“لا أحد يشعر بمعنى التخلف ، قدر ذلك الكائن الذى يطلق عليه " المثقف " .المثقف ، تركيبة غريبة تطمح دائماً الى أن تعيش فى المعانى المطلقة و المجردة للأشياء. أقدامه مغروسة فى طين الواقع ، و عيونه الفاحصة المدربة ، قادرة على اكتشاف أصغر ما فى واقعه من متناقضات مزعجة . احساسه المركب المعقد قادر على تكبير الأخطاء ، و روؤية ما خلفها من معان و دلالات ، الأدهى و الأمر .. أن أغلب أحلام المثقف مرتبطة بفهم الواقع و القدرة على تغييره . وضعه المعلق دائماً بين الحلم و الواقع ، يجعل منه وتراً مشدوداً . وضعه هذا يجعله يعيش اللحظة مرتين .. يذوق المر .. مرتين . و يندر أن يبقى فى فمه طعم لحلاوة.”
“و قد كتب على الإنسان أن يرى واقعه دوما من خلال عدسة مشوهة ، و ما يراه واقعا هو في أغلب الظن ما يود أن يرى هذا الواقع على صورته .”
“لقد تم بسرعة تأميم كلمة " الثورة " ، دون أن تعيش حرة قوية فى النفوس . لا أعرف كلمة أكثر قدرة على ايقاظ البشر من كلمة الثورة ، انها تعنى القدرة على التغير ، و الحماس ، و وضوح الهدف ، و امتلاك الوسائل للفعل و الحرية فى الاقدام عليه .. و لكن سرعان ما تتحول الثورات الى " أنظمة " و " أجهزة " و " مصالح ".”
“نحن أمواج إن تسترح تمت " ..إذ أننا فيما يبدو لابد أن يكون لدينا دائما ما يجعل الراحة و اطمئنان القلب أملا نتطلع إليه دون تحقيقه , فإن عجز الواقع عن تقديم المنغصات التى تحرمنا من راحة البال .. تكفلت هواجس الإنسان و شكوكه بخلقها من العدم خلقا .. و عقل الإنسان قد يفضل فى بعض الأحيان أن يصدق ما يرغب المرء بهواجسه فى تصديقه, و ليس ما ينبغى له أن يصدقه اعتمادا على الواقع العملى.”
“لا يكفى فى العمل السياسى أن يكون الانسان صادقا و متفانيا ، خاصة فى جو الكهانة ، و الذى انتقل من الأديرة النائية الى التنظيمات السرية.فحين تغيب الحرية فى القول و الاختيار، وحين يتم التستر على كل شئ ، خاصة الأخطاء ، بحجة حماية التنظيم ،و لعدم تمكين الأعداء ، فعندئذ من الأفضل ، بل الأهم ، أن يكون الانسان ماكرا بارعا و أقرب الى النفاق، و خاصة مع من هم أكبر منه موقعا ، و مع من هم أقوى ! أما اذا كانت الطيبة سلاح المناضل ، فانها فى حالات كثيرة تدل على الغفلة و سوء التقدير ، و عدم معرفة القوانين الحقيقة التى تحرك الأشخاص و تتحكم بالسياسة و الدول”
“وارحمتاه لكم يا شباب هذا الجيل ... أنتم المخضرمون بين مدرسة الإيمان من طريق النقل، و مدرسة الإدراك من طريق العقل. تلوكون قشوراً من الدين، و قشوراً من الفسلفة، فيقوم فى عقولكم، أن الإيمان و الفلسلفة لا يجتمعان، و أن العقل و الدين لا يأتلفان، و أن الفلسفة سبيل الإلحاد ... و ما هى كذلك يا ولدى، بل هى سبيل للإيمان بالله، من طريق العقل، الذى بُنى عليه الإيمان كله. و لكن الفلسفة يا بنى بحر على خلاف البحور يجد راكبه الخطر و الزيغ فى سواحله و شطاَنه و الأمان و الإيمان فى لُججه و أعماقه ...مولانا الشيخ الموزون لـ حيران الأضعف البنجابى”