“خرق القانون هو في النهاية اعتداء على الآخرين، وعلى علاقات المواطنية والانتماء الجماعي”
“حين تغيب السلطة أو يهزل وجودها يتحول المجتمع عندها إلى ساحة قتال وصراع على النهب، ما أمكن وبأكبر كمية متاحة”
“ليس هناك مصلحة عامة، وتآزر اجتماعي، فكل يتدبر أمره كما يستطيع قي غياب الانتماء، والالتزام. احساس الانسان في المجتمع المتخلف بأنه متروك ليواجه مصيره، دون حماية فعلية أو ضمانة أكيدة للحاضر والمستقبل، يجعله يجابه قلق الوحدة والتعرض للخطر بشكل عنيف، يؤدي الى انهيار الانتماء الاجتماعي، وما يستتبعه من غياب مت هو عام ومشترك، وما هو خير للجميع وخدمتهم.”
“إن الميل إلى الكسل والخمول الذي يشيع في أوساط الفئات الأكثر بؤساً وتأخراً في المجتمع المتخلف، يشكل عقبة أداء أمام مشاريع التنمية والتطوير الذاتي. فالقناعة راسخة عند هذه الفئات، بأن لا جدوى من الجهد الذي لا يمكن أن يعود خيره عليها، كما علمتها تجاربها خلال تاريخها الطويل من الاستغلال.”
“نجد أم المرأة ميالة إلى صب عدوانيتها على جسدها، والاحتماء منها بالمرض، نظراً لما تتعرض له من قهر وغبن، وما يمنع عنها من إمكانيات التعبير عن الذات والتمرد على ما يفرض عليها من حيف في المجتمع المتخلف.”
“مأساة المنتحر تكمن بالتحديد في أن تدمير الذات المدانة وصورتها السيئة يتم من خلال الجسد (وعاء الذات الوحيد) وبالتالي القضاء الفعلي على الوجود. اما في وهم المنتحر، فالأمر لا يعدو القدرة على الإقدام على فعل خطير وجذري من أجل الخلاص.”
“الانتحار يتضمن في النهاية نوعاً من الازدواجية:تدمير الذات بعد تحميلها كل الإسم، أملاً في خلاص وهمي، في تطهير ذاته الحقيقة مما ألم بها من سوء ومهانة.”
“إن الإنسان يخشى سوء العاقية ما دامت لم تحدث بعد، أما وقد حدثت فإنه يطمئن إلى أنه لن يتعرض لما هو أسوأ منها”
“لا تطوير دون تغيير وضعية المرأة .”
“عواصم العالم المتخلف ليست بدورها سوى جزر وجاهة في محيط من البؤس .”
“إذا صادف أن تحقق ما يراه الإنسان في الحلم ، وهو ما يعتبر دعامة التأويل الشعبي ، فقد يكون ذلك راجعاً لأحد سببين . أولهما وأهمهما أن الحلم ينذر عن قرب بروز دافع أو ميل مكبوت إلى حيز الوعي وسيطرته على السلوك وهكذا يندفع الإنسان ، دون أن يدري ، إلى تحقيق الأمنية الدفينة في نفسه والتي ظهرت بوادرها الأولى في الحلم . وقد يكون الحلم استباق تحقيق رغبة أو استعجال حصول أمر آت . وأما السبب الثاني والأقل أهمية فهو الترابط الشرطي بين الحلم والواقع . فالإنسان يميل إلى ربط ما يحدث له في الواقع بما يكون قد رآه من أحلام تحمل نفس الدلالة برابطة السببية معتبراً أن الحلم هو سبب الحدث الواقعي والحقيقة أن الأمر لا يعدو كونه مجرد ترابط سببي .”
“كلما زاد التصريف اللفظي للعدوانية انحسر خطر تصريفها في سلوك حركي عنيف”
“الكثير من مظاهر الشكوى الجسدية في مجتمع القهر تبدو، كما أثبتت الاستقصاؤات العيادية الطبية، مجرد أقنعة تحفي الشكوى الوجودية التي لا يتاح لها التعبير المباشر.”
“يخلق التماهي بالمعتدي ايديولوجية مضادة للتغيير الاجتماعي الجذري . تلكم هي إحدى أبرز مشكلات البلدان النامية وأكثرها خطورة . فالعديد منها تمكن من اجتياز مرحلة التحرر الوطني ، ولكن معظمها يتخبط أمام مهمات التغيير الاجتماعي الفعلي ويعاني من الفشل الذريع فيه ، مما يجعلنا نتابع الآن مشهداً بائساً على امتداد العالم الثالث . فقد اتّضح أن القدرة على التحرر الوطني ، لا تتضمن بالضرورة ولا تقود حتماً إلى عملية التغيير الاجتماعي المبتغاة . وليس هناك من مجال للدهشة بهذا الخصوص ، فالسبب ، أو أحد الأسباب الأساسية في نظرنا ، إذا ما وضعنا مصالح الفئة الحاكمة الجديدة جانباً ، يكمن في تغلغل التماهي بالمتسلط بمختلف صوره ودرجاته ، في نفوس معظم القادة ، وغالبية المسؤولين ، والقطاع الأوسع من الجمهور .”
“الوجود المتخلف معاش وجدانياً أكثر مما هو مصوغ ومنظم عقلياً . فبينما نرى طغيان العقلانية والحياد الانفعالي على أسلوب مجابهة الواقع والتصدي لمشكلاته في البلاد الصناعية ، نلاحظ أن إنسان العالم المتخلف يرزح تحت عبء انفعالاته التي تفيض على العالم ، ملونة إياه بصبغة ذاتية واضحة . العالم وقضاياه تعاش من خلال الذات ، من خلال قوالب التفكير المنطقي ، ولذلك فإن درجة الموضوعية تنحسر في معظم الأحيان كي تتلاشى كلياً في حالات خاصة ، وبالتحديد في أوقات الشدة .وبينما تتطلب وضعيات الحياة الصعبة مزيداً من الموضوعية والعقلانية كي يمكن مجابهتها بدرجة معقولة من الفعالية ، نجد الإنسان المتخلف يغرق في تلك اللحظات بالذات في تيار جارف من الانفعالات ، يجعله يفقد السيطرة على الواقع ، ويدفع به إلى الارتماء في التفكير الخرافي والسحري والغيبي ، كوسيلة وحيدة متبقية للخلاص من المأزق .”
“قصور التفكير الجدلي هو لب الذهنية المتخلفة, فهي جامدة قطعّية وحيدة الجانب، تتبع مبدأ السببية الميكانيكية، عاجزة عن العمل تبعاً لمبدأ التناقض. ويلاحظ هذا القصور في مختلف النشاطات وعلى مختلف الأصعدة ومختلف مستويات المسؤولية”
“الجن والعفاريت والشيطان ,كلها كائنات خفية,لعبت دوراً بارزاً في السيطرة على خيال الجماهير المقهورة,وتعليلها للأحداث التي تفلت من سيطرتها والتي يستعصي عليها تفسيرها.كما أنها قد استخدمت, ومازالت,بكثرة لتبرير ما يود الإنسان التستر عليه من فضيحة, أو عيب ,أو تقصير بزعم الوقوع تحت تأثير الجن,مما يساعده على الحفاظ على سمعته .”
“الإنسان المتخلف المقهور يؤمن أشد الإيمان بما يتناقض مع مصلحته وحاجته إلى الانطلاق ,يؤمن بالتربية والحظوظ الدنيوية وتفاوتها.فالناس درجات ومقامات وليس لمغبون أن يعترض على ما يلحق به من حيف ,أو يتطاول كي يأمل في مساواة مع الفئة المحظوظة.عليه أن يتقبل وضعية الاستغلال الذي يلحق به,وأن يعترف بسيادة المتسلط.ليس له أن يطالب بمساواة,بل كل ما يمكن أن يطمح إليه هو الأمل في فضل يتفضل به عليه ذوو الحظوظ.كل ذالك يعطي المتسلط مشروعية تصل حد التقديس,يحرص عليها هذا الأخير ويعززها بجميع الوسائل .”
“من المظاهر التي تلفت نظر الملاحظ ، السرعة الواضحة في تدهور الأداء العقلي والحوار المنطقي بين الناس في العالم المتخلف ، فالنقاش الذي يبدأ موضوعياً واقعياً لا يلبث أن يفجر انفعالات تؤدي إلى اضطرابه ويتحول الأمر من الحوار الهادئ ، من المنطق الذي يجابه الحجة بالحجة إلى صراخ ومهاترات ، كي ينزلق بسرعة إلى حوار الطرشان ، عند أول عقبة مادية أو مقاومة يبديها الشخص الآخر .”
“والإنسان المتخلف منذ أن ينشأ تبعاً لبيئة اجتماعية معينة يصبح قوة فاعلة ومؤثرة فيها . فهو يعزز هذه البنية ويدعم استقرارها ، بمقاومة تغييرها نظراً لارتباطها ببنيته النفسية .”
“كم هي كبيرة الخدمات التي يقدمها رمز الشيطان لكل من السلطة المستغلة، والإنسان المقهور والمغبون، في العالم النامي”
“من الطبيعي أن تستفحل الاعتقاد بالخرافات حول الجن والعفاريت بين النساء، نظراً لوضعية القهر التي تفرض عليهن في المجتمع النامي”
“كلمة (خناقة) مثيرة في دلالتها الرمزية، فكأن الصراع لا يمكن أن يكون أقل من عملية خنق متبادلة.”
“أينما وجدت عناصر المصادفة والحظ كان احتمال القابلية للتطير كبيرا. ولذلك يأتي في مقدمة المتطيرين: المقامرون، والصيادون والمحاربون" ونضيف إليهم المقهورين الذي على مقدراتهم لا يسيطرون”
“ليس أشد قسوة وبطشا في التعامل مع المواطن المستضعف [...] من الشرطي الذي كان مستضعفا ومسحوقا قبل دخوله سكل الشرطة. إنه يتحول من انسان مهدد إلى مستبد يتشفى ممن لازالوا مستضعفين. يصب عليهم كل عنته وحقده المتراكم، في حالة من التنكر التام لانتمائه الأصلي وشرطه الانساني السابق. وهو يشتط في استعراض بعض مظاهر وروموز القوة والسلطة في وضعه الجديد.”
“الانسان المقهور يراهن على خلاصه على يد الزعيم المنقذ دون أن يعطي لنفسه دورا في السعي لهذا الخلاص، سوى دور التابع المعجب المؤيد دون تحفظ، والمنتظر للمعجزة.”
“إذا أصابني سوء أو فشل أو تعثر فليس بسبب قلة حيلة وتدبير، أو جهد، بل لنتيجة حسد الآخرين الذي يتربصون بي ويريدون تحطيمي أو بقائي في موقع الفشل والمعاناة.”
“الواقع أن الاحتماء بالأولياء والتعلق بالأبطال والاتكال على الزعيم المنقذ تتلاقى مع الميل إلى الإفراط في توكيد الذكورة فالبطل والزعيم هما دوماً المثال الكامل للرجولة جنسياً وعضلياً وشجاعة والتعلق المفرط بهما في قيمة رجولتها بشكل خرافي كما يشيع في السر الشعبية, والنظر إلى الزعيم هي من النوع التعويضي المحض من خلال التماهي بالبطل والزعيم بعوض الإنسان المقهور بعض نقصه ويعالج خصاءه ويخفف من قلقه”
“أبرز أشكال توكيد الذكورة هو القيمة المفرطة التى تعطي للرجل, والرجولة التى يقابلها تبخيس مواز في شدته للأنوثة: التحقير من خلال اتهام الرجل بأنه امرأة والحاجة إلى تضخيم رجولته بشكل وهمي في معظم الأحيان حفاظاً على المظاهر”
“من مشكلات التعلم الشائعه في المجتمعات النامية الإنفصام بين لغة العلم وبين لغة الحياة اليومية”
“المواد الدراسية تظل إجمالاً غريبة عن الإطار الحياتي للتلميذ ,إنه يتعلم عموماً إما محتويات دراسية مستوردة من خارج المجتمع(نظريات وعلوم الغرب مطبقة على ظواهره) في المراحل العليا من التعليم وإما مواد لا تمت إلى واقع التلميذ بين الفئات الشعبية في المراحل الابتدائية والمتوسطة معظم المناهج تعالج قضايا تمت إلى حياة الطبقة المسيطرة تغرس في الطفل المثل العليا السائدة لهذه الطبقة والتي لا يمكنه عملياً وواقعياً ممارستها في حياته اليومية يظل العلم مسألة نظرية لا يعالج واقع الطالب في العالم المتخلف لا يتيح له فرصة الإرصان العقلي لهذا الواقع وانفصام عنه في المدرسة التى تفرض على الطالب حالة من الاغتراب عن قضاياه المعاشة”
“تمارس عملية التلقين من خلال علاقة تسلطية : سلطة المعلم لا تناقش حتى أخطاؤه لا يسمح بإثارتها وليس من الوارد الإعتراف بها بينما على الطالب أن يطيع ويمتثل ,هذه العلاقة اللاعقلانية تعزز النظرة الانفعالية إلى الوجود لأنها تمنع الطالب من التمرس بالسيطرة على شؤونه ومصيره, وهي كذلك مسؤولة إلى حد بعيد عن استمرار الذهنية المتخلفة لأنها تشكل حلقة من حلقات القهر الذي يمارس على مختلف المستويات الرتيبة في حياة المتخلف”
“لب الشعور الاضطهادي هو التفتيش عن مخطئ يحمل وزر العدوانية المتراكمة داخلياً , الإنسان الاضطهادي بهذا المعنى ,لا يستطيع أن يكتفي بإدانة ذاته ,إنه بحاجة لإدانة الآخرين ووضع اللوم عليهم الإنسان الاضطهادي يصاب بذعر لا يمكنه احتماله إزاء إمكانية شعوره بالذنب”
“إن فشل تحقيق الذات , فشل الوصول إلى قيمة ذاتية تعطي للوجود معناه, يولد أشد مشاعر الذنب إيلاماً للنفس ,وأقلها قابلية للكبت والإنكار,هذه المشاعر تفجر بدورها عدوانية شديدة تزداد وطأتها تدريجياً بمقدار تراكمها الداخلي وعندما تصل العدوانية إلى هذا الحد لابد لها من تصريف يتجاوز الارتداد إلى الذات وتحطيمها ,كي يصل حد الإسقاط على الآخرين”
“يشيع في العالم المتخلف الاجترار السوداوي للمأساة ,الوجودية هذا الاجترار يجمد الزمن من خلال اجتياف مرارة الحياة وبالتالي يُسيطر على هذه المأساة من هنا نفهم طغيان الطابع الحزين على الحالة المزاجية للإنسان المقهور طابع الحزن يعمم على كل شيء تقريباً ويبدو صوره في الأغاني الشعبية التي تكاد تدخل جميعاً في إطار المراثي , ومن اللافت للنظر أن نلاحظ ندرة الأغاني ذات الطابع الفرح المتفائل والدينامي في الموقف من الحياة إن الأغنية الحزينة مرآة يرى فيها إنسان مجتمعات القهر ذاته ويعيش من خلالها إحباطاته بالإضافة إلى الأغاني هناك القصص الشعبية والملاحم الشعبية التي تغني في المناسبات وهناك الأفلام وما يطغى عليها من حزن كلها مرآة تعكس اجترار الآلام التي لا خلاص منها والتي يغرق فيها ذلك الإنسان”
“.الماضي حصن من لا حاضر له، ولا مستقبل له”
“وويل لذي النية الطيبة إنه لا يغرّم فقط من خلال استغلاله, بل يزدري باعتباره ساذجاً وغبياً , تدلنا علاقات التكاذب والتضليل على مدى الانهيار الذي ألم بقيمة الإنسان في العالم المتخلف حين يتحول إلى مضلل أو ضحية تضليل فالآخر ليس مكافئا لنا بل أداة نستغلها بمختلف الوسائل الممكنة أداة لخداعنا”
“نجد الإنسان المقهور يستخدم أسلوب السيد المتسلط نفسه ويخاطبه بلغته نفسها.الكذب والخداع والتضليل هي قوام اللغة التي يخاطب بها المتسلط الجماهير المقهورة إن خطابه هو أبداً كذب ونفاق عندما لا يكون تهديداً صريحاً. خطابهُ وعود معسولة وتضليل تحت شعار الغايات النبيلة : الوعود الإصلاحية ,الخطط الإنمائية ,الأخلاق,الرقي والتقدم,المستقبل الأفضل..كلها هراء اعتادت عليها الجماهير وهي بدورها تخادع وتضلل حين تدعي الولاء وتتظاهر بالتبعية”
“العلاقة بين الإنسان المقهور والسيد المتسلط ليست جامدة بهذا الشكل وبصفة مستديمة , يغلب عليها واقعياً التجاذب الوجداني , التذبذب بين التبعية والرضوخ وبين الرفض والعدوانية الفاترة يحاول الإنسان المقهور في المرحلة الاضطهادية ,الانتقام بأساليب خفيف (الكسل والتخريب) أو رمزية (النُكات والتشنيعات ) وهذا يخلق ازدواجية في العلاقة: رضوخ ظاهري, وعدوانية خفية وأبرز مثل على هذه الازدواجية هو موقف الرياء والخداع والمراوغة والكذب والتضليل , فالإنسان المقهور متربص دوماً للمتسلط كي ينال منه كلما استطاع وبالأسلوب الذي تسمح به الظروف”
“إن طول معاناة الإنسان المقهور, ومدى القهر والتسلط الذي فرض عليه ينعكس على تجربه الوجودية للديمومة على شكل تضخم آلام الماضي وتأزم في معاناة الحاضر وانسداد آفاق المستقبل , العجز أمام التسلط وما يستتبعه من عقدة نقص ,والعجز أمام قوى الطبيعة وما يحمله من انعدام الشعور بالأمن يجعلان الإنسان المتخلف فاقداً للثقة بنفسه وإمكاناتها ,فاقداً الإحساس بالسيطرة على مصيره في يومه وغده”
“إن الكثير من التصرفات الاستعراضية التي تشيع في البلدان النامية، تهدف بالتحديد إلى التستر على عقده العار خصوصًا الاستعراض الاستهلاكي. يأتي بعده كل أشكال الإدعاء والتبجّح وخداع الآخرين بجاه أو مال أو حظوة لا أساس لها من الواقع.إن إنسان العالم المتخلف هو أسير المظاهر مهما كانت سطحيها مادامت تخدم غرض التستر على عاره الذاتي.-”
“الإنسان المقهور في العالم المتخلف بدل أن يثور ضد مصدر عاره الحقيقي , يثور ضد من يمثل عاره الوهمي وهو المرأة المستضعفة , هذا بينما تحتفظ الفئة المستغلة لنفسها بلقب الشرف والنبل من خلال ما تمتع به من امتيازات.”
“أبرز مظاهر أجتياف التبخيس والعدوانية تُفرض على الإنسان المقهور من قبل المتسلط هو الإعجاب به والاستسلام له في حالة من التبعية الكلية . وبمقدار ما ينهار اعتباره لذاته يتضخم تقديره للمتسلط ويرى فيه نوعاً من الإنسان الفائق الذي له حق شبه إلهي في السيادة والتمتع بكل الامتيازات, تلك علاقة رضوخ " مازوشيه " من خلال الاعتراف بحق المتسلط بفرض سيادته.ومن هنا تبرز حالات الاستزلام والتزلف والتقرب”
“تحتاج علاقة القمع باستمرار إلى تغذية نرجسية السيد وإلى مزيد من تضخم أناه حتى لايتهددها بروز الحس الإنساني ,بروز التعاطف التابع من التكافؤ بين الذاتية والغيرية ومن هنا استمرار العنف والتعسف , واستمرار التبخيس الذي يصيب إنسانية الإنسان المقهور”
“تتضخم ذاتية المُتسلط بشكل يجعل الإنسان المقهور تابعاً له وأداة لخدمته في حال من طغيان الأنوية لديه. لا اعتراف إلا بحياة بــ أنا السيد لا حياة إلا له لاحق إلا حقه مما جعل كل تصرف - كل نزوة - كل استغلال وتسلط مبرراً كجزء من قانون الطبيعية”
“لا يجد الإنسان المقهور من مكانة له في علاقة التسلط العنفي هذه سوى الرضوخ والتبعية سوى الوقوع في الدونية كقدر مفروض , ومن هنا شيوع تصرفات التزلف والإستزلام المبالغة في تعظيم السيد اتقاء لشره أو طمعاُ في رضاه”
“لدى الإنسان المتخلف ميل سحري " لأنسنة الطبيعة" .أنه يصورها على غرار الأم الرحوم المعطاء تارة وعلى صورة الأب القاسي العنيف الذي ينزل أشد العقاب وشر البلاء بأبنائه تارة أخرى أو على غرار صورة الأم التي تمنع عن ولدها العطاء وذلك ما يثير فيه أشد أشكال القلق الضمني بدائية , قلق الرضيع لترك الأم إياه, قلق الطفل إزاء قصاص الأب القاسي ,أنهُ يعيش بشكل " نكوصي " كل القلق والمخاوف التي عاناها في طفولته ,من حالات الإحباط أو الإهمال والقسوة التي ألمت به وتحيا في لاوعيه”
“والمثل الأفصح على ذلك هو المرأة التي يقع عليها عادة الغرم الأكبر ويفرض على كيانها القسط الأوفر من الاستلاب من خلال ما تتعرض له من تسلط وما يفرض عليها من رضوخ وتبعية وإنكار لوجودها وإنسانيتها وهذه المرأة المستلبة اقتصادياً وجنسياً في البلدان النامية تعاني من استلاب أخطر بكثير وهو "الاستلاب العقائدي" ويقصد بهِ تبني المرأة لقيم سلوكية ونظرة على الوجود تتمشى مع القهر الذي فرض عليها وتبرره جاعلة منه جزءاً من طبيعة المرأة .وبذلك هي تقاوم تحررها وترسخ البني التسلطية المتخلفة التي فرضت عليها . وأكثر من هذا من تعممها على الآخرين من خلال نقلها إلى أولادها تنقلها إلى البنات منهم حين تفرض عليهن عملية تشريط من أجل الرضوخ للرجل "الأب والأخ والزوج" وتفرضها على الصبيان من خلال غرس النظرة الرضوخيه للسلطة,والتبعية لسيادة القلة ذات الحظوة”
“مصير الفلاح أو العامل مرهون برب عمل واحد ,ليس له حرية الحركة في عمله أو في إقامة اتفاقيه أنهُ رهن اعتباط قانون السيد ولابد له إذا أراد تجنب التشرد أو الاضطهاد من البقاء في حالة التبعية هذه , لا يملك من خيار إلا الانتقال من الولاء لسيد إلى آخر هناك أيضا التبعية للمرابي الذي يقيد بالديون المزمنة وتنتقل تلك التبعية من الريف إلى المدينة ومن العمل الزراعي اليدوي إلى الصناعي إلى مجمل العلاقات الإنسانية , العلاقات التسلطية نفسها في كل مكان وترسخ السلطة الرسمية علاقات التبعية هذه من خلال أنظمة الحكم ذات الطابع الاستبدادي إجمالاً (دكتاتورية تسلط فردي ثيوقراطية ..الخ ) فليس هناك ديمقراطية أي علاقات مساواة وتكافؤ في البلدان النامية,كما ترسخها الإدارة الفاسدة التي تخدم أغراض وامتيازات القلة ويتوج الكل جهاز شرطة وجيش قمعيين أساساً”
“التخلف الاجتماعي هو في النهاية ثمرة الاستغلال والاستعباد”