“ولم يعد نمو النظام الاقتصادي خاضعا للاجابة على السؤال: ما الذي يجب عمله لخير الإنسان ؟ وانما اصبح السؤال هو: ما الذي يجب عمله لخير النظام وتنميته ؟ وحاول البعض اخفاء حدة هذه المواجهة بالترويج لفرضية أن ما هو خير للنظام بل لمؤسسة واحدة هو خير للناس جميعاً. ودعم هذا البناء وكمله بناء اضافي آخر هو الخصال التي يحتاجها النظام من الكائنات البشرية: من انانية واثره وجشع, وهي خصال مغروسة في مصممي الطبيعة البشرية . وعليه فإن هذه الخصال تقوى وتتعزز ليس بفعل النظام وحده, وإنما ايضا بقعل الطبيعة البشرية ذاتها.اما المجتمعات التي لا تعرف الأنانية أو الأثرة أو الجشع, فقد افترض انها مجتمعات بدائية, رجالها ونساؤها كالأطفال. ورفض الناس الاعتراف بان تلك السمات التي اوجدت المجتمع الصناعي ليست دوافع طبيعية, وانما هي نتاج الظرف الاجتماعية.”
“إن النظام الاجتماعي الإسلامي، وقد انبثق من العقيدة الإسلامية، وتكيّف وجوده بالشريعة الإسلامية، يجب أن يظل دائما خاضعا في نموه وتجدده للأصل الذي انبثق منه، وللشريعة التي كيّفت وجوده. يجب أن تكون الشريعة الإسلامية هي المسيطرة على كل تطور في نظام المجتمع الإسلامي، وألا يترخص هذا النظام في اتجاه من اتجاهاته الكلية والجزئية خضوعا لأوضاع أجنبية عن طبيعته، تضغط عليه من الخارج، بينما هو يملك تلبية جميع الحاجات المتجددة في حدود قانونه هو، وحسب اتجاهه الذاتي.”
“عندما يصبح النظام السياسي بؤرة وتجسيداً لكل النشاطات في المجتمع، فإن النظام يكون كالله، ويكون الناس معه أو ضده، كافرين أو مؤمنين، فيستحقون على الأرض ما يستحقه المؤمن أو الكافر في السماء. وهذا هو بالدرجة الأولى ما يشل الفكر العربي.”
“إن للاقتصاد قيمته وأثره من غير شك،ولكن في الكون شيئا آخر بجانب الاقتصاد هو الشعور الإنساني، وشيئا آخر بجانب الآلة هو هذا الإنسان! ...إن النظام الإسلامي ليس هو الرق، وليس هو الإقطاع، وليس هو الرأسمالية، وليس هو الاشتراكية، وليس هو الشيوعية..إن النظام الإسلامي هو فقط .. النظام الإسلامي”
“لقد شكل الإنسان ويشكل يوميا نظاما ذاتيا يجرده من هويته, وهذا ليس سوء فهم للتاريخ يصعب تفسيره, او انحراف لاعقلاني او نتيجة لارادة شيطانية عليا قررت لأسباب غير معروفة أن يتعذب فصيل من البشر. يمكن أن يحدث هذا, وهو جائز لأن الإنسان الحديث يمتلك سمات معينة تجعله يشكل هذا النظام أو على الأقل يتحمله. يبدو انه يحمل في طياته شيئا يعد مثل هذا النظام امتداد له أو انعكاس له ويتفق معه. يحمل شيئا يبطل كل محاولة لتحفيز "الأنا الجيدة".الإنسان مجبر على العيش في الكذب, لكن مجبر على ذلك لأنه قادر على حياة كهذه. فليس فقط النظام هو الذي يحول الإنسان ونفسه, بل الإنسان المنفصل عن نفسه هو الذي يدعم هذا النظام وكأنه مشروعه البديهي, وكأنه صورة منحطة لانحطاطه, وكانه دليلا على فشله.”
“إن الأزمة العميقة للهوية البشرية التي سببتها الحياة "في الكذب", والحياة التي أسست عليها لها بالتأكيد بعد أخلاقي: يظهر هذا البعد كأزمة أخلاقية عميقة في المجتمع, إن الإنسان الذي سقط في منظومة القيم الإستهلاكية, وانصهر في مزيج القافلة الحضارية, ولم ينخرط في نظام الوجود بناء على شعوره بمسؤولية أعلى من مسؤوليته عن البقاء كفرد يعد إنسان منزوع الأخلاق. يعتمد النظام على هذا الإنعدام الأخلاقي ويعمقه كمخرج اجتماعي له.”