“ولعل تأخر المسلمين في بعض الميادين يرجع إلى أنهم فرضوا قيودا شتى على أنفسهم باسم الإسلام. فعاشوا في سجن هذه القيود المزعومة، لا يستطيعون حراكا، على حين انطلق غيرهم لا يعوقه شيء. وفي الوقت الذي احترموا فيه هذه القيود الباطلة، أفلتوا من قيود الكمال الروحي والذهني التي هي لباب الدين. ومن هنا وهت صلتهم بالدين، ووهت صلتهم بالدنيا، وهزموا في الميدانين معا ..”
“التعاليم التي ندعوإليها هي الأركان المتفق عليها والنصوص المقطوع بها أما ما يحتمل عدة أفهام فلا دخل له في ميدان الدعوة! وإذا كان المسلمون أنفسهم في سعة أمام هذه الأفهام العديدة، وإذا قالوا: لا يعترض بمجتهد على مجتهد آخر، فكيف نلزم الأجانب بفقه خاص؟إننا نضع العواثق عمدا أمام الإسلام حين نفرض على الراغبين فيه تقاليدنا في الحكم والاقتصاد والمجتمع والأسرة وأغلب هذه التقاليد ليس له سناد قائم، بل أغلبه وليد عصور الانحراف والتخلف..و من الممكن بعد اقتناع الراغبين في الإسلام من اعتناقه، أن تترك لهم حرية الاختيار من الفروع التي لا حصر للخلاف فيها، ولا ميزة لرأي على آخر..إننا ندعوإلى الإسلام، لا إلى الاقتداء بالمسلمين! ندعوإلى الكتاب والسنة، لا إلى سيرة أمة ظلمت نفسها ولم تنصف تراثها.ذلك أن دين الله جدير بالاتباع أما مسالكنا نحن فجديرة بالنقد، والبعد...!”
“لأصل للفن أنه وجدان مفتوح على الكون، إنه قلب اتسعت أقطاره لترى ما في الدنيا مما صنع الله فيها من جمال."من الممكن أن تتحول الفنون إلى عوامل بناء لا إلى عوامل هدم، وأنا أرفض أن يجيء إنسان فيفرض انسحابه من هذه الدنيا على الناس، ويقول لهم: اتركوا هذه الفنون، لا، لا أتركها "وهناك أناس اتصلوا بالدين من جانب ضيق فيه، وأحبوا ويحبون أن يكون الدين كآبة، ويحبون أن تكون نظرتهم له نظرة فيها ضراء وبأساء، وهذا مرفوض، فإن الله (سبحانه وتعالى) لما شرح لنا علاقة الخلق به لم يشرحها على هذا النحو، بل قال: "قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون" (الأعراف: 32)، أي هي لهم في الدنيا يشاركهم فيها غيرهم من الكفار، ولكنها تخلص لهم وحدهم يوم القيامة، وبين أن الذي حرمه معروف "قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق، وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا، وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون" (الأعراف: 33).من غير شك، الفنون ينبغي أن يكون لها مجال في حياتنا، وألفت النظر إلى أن الإباحة هي الأصل في الكون "هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا" (البقرة: 29). أنا أرى أنه من الممكن أن تتحول الفنون إلى عوامل بناء لا إلى عوامل هدم، وأنا أرفض أن يجيء إنسان فيفرض انسحابه من هذه الدنيا على الناس، ويقول لهم: اتركوا هذه الفنون، لا، لا أتركها، أنا أحولها إلى ما يخدم مبادئي وأهدافي.”
“وفلسفة التصوف هذه دخيلة على الإسلام، وهي تخالف طبيعة الحياة كما شرحها الله في كتابه، وتخالف طبيعة الإسلام التي تتألق في نصوصه وفي سيرة السلف الصالحين!”
“إلى الحكام والمرشحين للحكم: دعوا مواكب الإسلام تمر بألويتها إلى ما تريد…! لا تحرصوا على كل شيء فتفقدوا كل شراء… اقبلوا حكم الدين في دنياكم… قبل أن تسلبكم الثورات الحاقدة كل رحمة في الدين، وكل متعة في الدنيا”الإسلام والمناهج الاشتراكية”
“واتباع الدين لخير الناس لا لخير أحد غيرهم، ومن هنا نرى المغفلين عادة يقفون في المعسكر المعادي للدين.”
“إن الدين في باب المعاملات مصلح لا منشئ كما يقول ابن القيم، إنه لم يخترع البيع أو الزواج وإنما جاء إلى هذه العقود فضبطها بتعاليمه!.فالبيع –مثلا- بإيجاب وقبول ولا يجوز فيه الغش، أو الربا، أو الاحتكار..إلخ.والزواج –مثلا- بإيجاب ولا يجوز فيه الاتصال بالمحارم، ولا الافتيات على الولى..ولا ترك الإشهار..إلخ.وفي شتى المعاملات إذا تحققت المصلحة فثم شرع الله!فما الذي يمنعنا؟ نحن –الذين جمدنا فقهنا وأغلقنا باب الاجتهاد ألف عام- أن ننظر في الوسائل التي اتخذها غيرها لمنع الفساد السياسي أو منع الاعوجاج الاقتصادي، ونقتبس منها ما لا يصادم نصا، ولا يند عن قاعدة؟الحق أن التوقف في هذا المجال ليس إلا امتدادًا للكسل العقلي الذي سيطر على مسيرة الإسلام التاريخية أمدًا ليس بالقصير..!!”