“أنت مِن هنا، مِن هذا «الشعب» الذى لا تعرف عنه شيئا كثيرا. ومهما طال بك المقام فى البلاد الأخرى، ومهما تعلمت لغاتها وأخذت لكنتها وتزوجت منها، سيظل فيك جزء من هذا الشعب، هنا، شئت أم أبيت. فخير لك أن تعرفه، جيدا، ولا تنساه أو تتناساه أو تخفيه. هو منك وإن أغمضت عينيك عنه، والآخرين يرونه فيك وإن أخفيته. فخذه بيدك، وتحمل مسؤوليته وإن لم يكن من صنعك، وإن كرهتَه. اقبل ما تريد منه وارفض الباقى، لكن لا تتنكر له أو تُشِح بوجهك كيلا تراه.”
“كل فرار مؤقت، حتى يرتطم بك نيزك آخر من الاستبداد وضيق الأفق. وإن واصلتَ الفرار ستعيش فى فرار دائم. لا وجود لذلك الحلم الذى باعه لنا عمر الخيام ومن سار فى خطاه: لا وجود للحديقة الغَنَّاء التى تستلقى فيها مع حبيبتك على بساط آمن وتأكلان وتشربان وتلهوان وتتحابان وتنامان على وقع الموسيقى وتستيقظان فى حبور، دون أن تشغلا بالكما بالعالم وشروره. لا مكان يا يحيى لهذا الحلم إلا فى المنام. أما هنا، فلا أمان لك دون الآخرين. لن تجد الأمان وسط الرعب، وإن خُيِّل إليك أنك وجدته فاعلم أنه مؤقَّت، وستأتى عصا غليظة وتنقضّ عليه فى أى وقت. يمكنك التظاهر بالأمان. يمكنك مواصلة الحياة على الهامش متخيلا أن شيئا ما سيحميك: منصبك، قريب أو صديق، حسن سلوكك وبُعدك عن المشكلات، أو قلة أهميتك. لكن لا شىء من هذا يحميك حين تنزل عليك كف السلطان الظالم، على وجهك، أو مسرحك، أو فقاعتك التى صنعتَ لنفسك، أو على رأس مدينتك بكاملها، أو حتى على وجه ذلك الذى يسير بجوارك. عندها، حتى لو لم تُصِبْك الضربة مباشرة فتقتلْك أو تجرحْك أو تقضِ على فقاعتك، فإنها ستصيب جارك، وسترى ذلك بعينيك، وينكمش فيك شىء، ينقبض فيك شىء، ينغلق فيك شىء، تتعظ، وتصير من هذا اليوم وصاعدا، ناقص الحرية، ناقص الإرادة، ناقص الشجاعة، ناقص الرجولة، ناقص الإنسانية.”
“أن حقيقة الدين واحدة، وأن أوصاف الإسلام والإيمان والإحسان التى تعرض له هى شروح لوجوه شتى منه، وليست مراحل مغايرة له أو بعيدة عنه، وإن كان العنوان الذى شاع علما على هذا الدين، بل صفة للأديان كلها، وسمة للفطرة الإنسانية السليمة، هو الإسلام...”
“ألا ينتابك أحيانا هذا الشعور؟-أي شعور؟-الرغبه فى أن لا توجد.-من العسير على ذهني فهم ما تعني ..أو فهم ما بك..شىء فيك قد اختل ..شئ فيك قد اختل!”
“أنت تعرف من نفسك ما لا يعرفه الآخرون. وإن عرفوه لن يصدقوه ، وإن صدقوه لن يتذكروه . . ولن يذكروه.”
“أصحب من إذا صحبته زانك، وإذا خدمته صانك،وإذا أردت منه معونة أعانك، وإن قلت صدّق قولك،وإن صلت شدّ صولك ـ في الدفاع عن نفسك ـ وإن مددت يدك بفضل مدّها،وإن بدت عنك ثلمه سدّها، وإن رأى منك حسنة عدّها، وإن سألته أعطاك، وإن سكتّ عنه ابتدأك، وإن نزلت إحدى الملمّات بك ساواك".ُ”