“إن الإنسان المستقيم لا يعيش الخوف. لأن الخوف أمران. أما ذنب أنا سبب فيه. والسائر على الطريق المستقيم لم يفعل شيئا يخاف انكشافه. وأما أمر لا دخل لي فيه. يجريه على خالقي. وهذا لابد أن يكون لحكمة. قد أدركها. وقد لا أدركها ولكني أتقبلها. فالذي يتبع هدى الله. لا يخاف ولا يحزن. لأنه لم يذنب. ولم يخرق قانونا. ولم يغش بشرا. أو يخفي جريمة. فلا يخاف شيئا، ولو قابله حدث مفاجئ، فقلبه مطمئن.والذين يتبعون الله. لا يخافون. ولا يخاف عليهم .. وقوله تعالى: "ولا هم يحزنون" لأن الذي يعيش طائعا لمنهج الله .. ليس هناك شيء يجعله يحزن. ذلك أن إرادته في هذه الحالة تخضع لإرادة خالقه. فكل ما يحدث له من الله هو خير. حتى ولو كان يبدو على السطح غير ذلك. ملكاته منسجمة وهو في سلام مع الكون ومع نفسه. والكون لا يسمع منه إلا التسبيح والطاعة الصلاة وكلها رحمة. فهو في سلام مع نفسه. وفي سلام مع ربه. وفي سلام مع المجتمع.”
“والذي يعطي ويتقي ويصدق بالحسنى يكون قد بذل أقصى ما في وسعه ليزكي نفسه ويهديها، عندئذ يستحق عون الله وتوفيقه الذي أوجبه (سبحانه وتعالى) على نفسه بإرادته ومشيئته. والذي بدونه لا يكون شيء، ومن يسره الله لليسرى فقد وصل.. وصل في سر وفي رفق وفي هوادة.. وصل وهو بعد في هذه الأرض، وعاش في يسر، يفيض اليسر من نفسه على كل ما حوله وعلى كل من حوله.. اليسر في خطوه، واليسر في طريقه، واليسر في تناوله للأمور كلها، والتوفيق الهادئ المطمئن في كلياتها وجزئياتها، وهي درجة تتضمن كل شيء في طياتها، حيث تسلك صاحبها مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في وعد ربه له: "وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ".”
“فساعة ما تقبل على أي عمل تقول: بسم الله، يعني: أنا لا أقبل بقدرتي، ولا بعلمي، ولا بشيء من عندي، وأنما أقبل على العمل باسم الله الذي سخره لي، وجعل أنفعاله لي من فضل تسخيره، فتصبح أنت لا تقبل على شيء بأسبابك، لا تقبل على شيء بعناصر الفعل منك، بل تقبل على الشيء بعناصر الخالق الذي سخر لك العناصر، وجعلها تستجيب وتنفعل لك، فإذا ما نجحت في الفعل فإياك أن تعزو ذلك إلى نفسك، أو مهاراتك، أو حسن تأتِّيك للأشياء، بل قل: الحمد لله.. فإذا ما أثمر العمل فقل: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله.. حينئذ يلتصق المؤمن بربه بادئاً ومنتهياً.”
“المجرم هو دائما انسان ينزف من الداخل .أما من يعيش في سلام مع نفسه فهو يعيش دائما في سلام مع الآخرين .. انه لا يستطيع أن يكره .. ولا يخطر بذهنه ان يرفع سلاحا في وجه أحد .. أنه قد يطلق ضحكة أو يترنم بأغنية , ولكنه أبدا لا يفكر في أن يطلق رصاص . وإنما تولد الكراهية للآخرين حينما تولد للنفس .”
“فالصراع دائماً يكون بين قوتين، وحين يكون الصراع بين قوتين، إنما يكون بين حق وباطل، وإذا كان الصراع بين حق وباطل، فلا يطول ذلك الصراع أبداً؛ لأن الباطل زهوق، وإما أن يكون صراعاً بين حقين، فذلك لا يوجد؛ لأنه لا يوجد في قضية واحدة حقان يتصارعان، وإما أن يكون بين باطلين، وذلك هو الصراع المشهود الذي يطول ولا ينتهي أبداً؛ لأن أحد الباطلين ليس أولى بأن ينصره الله (عز وجل) على غيره، فيظل الصراع طويلاً، فإذا رأيت معركة بين طرفين ولم تنتهي، فاعلم أن الصراع فيها بين باطلين.”
“معني ( لا إله إلا الله) أنه لا حسيب ولا رقيب إلا الله، هو وحده الجدير بالخشية والخوف والمراقبة، فمن كان يخاف المرض ومن كان يخاف الميكروب ومن كان يخاف عصا الشرطي وجنود الحاكم فإنه لم يقل (لا) لكل تلك الألة الوهمية ،، وإنما هو ما زال ساجداً لها وقد اشرك مع خالقه كل تلك الآلهة الآلهة المزيفه”
“ظنوا أن النبي لا يحزن ، كما ظن قومٌ أن الشجاع لا يخاف ولا يحب الحياة ، وأن الكريم لا يعرف قيمة المال .ولكن القلب الذي لا يعرف قيمة المال لا فضل له في الكرم ، والقلب الذي لا يخاف لا فضل له في الشجاعة ، والقلب الذي لا يحزن لا فضل له في الصبر .إنما الفضل في الحزن والغلبة عليه ، وفي الخوف والسمو عليه ، وفي معرفة المال والإيثار عليه”