“كنت أتدحرج يوماً بعد آخر نحو هاوية حبك ، أصطدم بالحجارة والصخور ، وكل ما في طريقي من مستحيلات . ولكني كنت أحبك . ولا أنتبه إلي آثار الجراح على قدمي ، ولا إلي آثار الخدوش على ضميري الذي كان قبلك إناء بلور لا يقبل الخدش. وكنت أواصل نزولي معك بسرعة مذهلة نحو أبعد نقطة في العشق الجنوني .وكنت أشعر أنني غير مذنب في حبك . على الأقل حتى تلك الفترة التي كنت مكتفياً فيها بحبك ، بعدما أقنعت نفسي أنني لا أسيء إلي أحد بهذا الحب .وقتها لم أكن أجرؤ على أن أحلم بأكثر من هذا . كانت تكفيني تلك العاطفة الجارفة التي تعبرني لأول مرة ، بسعادتها المتطرفة أحياناً ، وحزنها المتطرف أحياناً أخرى ..كان يكفيني الحب .متى بدأ جنوني بك ؟”
“كنت مسرعاً نحو غاية لا أعرفها، في لحظة ما أدركت أنني لا أعرفني! وأن ما مضى من عمري لم يعد موجوداً.كانت الأفكار والصور تمر علي خاطري ولا تثبت، تماما كما تمر قدماي على الأرض، فلا تقف. شعرت أن كل ما جرى معي، وكل ما بدا أمامي في أيامي وسنواتي الماضية، لا يخصني..أنا آخر، غير هذا الذي كان، ثم بان!”
“وإنني لمدرك الآن أنني كنت غير قانع بنفسي، وكانت هذه اللاقناعة تصل إلى حد الاشمئزاز بسبب غروري اللانهائي، والمستوى العالي الذي رسمته لنفسي، وهكذا صرت أشعر في صميمي بأن الآخرين كانوا يشعرون نحوي بمثل شعوري نحو نفسي. لقد كرهت وجهي مثلاً، وكنت أعتقد أنه يبعث على الاشمئزاز، بل كنت أظن أنه كان هنالك شيء من الضعة في ملامحي، ولهذا فكنت كلما صعدت إلى مقر عملي أحاول أن أتصرف بما يوحي باستقلالي الذاتي، وأن أضع على وجهي شيئاً من الترفع بقدر امكاني ، وكل هذا لكي لا أبدو تعسا حقيراً. وكنت أقول: قد يكون وجهي قبيحاً، فليكن رفيعاً معبراً إذن، وفوق ذلك ليبد دالاً على الذكاء الحاد. ولكنني كنت متأكداً إلى درجة شديدة تبعث على الألم من أنه كان مستحيلاً على ملامحي أن تعكس هذه الصفات، والأسوأ هو أنني كنت أعتقد بأنني كنت ألوح غبياً، ولهذا فقد كنت أطمح إلى أن ألوح ذكياً وحسب. بل كنت أرحب حتى بأن أبدو وضيعاً من أجل أن أبدو ذكياً فقط.”
“كان عندي إحساس ما إنني سأراك مرة أخرى.. ربما غداً. كنت أشعر أننا في بداية شيء ما، وأننا كلينا على عجل. كان هناك كثير من الأشياء التي لم نقلها بعد، بل إننا لم نقل شياً في النهاية”
“ابليس: هذا أفكر فيه طيلة الوقت .. كان الله يعلم أنني سأرفض السجود.. سأتحول إلى الشر المحض.. لو علمت أنا أن الله يعلم بما سيكون فربما كان لي تصرف آخر.. المأساة أن الله يعلم ما بنفسي وأنا لا أعرف ما في نفسه.قلت: أكنت تحلم بأن تخدع الخالق.ابليس: لقد تصورت أنني خدعته بعبادتي آلاف السنين حتى وصلت إلي مرتبة الوقوف مع الملائكة .. كنت واهماً.. كان يعرف أن في نفسي خيطا من الرياء وأنا أعبده.. كان يعرف أنني أعبده لأترقى.. لم أكن أعبده لذاته.. إنما عبدته بسبب ما تمنحه العبادة من كبرياء ومجد.. كان هذا شيئاً لا تعرفه زوجتي ولا يعرفه أصدق أصدقائي.. كيف عرفه الخالق..”
“كنتِ داخل الدهشة، ولم أكن أصدق أنكِ كنتِ هنا، ههنا بين يدي، وجهي في وجهك وصدري على صدرك وقلبي في قلبك، شفتاي على جمرة شفتيكِ ونبضي وعروقي يختلطان بكِ لأول مرة أدرك أنني كنت قادرًا على حبك بعيني مفتوحتين خوفًا من انسياب أية رعشة لم أحس بها”