“يخيل الى بعض المغفًّلين من المفكرين أن المجتمع البشري قادر على ان يكون مطمئناً مؤمناً متمسكاً بالتقاليد القديمة من جهة, وان يكون متطوراً يسير في سبيل الحضارة النامية من الجهة الاخرى. وهذا خيال غريب لا ينبعث إلا في أذهان اصحاب البرج العاجي الذين يغفلون عن حقيقة المجتمع الذي يعيشون فيه”
“لا تنشأ مشكلة الاقلية الا عندما تكون هناك مشكلة اغلبية. اي عندما تعجز طبقة اجتماعية واسعة عن تحقيق مواطنيتها في الدولة وتفشل في تغيير هذه الدولة فتنكفئ الى حل مشكلتها, ليس على صعيد المجتمع السياسي لكن على صعيد المجتمع المدني, اي في اطار السلطة التي تملكها والواقعة غير الرسمية. وهذا ما يستدعي دراسة نشوء العصبوية من جهة, اي المجتمع المدني المستقل عن المجتمع السياسي والذي لا يجد فيه مرآته, وان تنشأ من جهة اخرى فكرة الجماعة غير القومية او المتميزة عن الاغلبية والرافضة لمثالها الاعلى.”
“إنَّ المجتمع البشري لا يستطع أن يعيش بالاتفاق وحده, فلا بدَّ أن يكون فيه شيء من التنازع أيضًا لكي يتحرك إلى الأمام”
“إن إمكانية "الثورة الوجودية" هي في حقيقة الأمر -من حيث نتائجها- عبارة عن إمكانية إعادة هيكلة المجتمع أخلاقيا, بمعنى تجديد جذري لعلاقة الإنسان بما أطلقت عليه "النظام البشري" (الذي لا يمكن أن يكون بتفويض من أية نظام سياسي). إن الأمر يتعلق بهذا المسار: خبرة وجودية جديدة, تجديد الارتباط بالعالم, الالتزام المتجدد بالمسؤولية العليا, إعادة اكتشاف العلاقة بالآخر والتضامن مع المجتمع. هذا هو المسار الذي يجب أن تسير فيه.”
“إن المجتمع البشري لا يستطيع أن يعيش بالإتفاق وحده ، فلابد أن يكون فيه شئ من التنازع أيضا لكي يتحرك إلى الأمام . إن الإتفاق يبعث التماسك في المجتمع ، ولكنه يبعث فيه الجمود أيضا . فاتحاد الأفراد يخلق منهم قوة لا يستهان بها تجاه الجماعات الأخرى . وهو في عين الوقت يجعلهم عاجزين عن التطور أو التكيف للظروف المستجده . فالمجتمع المتحرك هو الذي يحتوي في داخله على جبهتين متضادتين على الأقل ، حيث تدعو كل جبهة إلى نوع من المبادئ مخالف لما تدعو إليه الجبهة الأخرى . وبهذا تنكسر كعكة التقاليد ويأخذ المجتمع إذ ذاك بالتحرك غلى الأمام . إذا رأيت تنازعا بين جبهتين متضادتين في مجتمع ، فاعلم أن هاتين الجبهتين له بمثابة القدمين اللتين يمشي بهما.”
“فما يخدع الطغاة شيء ما تخدعهم غفلة الجماهير، وذلتها، وطاعتها، وانقيادها، وما الطاغية إلا فرد لا يملك في الحقيقة قوة، ولا سلطانًا، وإنما همي الجماهير الغافلة الذلول، تمطي له ظهرها فيركب، وتمد له أعناقها فيجر، وتحني له رؤوسها فيستعلي! وتتنازل له عن حقها في العزة والكرامة فيطغى! والجماهير تفعل هذا مخدوعة من جهة، وخائفة من جهة أخرى، وهذا الخوف لا ينبعث إلا من الوهم، فالطاغية - وهو فرد - لا يمكن أن يكون أقوى من الألوف والملايين، لو أنها شعرت بإنسانيتها، وكرامتها، وعزتها، وحريتها".”