“و حينما سمع العالم صوت محمود درويش و سميح القاسم و توفيق زياد لأول مرة كان ثمة فرح عميق هادئ، لأن هذا الصوت كان علامة على ان فلسطين لم تزل عربية، و أن القلب العربي هناك لم يكف قط عن الخفقان.”
“و الشعراء الفلسطنيون الذين ظهروا بعد عام 1960 لا يشكلون مدرسة واحدة أو حتى اتجاها واحداً، فهم لا يعالجون موضوعات جد مختلفة و متنوعة و حسب، و إنما نجد التنوعات الأسلوبية بينهم كبيرة.فهناك غنائية توفيق زياد الخطابية القومية، و صور وليد الهليس الكونية، و مصطلح سلمى خضراء الجيوشي الرومانسي، و إذا نظرنا إلى شعر سميح القاسم و محمود درويش فإننا سنكتشف في التو أن هذان الشاعرين قد مرا بمراحل عديدة و قاما بتجارب شعرية مهمة لا حصر لها، و هو ما يجعل من العسير، بل ربما من المستحيل ، تصنيفهم.”
“فإن العربية الفصحى وحدها هي القادرة على الأفصاح الكامل للواقع العربي، فهي لغة تمتد جذورها في الماضي، و تمتد فروعها في المستقبل. و لعل هذا هو السبب في أن قوى الرجعية في العالم العربي و قوى الهيمنة خارجه، و التي يهمها الحفاظ علي وضع التجزئة، تبذل قصارى جهدها لدراسة العامية العربية المختلفة، و تعتمد المبالغ الطائلة لوضع معاجم و قواعد لها، و تشجيع على استخدامها.”
“و كان العرب القدامي يظنون، إن صدقاً أو كذباً، أن العبقرية العربية تعبر عن نفسها بشكل كامل من خلال الشعر، و بخاصة الغنائي منه. لذا لم يكن من قبيل الصدفة أن المقاومة الفلسطينية قد اتجهت للشعر لتأكيد هويتها العربية.”
“ثم جاءت مرحلة الاستقلال و لم يتغير الأمر كثيرا إذ جاءت نخب علمانية محلية صعدت عملية تفكيك أوصال المجتمع بالقضاء على البقية الباقية من الجماعات المدنية و زادت هيمنة الدولة " القومية" و سطوتها و سطوة مؤسساتها الأمنية ،فهي نخب متغربة منفصلة تماما عن شعوبها و عن خطابها الحضاري ، و قد أسست هذه النخب نظما استبدادية فاسدة قامت باستغلال شعوبها و استمرت في عملية العلمنة دون تحديث .. و قد تم كل هذا بتأييد دول الغرب العلماينة الديمقراطية”
“... و لعل انفراط عقد القومية العربية في الآونة الأخيرة هو ذاته تعبير عن تزايد معدلات الاستنارة و العلمنة و العولمة في محيطنا العربي, بحيث يقوم كل فرد بطرح فرديته و هويته جانبا, كما تترك الأمم خصوصيتها, و تتجاوز كل القيم الرومانسية الخاصة بالشخصية القومية لتدخل عالم العمومية الرائع الرهيب الأملس, و هذا هو المدخل الذي أدي الي غزة و أريحا, و هذا هو الطريق الذي سيجعل من بلادنا نسخة باهتة من سنغافورة, حيث الأوطان فنادق, و المنازل بوتيكات, و الفردوس هو سوبرماركت ضخم يحوي كل السلع الضرورية و التافهة !”
“أيها البرجماتي إن ضربت عربيا في فلسطين ، فأنت تضرب جده في الأردن و أخاه في مصر و أمه في الخليج و أخاه في السودان و أخاه الآخر في اليمن و الجزائر ، فلسنا شعوبا تتحدث العربية كما تدعي ، و إنما توحدنا لغة و تراث و تاريخ مشترك و بقعة أرض مشتركة و مصالح اقتصادية مشتركة”