“وقد كان الإمام الشيخ شلتوت واحدا من الذين حاولو بالمنطق الهادىء أن ينبهوا إلى " ضرورة القراءة الصحيحة للسنة " وسجل رأيه فى كتابه المعروف " الإسلام عقيدة وشريعة " , قائلا : إن السنة تشريع وليس تشريع فمن السنة التى لاتعتبر تشريعا ولا تلزم المسلمين .: مايعتبر سلوكا شخصيا للرسول عليه السلام , أو أراء مبنية على إجتهادات وتجارب خاصة . ولعلنا نذكر هنا قصته مع بعض أهل المدينة , الذين نصحهم فى مسألة زراعة النخيل , وعندما أبلغ أن النصيحة لم تحقق هدفها المرجو قال أنتم أعلم بشؤون دنياكم ثم أضاف الشيخ شلتوت أن السنة التى تعد تشريعا لها درجات * ماصدر عن النبى بإعتباره مبلغا ورسولا " كأن يبين مجملا فى القرآن أو يخصص عاما أو يبين شأن فى العبادات , أو الحلال أو الحرام ,أو العقائد والأخلاق " وهذا يعتبر تشريعا ثابتا يلزم كافة المسلمين متى علمو به * ما صدر عن الرسول بوصفه إماما لجماعة المسلمين , مثل بث الجيوش وإنفاق بيت المال , وتولية القضاه وعقد المعاهدات . وذلك لايعد تشريعا عاما ولايجوز الإقدام عليه إلا بإذن الحاكم . وليس لأحد أن يفعل منه شيئا من تلقاء نفسه بحجة أن النبى فعله أو طلبه * ماصدر عن الرسول لابإعتباره مبلغا ولابإعتباره إماما للمسلمين ولكن صدر عنه بإعتباره قاضيا يفصل فى الدعوة بين المسلمين وذلك لايعد تشريعا , فليس لأحد أن يستند إلى حكم قضى به الرسول لينال حقا له دون الرجوع إلى سلطة او قضاء”
“بل وصل الحال فى عهد معاوية أن دخل عليه أحدهم وهو فى مجلس الخلافة فحياه قائلا : السلام عليك أيها الأجير.وعندما اعترض عليه نفر من الجالسين أصر على مقولته متسائلا: ألم يستأجرك الله لرعاية هذه الأمه؟.وهو ذاته الذى هب فى وجه معاوية عندما حبس بعض الهبات المالية عن المسلمين وقال له أمام الجميع: كيف تمنع العطاء وأنه ليس من كدك ولا من كد أبيك ولا من كد أمك؟!”
“لا يهمنا كتابات "الآحاد" من هنا وهناك من متعصبي السنة أو الشيعة، ولا يزعجنا كثيرا كتاب يصدره شاب تونسي من أهل السنة تحول إلى التشيع. فكتب تجربته تحت عنوان استفزازي هو : ثم اهتديت!_ أو كتب كتب يبادر إلى تأليفها بعض راكبي "الموجة" في بلاد العرب أو في الهند كان كل همها هو إخراج الشيعة من الملة.الذي يهمنا هو موقف المؤسسات التي أشرنا إليها، التي نذهب إلى أنها إذا اختارت الموقف الصحيح فإنها ستقود السفينة إلى بر الأمان بإذن الله وعونه وتوفيقه.”
“ إن القوامة للرجل لا تزيد عن أن له بحكم أعبائه الأساسية، وبحكم تفرغه للسعى على أسرته والدفاع عنها ومشاركته فى كل ما يصلحها.. أن تكون له الكلمة الأخيرة ـ بعد المشورة ـ ما لم يخالف بها شرعا أو ينكر بها معروفا أو يجحد بها حقا أو يجنح إلى سفه أو إسراف، من حق الزوجة إذا انحرف أن تراجعه وألا تأخذ برأيه،وأن تحتكم فى اعتراضها عليه بالحق إلى أهلها وأهله أو إلى سلطة المجتمع الذى له وعليه أن يقيم حدود الله وهذا كلام حسن،”
“المشروع الايراني ليس بالضرورة النموذج الحضاري الواجب الاحتذاء ، غير أن أهم ما فيه ينطلق من الاصرار على الانعتاق من سلطان الغرب ، و العودة إلى الذات الحقيقية . أما "متى" يمكن أن يتبلور المشروع ، و "مدى" نجاحه أو إخفاقه ، فذلك شأن آخر .”
“لا أعرف إلى أى مدى فوجئ العالم العربى بلغة المحامين المصريين. لكن الذى أعرفه أنها ليست مشكلة المحامين وحدهم. ولكن المحامين مجرد «عينة» لمستوى خريجى الجامعات، الذين انتقلوا من الأمية اللغوية التى حصلوها فى مراحل التعليم السابقة. إلى مستوى آخر من الأمية فى الجامعات التى لا توجه أى عناية للغة العربية، بل إن بعض كلياتها أصبحت تتباهى بأنها فتحت أقساما «أرقى» تدرس باللغات الأجنبية، وطلابها وطالباتها ينظرون بدونية إلى زملائهم الذين يدرسون باللغة العربية.إذا تتبعنا المشكلة فى عمقها فسنجد أن انحطاط اللغة الفصحى له أسباب عدة من بينها اتصاله الوثيق بتراجع مؤشرات الاعتزاز بالهوية والكبرياء الوطنى. ولذلك فإن انحطاط اللغة يظل من تجليات الانحطاط الثقافى والهزيمة الحضارية. ولذلك قيل إن اعوجاج اللسان علامة على اعوجاج الحال.إن مراحل الضعف السياسى والانكسار الحضارى تصيب البنية الثقافية فى مقتل، بذات القدر الذى تضعف فيه مراكز العافية الأخرى فى المجتمع. لذلك فإن تدهور التعليم يصبح ضمن أخطر تلك الانهيارات، ذلك أنه لا يقوض الحاضر فقط لكنه يدمر المستقبل أيضا ــ من هذه الزاوية أزعم أن الأداء البائس للمحامين يظل أحد القرائن التى تدين عهد مبارك، وأن أولئك المحامين أصبحوا من حيث لا يدرون شهودا على انحطاط عهده الذى لم تصغر فيه مصر فقط، ولكنها مسخت وتشوهت أيضا.حين انهار التعليم فى مصر، لم ينحط مستوى الإحاطة باللغة العربية ولا ضعف مستوى الخريجين فقط، ولكن أدى ذلك إلى انتعاش المدارس الأجنبية التى باتت تهدد وجود العربية الفصحى ذاته. وفى الوقت الراهن فإن كل أبناء القادرين جرى احتلال لسانهم باللغة الإنجليزية إلا من رحم ربك بطبيعة الحال. واستمرار هذا الوضع يجعلنا نتشاءم كثيرا بالمستقبل، الذى أزعم أن الفصحى ستلقى فيه ضربات قاصمة وقاضية.فى أجواء الهزيمة ينتعش المتغربون ويجترئ الغلاة والمتعصبون الذين يعادون العربية الفصحى ويحتقرون شأنها. ولدينا فى مصر من بات يبث برامج تليفزيونية ونشرات إخبارية باللهجة العامية، فى عداء سافر للعربية الفصحى وللهوية التى عبر عنها. وقد بلغ احتقار العربية والازدراء بها حدا جعلنا نقرأ فى إعلان قبيح نشر أكثر من مرة فى شهر أبريل الماضى أن: الشبكتين بؤا (بقيا أو أصبحا) شبكة واحدة والفرحة بَئِت فرحتين!إن احتقار اللغة عار يعبر عن التصاغر واحتقار الذات.”
“إن خصوصية المصدر أو المنشأ، لا تعني أن تعاليم الإسلام تحوّل البشر إلى ملائكة، أو تحيل الأرض جنة ونعيما مقيما. إنما يظل البشر بشرا بما فيهم الصالحون والطالحون وتظل الأرض أرضا يتنازعها الخير والشر. غاية ما هناك أنها تطرح حلولا أعمق لمشكلات الفرد والمجتمع، وتوفر إمكانية أفضل لتحقيق الخير وإقامة العدل بين الناس.وذلك كله لا سبيل إلى بلوغه إلا بالناس، وخضوعا لنواميس الكون وقوانين الأرض، وليس بعصا سحرية ولا خوارق أو معجزات”