“لقد خرج الأمر إذن عن ميدان الشورى وحدود الاجتهاد ,ومع أن الرسول كان يقول لأبي بكر وعمر:"لو اتفقتما على أمر ما خالفتكما ", فانه هنا خالف جمهور الصحابة لأن المجال قد قطع فيه الوحى, وأصبح لا رأي فيه لبشر..فإذا جاء حاكم مستبد وافتات على رأي الأمة مستشهدا بما حدث في الحديبية فيجب أن يصفع بحد السيف لا بباطن اليد, فإن الاستبداد لا يستشهد له دليل من دين الله. وإذا وقع قارئ محدود الفقه على هذا الفصل من السيرة فاتخذه ذريعة لإهدار رأي الجماعة فينبغي أن يكشف له قصوره وأن يعرف الناس سيرة نبيهم من منابع الحق لا من مجاري الشهوات. (محمد الغزالي الإسلام والاستبداد السياسي فصل بين الشورى والاستبداد)”
“والأمة في حل من السمع والطاعة بداهة إذا حكمت على أساس من جحد الفرائض، وإقرار المحرمات ونهب الحقوق وإجابة الشهوات؛ لأن معنى ذلك أن الحكم قد مرق من الإسلام وفسق عن أمر الله، وأن الحاكمين أنفسهم قد انسلخوا عن الدين، فليس لهم على أحد عهد !!”الإسلام والاستبداد السياسي”
“ورد الأمر إلى جمهور المسلمين ليس نافلة يتبرع بأدائها، إذ الشورى ودساتيرها الواضحة، ليست منحة من حاكم ما، يهبها إذا شاء بل هي حكم الله ومنطق الفطرة ونحن لا نفهم أبداً سلطاناً لبشر - حاشا أنبياء الله - يفرض به إرادته على الناس، والأنبياء أنفسهم خارج دائرة الوحي لا سلطان لهم على غيرهم إلا بالعقل والإقناع”
“وكلمة الخروج على الحاكم كانت قديمًا تعنى شهر السلاح في وجهه، ولا أظن أحدا ينتظر من الإسلام أن يبيح هذا الحق لمن يشاء متى يشاء، وكل ما ذكره الإسلام في إطفاء بذور الحرب الأهلية قول الرسول: “ستكون هنات وهنات، فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهى جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان “، وهذا حديث لا غبار عليه، وأرقى الأمم الدستورية تعمل بوحيه في أيام حربها وسلامها، فإن حق الثورة المسلحة ليس كلأً مباحا يرعاه كلُّ غضبان، أما اعتبار المعارضة المشروعة خروجًا على الدين وحكومته يُقتل من أجلها المعارض استدلالاً من الحديث السابق فهو ما لا موضع له في أدمغة العلماء؛ إن السفلة من الحكام قتلوا كثيرًا من الناس جريًا على طبائع الاستبداد لا اتباعا لأحكام الله، فلا ينبغي الاعتذار للمجرمين بأنهم تأولوا آيات الكتاب وأحاديث الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ فهم لا يعرفون لله حقًّا، ولا لرسوله حرمة، وقبيح بنا هذا الانتحالمن هنا نعلم”
“التعاليم التي ندعوإليها هي الأركان المتفق عليها والنصوص المقطوع بها أما ما يحتمل عدة أفهام فلا دخل له في ميدان الدعوة! وإذا كان المسلمون أنفسهم في سعة أمام هذه الأفهام العديدة، وإذا قالوا: لا يعترض بمجتهد على مجتهد آخر، فكيف نلزم الأجانب بفقه خاص؟إننا نضع العواثق عمدا أمام الإسلام حين نفرض على الراغبين فيه تقاليدنا في الحكم والاقتصاد والمجتمع والأسرة وأغلب هذه التقاليد ليس له سناد قائم، بل أغلبه وليد عصور الانحراف والتخلف..و من الممكن بعد اقتناع الراغبين في الإسلام من اعتناقه، أن تترك لهم حرية الاختيار من الفروع التي لا حصر للخلاف فيها، ولا ميزة لرأي على آخر..إننا ندعوإلى الإسلام، لا إلى الاقتداء بالمسلمين! ندعوإلى الكتاب والسنة، لا إلى سيرة أمة ظلمت نفسها ولم تنصف تراثها.ذلك أن دين الله جدير بالاتباع أما مسالكنا نحن فجديرة بالنقد، والبعد...!”
“ومع هذا البلاء فقد رأيت منتسبين إلى الدعوة الإسلامية يصورون الحكم الإسلامي المنشود تصويراً يثير الاشمئزاز كله .. قالوا : إن للحاكم أن يأخذ برأي الكثرة , أو رأي القلة , أو يجنح إلى رأي عنده وحده ! أهذه هى الشورى التي قررها الإسلام ؟ فما الاستبداد إذن ؟!”
“والواقع أن ازدراء عواطف المرأة، واستخدام القسوة لترضيتها بما لا ترضى ليسا من الإسلام، ولا من الفقه...!. إن الإسلام دين العدالة والرحمة،ومن تصوّر أنه يأمر باسترقاق الزوجة والإطاحة بكرامتها فهو يكذب على الله ورسوله.”