“خيّل إلي في الأمس أني ذرة تتموج مرتجفة في دائرة الحياة بغير انتظام.واليوم أعرف كل المعرفة أني انا الدائرة وأن الحياة بأسرها تتحرك فيَ بذرات منتظمة.يقولون في يقظتهم : ما أنت والعالم الذي تعيش فيه سوى حبة رمل على شاطىء غير متناه لبحر غير متناه.وفي حلمي اقول لهم : أنا هو البحر غير المتناهي . وما جميع العوالم سوى حبات من الرمل على شاطئي”
“بالأمس القريب خلتُني شَظيّة ترتعد نافرةَ في فَلك الحياة.والآن أعلمُ أنني أنا الفلك، تَجري فيَّ الحياة كلها شظايا متّسقة.يقولون لي في يقَظتهم: ما أنت والكون الذي يضمُّك إلا حبّة من رمل، على ساحل لا يتناهى لبحر لا يتناهى.وفي حُلمي أقول لهم: إنني أنا البحرُ لا نهاية له، وليست العوالم كلها غير حبّات من رمل على ساحلي.”
“وهل تكلمت اليوم في موضوع آخر غير الدين ؟أليس الدين كل ما في الحياة من الأعمال والتأملات ؟”
“نصف ما أقوله لك لا معنى له، غير أني اقوله لعل النصف الآخر يبلغك”
“إن المحبة المحدودة تطلب امتلاك المحبوب ، أما المحبة غير المتناهيةة فلا تطلب غير ذاتها . المحبة التي تجيء بين يقظة الشباب وغفلته تستكفي باللقاء وقنع بالوصل وتنمو بالقبل و العناق ، أما المحبة التي تولد في أحضان اللانهاية وتهبط مع أسرار الليل فلا تقنع بغير الأبدية . ولا تستكفي بغير الخلود ولا تقف متهيبة أمام شيء سوى الألوهية ..”
“ لا تنس أن البحر مؤلف من قطرات وان في كل قطرة كل ما في البحر من معاني...”
“فإذا اشتغلت فما أنت سوى مزمار تختلج في قلبك مناجاة الأيام فتتحول إلى موسيقى خالدةومن منكم يود أن يكون قصبة خرساء صماء وجميع ما حولها يترنم معا بأنغام متفقة؟قد طالما أخبرتم أن العمل لعنة والشغل نكبة ومصيبةأما أنا فأقول لكم إنكم بالعمل تحققون جزءا من حلم الأرض البعيد جزءا خصص لكم عند ميلاد ذلك الحلمفإذا واظبتم على العمل النافع تفتحون قلوبكم بالحقيقة لمحبة الحياةلأن من أحب الحياة بالعمل النافع تقتح له الحياة أعماقها وتدنيه من أبعد أٍرارها”