“أما المسيحية فهى قد عنيت "أولا" بالآداب و الأخلاق، ولم تعن مثل هذه العناية بالمعاملات ونظام الحكومة.وقد ظهرت "ثانيا" فى بلاد للمعاملات والنظم الحكومية فيها قوانين تحميها كما يحميها الكهان المعززون بالسلطان، فهى قد عدلت عن فرض المعاملات والدساتير لهذه الضرورة، لا لأن المعاملات والدساتير ليست من شأن الدين.وقد ظهرت ثالثا فى وطن تحكمه دولة اجنبية ذات حول و طول، وليس للوطن الذى ظهرت فيه طاقة بمصادمة تلك الدولة فى ميدان القتال.”
“الإسلام أمة و رسالة , أما الرسالة فهى الهدى الإلهى الذى يخط لنا الصراط المستقيم , و يدعونا إلى السير فيه . و أما الأمة فهى الجماعة التى تنقل التوجيه الإلهى من ميدان النظر إلى ميدان التطبيق , أى تفهم الوحى و تنفذه و تدعو الاّخرين إلى اعتناقه . و المفروض أن تكون الأمة صورة حسنة لرسالتها , صورة لا تفاوت فيها و لا تشويه .”
“ما الذى روّعه ؟ أهو منظر العظام قى ذاتها، أم فكرة الموت الممثلة فيها، أم المصير الآدمى و قد رآه أمامه رأى العين ؟و لماذا لم يعد منظر الجثث و العظام يؤثر فى مثلى و فى مثل الطبيب ، و حتى فى مثل اللحاد أو الحراس هذا التأثير ؟ يخيل إلىَّ أن الجثث و العظام قد فقدت لدينا ما فيها من رموز. فهى لا تعدو فى نظرنا قطع من الأخشاب و عيدان الحطب و قوالب الطين و الآجر. إنها أشياء تتداولها أيدينا فى عملنا اليومى. لقد انفصل عنها ذلك الرمز الذى هو كل قوتها؟..ما مصير البشرية و ما قيمتها لو ذهب عنها الرمز ... "الرمز" هو فى ذاته كائن لا وجود له. هو لا شئ و هو مع ذلك كل شئ فى حياتنا الآدمية. هذا اللا شئ الذى نشيد عليه حياتنا هو كل ما نملك من سمو نختال به و نمتاز على غيرنا من المخلوقات.”
“والواقع أن المسلم لا يطيق عصيان الله، ولا يرضى به، ولا يبقى عليه إن وقع فيه؟ بل إن ما يعقب المعصية فى نفسه من غضاضة وندامة يجعل عروضها له شبه مصيبة، فهى تجىء غالبا، غفلة عقل، أو كلال عزم أو مباغتة شهوة وهو فى توقيره لله، وحرصه على طاعته يرى ما حدث منه منكرا يجب استئصاله.إنه كالفلاح الذى يزرع الأرض فيرى " الدنيبة " ظهرت فيه، فهو يجتهد فى تنقية حقله قدر الاستطاعة من هذا الدخل الكريه.ولو بقى المسلم طول حياته ينقى عمله من هذه الأخطاء التى تهاجمه، أو من هذه الخطايا الذى يقع فيها، ما خلعه ذلك من ربقة الإسلام، ولا حرمه من غفران الله.”
“الزيف فى الحياة منتشر كالماء والهواء و هو الذى يجعل من باطن الانسان حقيقة نادرة قد تخفى عن بصيرته فى الوقت الذى تتجلى فيه لأعين الجميع.”
“أما الاسلام فقد ظهر فى وطن لا سيطرة للأجنبى عليه ، و كان ظهوره لإصلاح المعيشة وتقويم المعاملات وتقرير الأمن والنظام.. وإلا فلا معنى لظهوره بين العرب ثم فيما وراء الحدود العربية.”