخائن في الحال وسيقوم الجيش بواجبه هذا متعاونا مع البوليس، وإني أُطمئن إخواننا الأجانب على مصالحهم وأرواحهم وأموالهم ويعتبر الجيش نفسه مسؤولاً عنهم والله ولي التوفيق”