“في هذه الآونة استخرج البعض حديث «بعثت بالسيف بين يدي الساعة، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذل والصار على من خالف أمرى...».قلت: ليت لكم سيفا يحمي الح، ويرد عنه العوادي! فإن الحق يغرق وليس له صريخ!.ليت لكم رمحا ترتزقون في ظله، إنكم تتسولون أرزاقكم من غراس عدوكم، وهو الذي يصنع السلاح الذي تشترونه بالغالي والرخيص لأغراض يعلمها الله!..مالكم ولهذا الحديث؟ قال لي غلام متعالم: إنه يرد كل ما تقول..!قلت: سأتجاوز عن ضعف هذا الحديث من ناحية سنده، ولن أطعن في صحته ـ مع أن الطعن وارد ـ ولكني أسأل: لماذا لا تتعلمون الدين وتحسنون فقهه والعمل به، ثم تحسنون الدعوة إليه؟ عندما يراكم العالم أدنى مستوى منه فلن يسمع منكم ولن يرتضيكم قادة له، لا يجوز أن يكون الإمام أجهل من المأموم..!ما وظيفة السيف في أيديكم وأنتم متظالمون؟ جائرون عن سبيل الرشاد؟.”
“قلت له: من هو الإنسان الذي غاظك أكثر في الوجود؟قال: أبو نواس عليه اللعنة.. قاسمته حياته ثم وصمني ببيتين من الشعر:تذكرت ما قاله أبو نواس عن إبليس..عجبت من إبليس في تيهه وسوء ما أظهر من نيتهتاه على آدم في سجــــــدة وصار قـــــواداً لذريته”
“وكلمة الخروج على الحاكم كانت قديمًا تعنى شهر السلاح في وجهه، ولا أظن أحدا ينتظر من الإسلام أن يبيح هذا الحق لمن يشاء متى يشاء، وكل ما ذكره الإسلام في إطفاء بذور الحرب الأهلية قول الرسول: “ستكون هنات وهنات، فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهى جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان “، وهذا حديث لا غبار عليه، وأرقى الأمم الدستورية تعمل بوحيه في أيام حربها وسلامها، فإن حق الثورة المسلحة ليس كلأً مباحا يرعاه كلُّ غضبان، أما اعتبار المعارضة المشروعة خروجًا على الدين وحكومته يُقتل من أجلها المعارض استدلالاً من الحديث السابق فهو ما لا موضع له في أدمغة العلماء؛ إن السفلة من الحكام قتلوا كثيرًا من الناس جريًا على طبائع الاستبداد لا اتباعا لأحكام الله، فلا ينبغي الاعتذار للمجرمين بأنهم تأولوا آيات الكتاب وأحاديث الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ فهم لا يعرفون لله حقًّا، ولا لرسوله حرمة، وقبيح بنا هذا الانتحالمن هنا نعلم”
“وبدون أن أدري تركت له يدي لتنام كالعصفور بين يديه .. ونسيت حقدي كله في لحظة من قال إني قد حقدت عليه؟ كم قلت إني غير عائدة له ورجعت .. ما أحلى الرجوع إليه”
“هناك مقولة تكرر الأيام إثبات صحتها، وهي أن مجتمعات القمع، القامعة والمقموعة، تولد في نفس كل فرد من أفرادها ديكتاتوراً، ومن ثم فإن كل فرد فيها، ومهما شكا من الاضطهاد، يكون مهيأ سلفاً لأن يمارس هذا القمع ذاته الذي يشكو منه، وربما ما هو أقسى وأكثر عنفاً، على كل من يقع تحت سطوته، فالمثل المحتذى متوفر أمامه كل يوم في من يضطهدونه، وهو شاء أم أبي يرى فيهم ما يمكنه أن يقلده، ولهذا يتبين أن الموظف الضعيف الهزء والمسخرة له أنياب لاتقل حدة وإيذاء عن أنياب من يهزؤون منه ويسخّرونه أو يسخرون منه، ولا تظهرهذه الأنياب، أنيابه، إلا حين تتاح له الفرصة للترقي الوظيفي، وحين يصبح آمراً على آخرين يستطيع أن يضرهم وينفعهم.”
“لأصل للفن أنه وجدان مفتوح على الكون، إنه قلب اتسعت أقطاره لترى ما في الدنيا مما صنع الله فيها من جمال."من الممكن أن تتحول الفنون إلى عوامل بناء لا إلى عوامل هدم، وأنا أرفض أن يجيء إنسان فيفرض انسحابه من هذه الدنيا على الناس، ويقول لهم: اتركوا هذه الفنون، لا، لا أتركها "وهناك أناس اتصلوا بالدين من جانب ضيق فيه، وأحبوا ويحبون أن يكون الدين كآبة، ويحبون أن تكون نظرتهم له نظرة فيها ضراء وبأساء، وهذا مرفوض، فإن الله (سبحانه وتعالى) لما شرح لنا علاقة الخلق به لم يشرحها على هذا النحو، بل قال: "قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون" (الأعراف: 32)، أي هي لهم في الدنيا يشاركهم فيها غيرهم من الكفار، ولكنها تخلص لهم وحدهم يوم القيامة، وبين أن الذي حرمه معروف "قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق، وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا، وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون" (الأعراف: 33).من غير شك، الفنون ينبغي أن يكون لها مجال في حياتنا، وألفت النظر إلى أن الإباحة هي الأصل في الكون "هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا" (البقرة: 29). أنا أرى أنه من الممكن أن تتحول الفنون إلى عوامل بناء لا إلى عوامل هدم، وأنا أرفض أن يجيء إنسان فيفرض انسحابه من هذه الدنيا على الناس، ويقول لهم: اتركوا هذه الفنون، لا، لا أتركها، أنا أحولها إلى ما يخدم مبادئي وأهدافي.”