“الشريعة أكبر شأنًا من أن يكون مصيرها وتطبيقها وتعطيلها بيد حفنة من الحكام والولاة ، أو أن تبقى تحت رحمتهم وتقلبات أمزجتهم ، بل الأمة أو المجتمع المسلم هو الأصل ، وهو المكلّف بتطبيق الشريعة من خلال نشاطاته وعلاقاته ومؤسساته المدنية والأهلية وتفاعلاته الإنسانية في محيطه المكاني والزماني ، وما الدولة والحكومة سوى إحدى تلك المؤسسات المنبثقة من سيادة الأمة المستقلة والمعبرة عن إرادتها الحرة ..”
“وبناءً على هذا الاختزال في مفهوم الشريعة؛ فإن الدولة التي تطبق الحدود، أو على الأقل تعلن ذلك من دون النظر إلى حقيقة واقعها، وتلزم المرأة ببعض الأحكام التي ربما قد تكون في غالبها فتاوى اجتهادية، ومحل اختلاف وتنوع بين المذاهب الفقهية؛ تصبح حينئذ الدولة - وفق هذه الرؤية القاصرة - مطبقة للشريعة.. حتى لو كانت مستبدة وظالمة وفاسدة، ولا تقيم العدالة الاجتماعية، ولا تكفل الحريات العامة، وتمارس الدكتاتورية وقمع الناس، وتعتدي على حقوق الأفراد، وتنتهك خصوصياتهم وحرياتهم، وتعتقل من يعارضها ويخالفها، وربما تستبيح القانون فتقتل وتسفك الدماء، وتسرق المال العام، وتمارس الفشل السياسي والفساد الإداري والمالي في تدبير الدولة، وتمارس التخلف و(الجهل المؤسس) في التعليم والاقتصاد والخدمات، وتعيق فريضة العمران في الأرض: (النهضة والتنمية والرفاه)... إلى آخر الانتهاكات وذلك التعطيل للمطالب والمقاصد الشرعية الكبرى في الإسلام، وتبقى تلك الدولة - وفق هذه الرؤية - مطبقةً للشريعة الإسلامية على أساس أنها تنفذ الحدود وتفرض الحجاب! وأما ذلك التعطيل وتلك الانتهاكات الشنيعة حول تلك المطالب العليا والمقاصد الشرعية الكبرى (كالعدالة والأمانة وحفظ الحقوق والحريات والإحسان في تدبير السياسة والحكم)، التي هي بمثابة الرأس والقلب والروح في جسد الشريعة، لا تعدو أن تكون مجرد تقصير في تطبيق الشريعة! فتحتاج فقط إلى المناصحة السرية وممارسة (وعظ السلاطين)، والصبر والاحتساب على ظلمهم وجورهم، و(كما تكونوا يولى عليكم).”
“إن ما أصاب الأمة من تخلف وما نالها من عناء يوجب على العقل المسلم أن يأخذ دوره الصحيح مصدرا ً للفكر الإسلامي متكاملا ومتعاونا مع مصدر الوحي والكون للعمل سوياً على بناء الرؤية الحضارية من منظور إسلامي ، وبناء المجتمع المسلم المعاصر ومؤسساته ومنشآته التي تتطلبها حاجة الأمة وطموحاتها وما تواجهه من تحديات .”
“كل الثورات تمر بعدة مراحل:أولها: البداية، ويطلق البداية عادة إما شخص مجنون متهور أرعن وإما شخص عبقري حكيم.ثانيها:الوقود، فوقود الثورة إما أن يكون من أشخاص شجعان ذوي رؤية واقعية بالثورة والمقاومة، وإما أن يكون من أناس بسطاء مشوا مع الموج دون أن يدروا وإذا بهم وقود للثورة وهذا هو حال الأغلبية.ثالثها:الخاتمة، وتختتم الثورة عادةً من قبل نوع واحد فقط لا غير. نوع لا ثاني أو ثالث له، وهو النوع الانتهازي المتسلط النوع الذي كان يرقص على دماء الشهداء من خلال تصريحاته النارية صباحاً، وسكراً وعربدةً ليلاً.”
“أن تكون عروبيا لم يعن، ولا يعني حاليا بالضرورة أن تكون ديمقراطيا. بيد أن التجربة التاريخية أثبتت أن نظام الحزب الواحد مسنودا بتعدد الاجهزة الأمنية وانتشارها في جسد المجتمع لم يحقق وحدة، بل شوه حتى بنية الدولة القطرية التي بنيت في مرحلة المد القومي. من يدعو الى الوحدة العربية لا بد ان يستند إلى إرادة الغالبية الساحقة من الأمة، وأن خير تعبير عن إرادة الأمة وأقصر طريق لحق تقرير مصيرها هو الديمقراطية، وشرطها حقوق المواطن والحريات المدنية.”
“وأخيراً..لابد لي من توجيه الدعوة إلى كل من كان يموت في ذلك السجن عشرات المرات في ليله ونهارهإن كان في سجن تدمر نهارات/ثم من الله عليه بالفرج/أن يبادر إلى تسجيل ما مر به من ألوان النكال والعذاب على أيدي القرامطة الجدد/ورّاث الأحقاد التاريخية/وخونة هذه الأمة،من أجل التأريخ لهذه المرحلة العصيبة الدقيقة من حياة الشعب/والأرض/والوطنلتكتمل الصورة/بتكامل الشهاداتوليس لأحد عذر في أن يكتم شهادته، مهما تكن ظروفه/إذ لا يمكن لواحد واثنين وعشرة وعشرين ممن كتب الله لهم الحياة وخرجوا من سجن الموت ذاك/أن يفوا الصورة حقها/أو أن يحيطوا بكل ما كان يجري..لقد كانت المؤامرة على الشعب السوري خاصة كبيرة ومتشعبةلأن اليهود ومن يسير في ركابهم وتحت ألويتهم، يعرفون طبيعة هذا الشعب/وجهاده/وبذله/وتضحيتهلذلك تآمروا عليه/وأغرقوه في حمامات الدم، وصولاً إلى تهجينه/وتدجينهوعندها، لم تقم للعرب قائمةفالشعب الذي لم يلق السلاح يوماً قد ألقاه بعدما حكم الطائفيون على كل من توجد لديه قطعة سلاح بالإعدامظنوا أنهم قد دجّنوه..وخسئوا..فهذا الشعب الذي يئن تحت وطأة الجزارين الطائفيين،سوف ينتفِــــض من أوباش القرن العشرينولن يكون مطيّة لمستعمر أو عميل..ويسألُون: متى هو؟قل عسى أن يكون قريباً…أليسَ الصبح بقريب؟20/10/1992 عبود بن الشيخ”
“من الأمور المقررة طبيعةً وتاريخياً أنه ما من حكومة عادلة تأمن المسؤولية والمؤاخذة بسبب غفلة الأمة أو التمكن من إغفالها إلا وتسارع إلى التلبس بصفة الاستبداد، وبعد أن تتمكن فيه لا تتركه وفي خدمتها إحدى الوسيلتين العظيمتين: جهالة الأمة، والجنود المنظمة”