“ و من المعروف أن رجال الكنيسة في القرون الوسطى كانوا سببًا من أسباب انحطاط العلوم و تأخرها في أوروبا , فهل كان الدين مسئولًا عن هذا ؟ هل في تعاليم المسيحية ما يؤيد رأي بطليموس في مركزية الأرض أو ما يخالف نظرية كوبرينيك و يوافق نظرية أرسطو ؟ أم أن العيب هو عيب رجال الكنيسة الذين اتخذوا من الدين وسيلة لفرض نفوذهم و اخضاع الناس لسلطانهم ”
“و ما وصل إليه الانسان من العلم و ما ترتب على ذلك من قدرة و اختراع , إنما جاء على قدر طلبه لحقيقة و اندفاعه نحو الحق و حب الغير , و هذا يتفرع من حب الجمال , فالحق و الخير جميلان , و لذلك من أحب الجمال , أحبهما جميعًا , و وودت 'لو استطعت أن أصور للقاريء فيض ذلك الجمال الذي يدركه طالب الحقيقة العلمية , و ذلك التناسق البديع بين أجزاء الكون , فيصف السير جيمس جينز الكون بأنه " فكرة جميلة " و من الخطأ الفاحش أن يصور العالم على أنه شيء مادي , يعني بالأجسام و الأبعاد و تحديد الأشعة , و أن يقال أن العلماء يتوقفون عند الظواهر و المشاهدات في العالم , فالعلماء يكون بحثهم عن " الحقيقة " , يسمون بعقولهم إلى المنتهى , و هم يكشفون أسرار الكون لتمتزج نفوسهم بالحق و الجمال ”
“فنحن نؤمن بالخير ونحارب الشرِّ؛ لأن هذاصادر عن عقيدة راسخة أساسها الدين، ونحن لا نتقبل جدلًا في إيماننا هذا، لا من علماءالفلك، ولا من غيرهم، ولا يعنينا في هذا أمر النظريات أو الحقائق العلمية، بل إننا نحيا ونموت مؤمنين متمسّكين بعقيدتنا، ندافع عن الخير، وعن الفضيلة، وعن العدل، ونحارب الشر والرذيلة والظلم، سواء أكانت الأرض هي التي تدور حول الشمس، أو الشمس هي التي تدور حول الأرض، وسواء أكانت الأجسام تتبع في سقوطها آراء أرسطو، أو مذهب .غاليلي”
“علي ان تحالف السلطه و الدين قد يكون اقوي آليات التحكم و بالتالي حصار الانسان و هدر ارادته و كيانه .المستبد يتحكم بسلوكيات الناس من خلال اجهزته و آليات الترويض التي يتبعها اضافه الي توأمه الملك و الدين ..الا انه لا سبيل له بأن يتحكم في النفوس وهو ما يقوم به رجال الدين انهم يسيطرون علي النفوس و الافئده و يمارسون في ذلك سلطه غير قابله للنقاش او التساؤل .. ناهيك عن المساءله . هذه السلطه تضع الامتثال لها فوق العقل ممارسه حالات من الاستبداد الورحي و المادي من خلال التحريم و التكفير ..يتحول رجال الدين هؤلاء الي ملوك الاخره في مقابل ملوك الدنيا و ليس هناك من منافس لملوك الدنيا في السيطره علي الناس سوي ملوك الاخره هؤلاء: ( الملك يحكم الابدان و يتصرف بالارواح من خلال رجال الدين. اما الامام فيحكم النفوس و من خلالها الابدان و هكذا يقع الناس في القيد المزدوج علي العقول و النفوس من خلال ثنائيه التجريم السلطوي و التحريم الديني .و يتنافس السلطان و الائمه علي الرعيه و التحكم بها و تسييرها و فرض المرجعيه عليها من خلال التجريم و التحريم بحيث لا يبقي منها مهرب . تهرب الرعيه من جور الملك كي تقع في اسر الائمه و في النهايه يتحالف السلطان مع الائمه علي التحكم بالرعيه سواء كان رجال الدين في خدمه الملك و من الداعين لترسيخ سلطته ام كانوا معارضين”
“إذا انشغل الناس في المفاضلة بين رجال أحياء كان ذلك دليلا على حيوية المجتمع. وهذا هو ما يجري الآن في البلاد الراقية حيث يدور الجدل في أوقات الانتخاب حول فضائل رجال السياسة أو أمثالهم ليعرف الناس ما لهم وما عليهم. أما إذا اختلف الناس في فضائل رجال أموات كان ذلك دليلا على مرض المجتمع و اقترابه من الموت. ولا يهتم بالموتى إلا الذي يريد أن يموت و يذهب إلى حيث يعيش الموتى عليهم رحمة الله”
“صحيح إن العلم يُعني بالحقائق الموضوعية، وإن الدين يُعني بالقيم الروحية، ولكن طلب العلم في ذاته مبني على قيمة روحية هي حب الحق. فطالب العلم طالب حقيقة، ولذلك كان الواجب على رجال العلم ورجال الدين أن يتعاونوا ويتناصروا في خدمة الحق وفي خدمة الفضيلة، فإن تعاونوهم وتناصرهم رفاهية البشر وسعادتهم.”
“الناس لا يكلفون انفسهم عناءاً كبيراً في تصوير الحياة وتخيلها، وهم يبدون استعداداً مدهشاً لتصديق ما لا يجوز تصديقه، وتصور مالا ينبغي تصوره، وكأنما آلو على أنفسهم ألا يبذلوا جهداً، وألا يحملوا أنفسهم مشقة أو عناء، والكثرة العظمى من الناس في جهل مطبق بحقائق الحياة، ومع ذلك فهم راضون عن أنفسهم مدافعون عن جهالاتهم وأوهامهم، وإن بعضهم ليتحمس للحياة ويضحي بنفسه في سبيلها، وآية ذلك إن جهالة الجاهل جزء من شخصيته، فهو يجد في الدفاع عنها دفاعاً عن نفسه وعن حياته.”