“يمكن أن يتحمل المرء الحياة بلا مأوى..بلا مأكل..بلا مشرب(ربما بضعة أيام)..بلا ثياب..بلا سقف..لا حبيبة..بلا كرامة..بلا أسرة(باستثناء صفية)..بلا ثلاجة..بلا جهاز هاتف..بلا جهاز تلفزيون..بلا ربطة عنق..بلا اصدقاء..بلا حذاء..بلا سروايل..لا فلوجستين..بلاو واق ذكرى..بلا أقراص للصداع..بلا مؤشر ليرز..لكنه لا يتحمل الحياة بلا أحلام..منذ طفولتى لم أجرب الحياة بلا احلام..أن تنتظر شيئاً..أن تحرم من شئ..أن تغلق عينيك ليلاً وان تأمل فى شئ..أن تتلقى وعداً بشئ..فقط فى سن العشرين أدركت الحقيقة القاسية،وهى أن على أن أحيا بلا أحلام..”
“لقد تحول هؤلاء القوم إلى مخلوقات أبعد ما تكون عن البشر..قشرة المخ لم تعد تؤدى أى دور معهم”
“ظلت (صفية) بضع دقائق تنظر ثم مدت يدها فى حذر إلى شعر جرمينال وراحت تتلمس خصلة منه..ثمة شئ حيوان غريب فى تلك اللمسة لم أرها من قبل إلا مع قرد مد يده ذات مرة يتحسس أناملى فى وجل وفضول عندما كنت فى حديقة حيواننا.هبت جرمينال منتفضة وأبعدت رأسها قليلاً ثم غاصت فى النعاس ثانية..لكن الفتاة فعلت بالضبط ما توقعته..وثبت للخلف متراً بطريقة زادتنى اقتناعاً بنظرية القرد تلك..هذه حركات غير بشرية..هذه حركات تمت بصلة لانعكاسات حيوانية متوارثة ولا دخل للعقل فيها..”
“أذناه مليئتان بالصماخ..اصابع قدمه متقرحة تطل من صندل حقير..نظارته ملحومة بالنار..عينه تالفة..غده أسود..أخته حيوان مصدور..طعامه فاسد..كتبه بالية..احلامه موءوده..أفكاره عتيقة..أظفاره مسودة..شعره مجعد معجون بالتراب..اسمه (جابر)..قومه رعاع..أصدقاؤه حثالة..برغم هذا كله يمشى كالبشر ويتكلم كالبشر..برغم هذه كله لم يرتم عند قدمى متوسلاً لى كى أقطع ذراعه..”
“سألته السؤال الذى كان يلح علي ليلاً:ولماذا لا تثورون؟انفجر يضحك حتى سال دمعه وقال:هذا شئ يتكرر من حين لحين.. لكن ثورات القرن العشرين التى تحقق غرض الجموع قد صارت تاريخاً بائداً..لن يرى أحد ثانية شاه (إيران) الذى يحلق بطائرته بحثاً عن بلد يؤويه، ولن ترى جثة (شاوشيسكو) أو (موسولينى) معلقة فى ميدان عام”
“كل الثورات الشعبية فى التاريخ بدأت بذبح الأثرياء .. هكذا تكون مجتمعان أحدهما يملك كل شئ والآخر لا يملك شيئاً .. أهمية المجتمع الثانى لا تزيد على كونه مجتمعاً استهلاكياً لا بأس به .. حتى لو كان يعانى الفقر فإن كثافته السكانية تسمح بكل شئ .. لو ابتاع كل منا زيتونة فلسوف يصير بائع الزيتون مليونيراً”
“الصورة التى تريانها كانت موجودة منذ البداية لكن بشكل غير واضح، ثم تضخمت شيئاً فشيئاً ... يصير الأغنياء أغنى والفقراء أفقر، ثم تأتى لحظة يحدث فيها الانهيار .. ويبدو لى أن هذا حدث فى العشر السنوات الأولى من هذا القرن .. فجأه انهار السد .. لم تعد السياحة قادرة على إطعام هذه الأفواه .. إسرائيل افتتحت قناتها التى صارت بديلاً جاهزاً لقناة السويس .. الدول الخليجية نضب بترولها أو تم الاستغناء عنه بعد ظهور (البايرول)، وطردت العمالة الوافدة .. هكذا وجد الاقتصاد عليه عبئاً قاصماً، وانعدمت الخدمات للفقراء لأن الدولة أعفت نفسها تماماً من مسئوليتهم، وخصخصت كل شئ، لم تعد هناك حكومة أو لم تعد هناك حكومة تعبأ بنا .. مع الوقت توقفت الرواتب وتوقفت الخدمات وذابت الشرطة وبالتالى لم تعد علينا ضرائب...”
“عندما هب الجميع ثائرين في كل قطر في الأرض, هززتم أنتم رءوسكم و تذرعتم بالإيمانو الرضا بما قسم لكم..تدينكم زائف تبررون به ضعفكم..”
“الخلاصة التي توصلت لها بعد دقيقه في هذا العالم هو أن هؤلاء القوم يتظاهرون بأنهم أحياء،.. يتظاهرون بأنهم يأكلون لحما و يتظاهرون بأنهم يشربون خمرا، و بالطبع يتظاهرون بأنهم ثملوا و أنهم نسوا مشاكلهم،.. يتظاهرون بأن لهم الحق في الخطيئة و الزلل..يتظاهرون بأنهم بشر...”