“لأني أعلم كما تعلم انت وكما يعلم السّاسة الكاذبون جميعا ان الفاتحين من عهد آدم إلى اليوم وإلى أن تبدل الأرض غير الأرض والسموات ، لا يفتحون البلاد للبلاد ، بل لأنفسهم ولا يمتلكونها لرفع شأنها وإصلاح حالها والأخذ بيدها في طريق الرقي والكمال كما تقول ، بل لامتصاص دمها وأكل لحمها وعرق عظمها ، وقتل جميع موارد الحياة فيها ، والأمة إن لم تتولَّ إصلاح شأنها بنفسها لا تصلحها أمه أخرى”
“المرأهأنها تفهم معنى الحياة كما يفهمها الرجل، فيجب أن يكون حظها مثل حظه.أنها لم تخلق من أجل الرجل، بل من أجل نفسها، فيجب أن يحترمها الرجل لذاتها لا لنفسه.”
“لا زال علماء الدين، يتشدّدون في الدين ويتنطعون ويقتطعون من هضبته الشماء صخورًا صماء، يضعونها عقبه في سبيل المدنية والحضارة، حتى صيّروه عبئًا ثقيلاً على كواهل الناس وعواتقهم، فملّه الكثير منهم وبرموا به، وأخذوا يطلبون لأنفسهم الحياة الطيبة من طريق غير طريقه ، ولو أنهم لا نوا مع الزمان وصروفه وتمشّوا بأوامره ونواهيه مع شؤون المجتمع وأحواله، لأستطاع الناس أن يجمعوا بين الاخذ بأسباب دينهم والأخذ بأسباب دنياهم .”
“لا تخضع النفس العالية للحوادث ولا تذل لها مهما كان شأنها، ولا تلين صدعتها أمام النكبات والأرزاء مهما عظم خطبها، وجل أمرها، بل يزيدها مرّ الحوادث وعضّ النوائب قوة ومراساً، وشدة ومراناً، وربما لذ لها هذا النضال الذي يقوم بينها وبين حوادث الدهر وأرزائه، وكأنما يأبى لها كبرياؤها وترفعها أن يوافيها حظها من العيش سهلاً سائغاً لا مشقة فيه ولا عناء، فهي تحارب وتجالد في سبيله، وتغالب الأيام عليه مغالبة حتى تناله من يدها قوة واغتصاباً، فمثلها بين النفوس كمثل الليث بين السباع لا تمتد عينه إلى فريسة غيره، ولا يهنأ له الطعام غير الذي تجمعه أنيابه ومخالبه”
“أعجب ما أعجب له في شؤونكم أنكم تعلمتم كل شيء، إلا شيئاً واحداً هو أدنى إلى مدارككم أن تعلموه قبل كل شيء، وهو أن لكل تربة نباتاً ينبت فيها، ولكل نبات زمناً ينمو فيه.رأيتم العلماء في أوروبا يشتغلون بكماليات العلوم بين أمم قد فرغت من ضرورياتها، فاشتغلتم بها مثلهم في أمة لا يزال سوادها الأعظم في حاجة إلى معرفة حروف الهجاء.ورأيتم الفلاسفة فيها ينشرون فلسفة الكفر بين شعوب ملحدة، لها من عقولها وآدابها ما يغنيها بعض الغناء عن إيمانها، فاشتغلتم بنشرها بين أمة ضعيفة ساذجة لا يغنيها عن إيمانها شيء، إن كان هناك ما يغني عنه.ورأيتم الرجل الأوروبي حراً مطلقاً يفعل ما يشاء ويعيش كما يريد، لأنه يستطيع أن يملك نفسه وخطواته في الساعة التي يعلم فيها أنه قد وصل إلى حدود الحرية التي رسمها لنفسه فلا يتخطاها، فأردتم أن تمنحوا هذه الحرية نفسها رجلاً ضعيف الإرادة والعزيمة، يعيش من حياته الأدبية في رأس مُنحدرٍ زَلقٍ إن زلّت به قدمُه مرة تدهور من حيث لا يستطيع أن يستمسك، حتى يبلغ الهوّة ويتردى في قرارتها.ورأيتم الزوج الأوروبي الذي أطفأت البيئة غيرته.. وأزالت خشونة نفسه وحُرْشَتَهَا ، يستطيع أن يرى زوجته تخاصر من تشاء، وتصاحب من تشاء، وتخلو بمن تشاء، فيقف أمام ذلك المشهد موقف الجامد المتبلد. فأردتم الرجل الشرقي الغيور الملتهب أن يقف موقفه، ويستمسك استمساكه!.. إن كل نبات يزرع في أرض غير أرضه، أو في ساعة غير ساعته، إما أن تأباه الأرض فتلفظه، وإما أن ينشب فيها فيفسدها.”
“كتبت إليكِ كثيراً ، فلم تكتبي إليّ كثيراً ولا قليلاًَ ؛ لأنكِ تعتقدين ما يعتقده كثيرٌ من النساء من أن المرأة التي تكتب إلى حبيبها كتاب حب : آثمة أو غير شريفة ؛ أما انا فأعتقد أنها إن لم تفعل فهي مرائية مصانعة ، لأن المرأة التي وهبت قلبها هبة خالصة لا يخالطها شك وريبة ، لا ترى مانعاً يمنعها من أن تكتب لحبيبها في غيبته بمثل ما تحدثه به في حضرته .”
“أنا لا أقول إلا ما أعتقد, ولا أعتقد إلّا ما أسمع صداه من جوانب نفسي, فربَّما خالفتُ الناس أشياءً يعلمون منها غير ما أعلم, ومعذرتي إليهم في ذلك أن الحقَّ أولى بالمجاملة منهم, وأن في رأسي عقلاً أُجِلُّه عن أن أنزل به إلى أن يكون سيقةً للعقول, وريشةً في مهاب الأغراض والأهواء .”