“من يودِّع الميتَ لا يراه في الحلم ، والوداع قبلة على الوجه الشاحب ، على صُفرة صحرائه من يودّع الميت لا يراه في الحلم ، هكذا يظن الناس ، هكذا يعتقدون ، هكذا يدفعون الموتَ بعيدًا عنهم بملامستهم إياه ..برشوه ربما بهذه القبلات الناشفة الخائفة المرتجفة التي يظلّ طعمها طويلًا على الشفتين ، طعم الغياب !طعم الريح التي لا بد ستهبّ وتقتلعهم ، مُخلّفة إياهم قُبلًا جافة كي لا يعود إليهم من يحبون حتى في الحلم !”
“من يودع الميت لا يراه في الحلم ، و الوداع قبلة علي الوجه الشاحب ، علي صفرة صحرائه .من يودع الميت لا يراه في الحلم ، هكذا يظن الناس ، هكذا يعتقدون ، هكذا يدفعون الموت بعيدا عنهم بملامستهم إياه . برشوِه ربما بهذه القبلات الناشفة الخائفة المرتجفة التي يظل طعمها طويلا علي الشفتين ، طعم الغياب ، طعم الريح التي لابد ستهب و تقتلعهم مخلفة إياهم قبلا جفة ، كي لا يعودوا إلي من يحبون حتي في الحلم”
“ لو توقف الأمر على عصفورك لهان , نحن نجري جريا نحو أقفاصنا , و حين لا يضعوننا فيها , نضع أنفسنا في قفص أكثر قسوة , قفص الوحشة و الانتظار ”
“يفتّش في الحلم عمّا يريدوحين لا يجدهيصطاده الصحو”
“أتذكر، حين جاء جمال لخطبتي، حين حدث أبي، وحين ارتبك أمام سؤاله الذي لم يكن مفاجئا، السؤال المتوقع الذي يسأله أهل أي عروس: من وين بتعرف البنت؟!ارتبك الحزين!! قال لي إن السماء سقطت على رأسه، وبعج قليل عرف أنها كانت ممتلئة بالغيوم. هكذا كان يستعيد الحكاية ويضحك: غرقت في ماء لم أر مقله يا آمنة، لا، ليس عرقا، لو كان عرقا لأحسسته يتسلل من تحت ثيابي، لكنه كان يأتي من تحتها ومن فوقها.. قال له: وتحبها أيضًا!وتجرأ الحزين وقال له: وهل على الرجل أن يتزوّج المرأة التي يكرهه؟! - بتتمسخر عليّ؟ّ هكذا صرخ أبي في وجهه. بتتمسخر عليّ؟ ما في عندي بنات للزواج.”
“الخدمة الوحيدة التي تقدّمها بريطانيا العظمى للناس ليست سوى سعيها لتحويلهم إلى عبيد يعملون في أراضيهم ليواصلوا دفع الضرائب التي تؤمن ثمن الرصاص الذي يقتلهم وحبال المشانق التي تلتفّ على أعناقهم، والهراوات التي تلتهم لحمهم بلا رحمة. تقول لي إن الناس تركت أرضها!! لا، الناس لم تترك أرضها، الناس تعود من شقائها هناك لتعمل هنا في الأجازات التي من المفترض أن ترى فيها أبناءها. وكل ما تفعله الحكومة في النهاية أنها تأخذ الوليد من باب رحم أمه!! ولا تترك لها إلا بقايا الدم الذي يلوثها. نعم الناس مضطرة للذهاب إلى هناك لكي تستطيع الحصول على الماء الذي تنظف به بقايا هذا الدم هنا!”
“تسألينني لماذا البكاء؟ ومتى سأبكي إذًا؟ لماذا لا نبكي كلنا؟ كلنا يا ابنتي، مرّة واحدة، من أول "غزَّة¬" حتى آخرها، لماذا لا نبكي؟ هل يجب علينا أن نُزغرد طوال الوقت، لماذا؟ لأن أولادنا شهداء. ولكنهم أولادنا. كلّ يوم، كلّ ساعة، كل لحظة أنتظر أن يدقَّ أحدهم الباب ويأتيني الخبر الذي لا أريد سماعه. كل هذا الخوف عليهم، كل هذا الخوف، وفي النهاية يجب أن أزغرد. أتعرفين لماذا تبكي الأمهات خوفًا على أبنائهن طوال الوقت؟ لأن عليهن أن يزغردنَ مرةً واحدة. واحدة فقط. كي لا يخجلنَ من هذه الزغرودة التي يطالبهنَّ العالم بها. تبكي الواحدة منّا طوال الوت لأنها تعرف أن هنالك لحظة آتية، ستكون فيها مضطرة لأن تخون أحزانها، حين يكون عليها أن تزغرد. ثم هل تعرفين من هو الذي يجبرنا على أن نزغرد فعلًا؟ لا ليس أهلنا وأقاربنا وجيراننا، لا ليسوا هُم، الذي يجبرنا على أن نزغرد في جنازات شهدائنا هو ذلك الذي قتلهم، نزغرد حتى لا نجعله يحسَّ لحظة أنه هزمنا، وإن عشنا، سأذكِّرُكِ أننا سنبكي كثيرًا بعد أن نتحرّر!، سنبكي كل أولئك الذين كنا مضطّرين أن نزغرد في جنازاتهم، سنبكي كما نشاء، ونفرح كما نشاء، وليس حسب المواعيد التي يحدّدها هذا الذي يُطلق النار عليهم وعلينا الآن. فنحن لسنا أبطالًا، لا، لقد فكّرت طويلًا في هذا، وقلت لنفسي نحن لسنا أبطالًا، ولكننا مضطّرين أن نكون كذلك.”