“في عصر طغت فيه المادية على كل شئ؛ وذلك بفعل الحضارة المادية والتي تركز على كل ما هو مادي، وتتجاهل كل ما هو روحي وقيمي؛ أصبح السباحة في بحر الشهوات والماديات هو شعار الفلسفة المادية الحديثة، وعنوان المدنية والتقدم والتحضر!وقد قسمت الفلسفات المادية الحديثة المعرفة إلى طبيعية (فيزقيا) وما وراء الطبيعية (ميتافيزيقيا) فاعترفت بالأولى وأنكرت الثانية واعتبرتها مجرد خرافات وأساطير وتصورات ابتدعها الانسان من وحي خياله وتفكيره؛ وهذا ما أدى إلى تقوية العلاقة بين الإنسان وعالم الطبيعة وكل ما هو مادي ومحسوس، والانقطاع عن عالم الروح وكل ما هو قيمي ومُثُلي، وقد انعكس هذا سلباً على سلوك الإنسان وممارساته المادية، فالإنسان في ظل الحضارة المادية أصبح يمارس كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة في سبيل الوصول إلى غاياته وأهدافه، وإن كان ذلك على حساب الأخلاق والقيم الإنسانية.أما فلسفة الإسلام تجاه الإنسان فهي قائمة على التوازن بين أبعاد الإنسان ومكوناته الروحية والعقلية والجسمية، وهو لا يجيز الوصول إلى الغايات والأهداف النبيلة إلا من خلال وسائل وأساليب نبيلة أيضاً.”