“الحاكم ليس حرًا في حريات الآخرين ، ولم يدع له الشرع حرية التصرف في مصير شعبه . ومن ترك الحاكم على النحو الذي يتصرف فيه بأمته دون رقيب عليه ودون منعه من إيذاء الناس ، وصرف نصوص الشرع وقواعده في عدم المساس به ، وكل جرمه وفساده لا يمكن تغييره إلا بالهمس في أذنه ، فمؤدى ذلك رفع مقام الحاكم من دون الناس ومنحه المزيد من القوة والجبروت ..”
“و قد سلك الصحابة في طريق انتخاب الخلفاء ثلاثة مسالك ، لأنهم لم يجدوا نصا شرعيا يقيدهم بطريق ، و يأخذهم بمذهب ، إذ الشرع ترك الناس أحرارا فيه ، يسلكون أي مذهب يوحي به العقل ، وتوافق عليه الكثرة لأن ذلك يختلف باختلاف الأزمنه ، فلم يقيدهم الشرع بطريق قد يصلح في زمن ، وربما لا يصح في غيره”
“الحاكم الصالح من يزرع العلم في فضاء شعبه، ليحصد بقاءه المستقبلي”
“و هناك أمر آخر كنت من دعاته و الناس جميعا في عمى عنه و بعد عن تعلقه و لكنه هو الركن الذي تقوم عليه حياتهم الاجتماعية، و ما أصابهم الوهن و الضعف و الذل إلا بخلو مجتمعهم منه ، و ذلك هو : التمييز بين ما للحكومة من حق الطاعة على الشعب ، و ما للشعب من حق العدالة على الحكومة ... أن الحاكم و إن وجبت طاعته فهو من البشر الذين يخطئون و تغلبهم شهواتهم ، و أنه لا يرده عن خطأه و لا يوقف طغيان شهوته إلا نصح الأمة له بالقول و الفعل. جهرنا بهذا القول و الاستبداد في عنفوانه ، و الظلم قابض على صولجانه ، و يد الظالم من حديد ، و الناس كلهم عبيد له أي عبيد”
“حرية إزاء قيد... قيد إزاء حرية. هذه هي الحقيقة البشرية. ليس القيد في كفة وفي الكفة الأخرى الحرية ... وإنما كل حرية لها قيودها، وكل قيد له حرياته. وفي كل من الكفتين حريات وقيود.”
“المفروض في الحاكم العادل أن يستجيب لمطالب الناس دون أن ينظر إلي أعمالهم أو يلومهم عليها”
“قال المعلم أرسطو لتلميذه الاسكندر: الحاكم الشرقي هو وحده الحر في بلاده.. هؤلاء الشرقيون يجدون في طغيان الحاكم أمرا طبيعيا، لا يحتجون ولا يتمردون. إنه مثل القدر، لا سبيل إلى الفكاك منه. يؤمنون بأن الحياة الصالحة هي حياة الطاعة، والحاكم دائماً على حق. طالت معاشرتهم للطغيان، فاعتادوه واعتبروه مسألة طبيعية. الحاكم في دنيا الشرق لا يتعرف لرعاياه بأية حقوق، لا ينظر إليهم إلا بوصفهمم هوامش، نفايات انسانية، أدوات يخضعها لسياسته. إنهم لا أكثر من برابرة وهمج وعبيد. وقال أسطو: الرجل الحر لا يستطيع أن يتحمل حكم الطاغية. والرجل اليوناني لا يطيق الطغيان بل ينفر منه. أما الرجل الشرقي فإنه يجده أمرا طبيعيا، فهو نفسه طاغية في بيته، يعامل زوجته معاملة العبيد، فلا يدهشه أن يعامله الحاكم معاملة العبيد. وقال: إن أفضل وأقصر طريق يكفل لك أن تحيا في هذه الدنيا موفور الكرامة، هو أن يكون ما تبطنه نفسك كالذي يظهر أمام الناس.”