“لا تُحِبُّ الأشجارُ لونَ أوراقِ الكتُبِ الصفراء ..لأنَّها تُذَكِّرُها بالموت ..كذلك، هذا الحَفيفُ الذي يسمعُهُ المُرهَفونَ للشَّجَر:يكرَهُ أورادَ المُتَبَتِّلين ..لهذاالتصقتُ أمسِ بسِنديانةٍ عملاقة ..ولم أتكلَّمْ إلى الآنْ". كنتُ أسمعُ جوقةَ مُنشِدِين وأنا أكتبُ هذا النَّصّ .. لم أكن أراها .. لكني كنتُ أسمعُها .. لم أكن أعلمُ مصدر الصوت .. ورأيتهم ينظرونَ إليَّ في حزنٍ حين صرَّحتُ بأن الحفيف يكرهُ أوراد المتبتلين .. يالَحُزنِ الكائنات! ربَّما كانت كلُّ وساطاتِ العقل لتفهُّمِ الأشياء بائسة .. ربَّما كان العقلُ نقمة .. المنشدون يحبُّون أن يتماهَوا مع الشجر .. لكنهم توسطوا إلى ذلك بعقولهم، فلم يُصبحوا شجرًا ولم يدركوا سِرَّ الشجَر .. كيف لي أن أدركَ الأشياءَ في ذاتِها؟ أن أتماهَى معها؟؟ هل من طريقٍ إلى حدسٍ أزليٍّ أبديٍّ صامتٍ مُقَدَّس؟ أنا في بدايةِ الجُنون!* * *من رواية (كلام) - الفصل الثاني (صلاح/ الإثمُ وردةٌ ذهبية)”
“ابليس: هذا أفكر فيه طيلة الوقت .. كان الله يعلم أنني سأرفض السجود.. سأتحول إلى الشر المحض.. لو علمت أنا أن الله يعلم بما سيكون فربما كان لي تصرف آخر.. المأساة أن الله يعلم ما بنفسي وأنا لا أعرف ما في نفسه.قلت: أكنت تحلم بأن تخدع الخالق.ابليس: لقد تصورت أنني خدعته بعبادتي آلاف السنين حتى وصلت إلي مرتبة الوقوف مع الملائكة .. كنت واهماً.. كان يعرف أن في نفسي خيطا من الرياء وأنا أعبده.. كان يعرف أنني أعبده لأترقى.. لم أكن أعبده لذاته.. إنما عبدته بسبب ما تمنحه العبادة من كبرياء ومجد.. كان هذا شيئاً لا تعرفه زوجتي ولا يعرفه أصدق أصدقائي.. كيف عرفه الخالق..”
“عذري أنني لم أكن أعرف... لم أكن أفهم... لم أكن أدري..!عذري أن شعري كان أسود و قلبي كان أبيضحين انداح العذر و غرق, و تحول الشعر إلى البياض و نضج, كان القلب يستعير من الشعر نضج لونه الأسود... و عاودت الأرض جريانها في الفضاء”
“الذي أدريه الآن يقيناً، أن من يصعد إلى هذا المرتقى يوماً، لا يعود كما كان من قبل الارتقاء، ويظل يهفو أبداً إلى هذا الارتقاء، لهذا لم أعد أرى في جنون متسلقي قمم الجبال جنوناً، بل هي رغبة مطلقة في الانعتاق من شقاء العالم الأرضي وملامسة مطلق النقاء الذي لم يمسسه بشر أو لم يلوِّثْه بعد.”
“لم يكن هذا عادلاً ، أنا الذي ينتابني الحب لأول مرة ، كيف لي أن أنظر إلى ما هو أبعد من عتباته الأولى حتى أخاف من الفراق ، كيف لي أن أبيع إبهاره الأول ، وجنونه الأول ، ولذته الأولى ، اتقاءً لألم مستقبلي لن يكون إلا بعد أشهر ! لم يكن هذا عادلاً !”
“لم أكن أعلم بأن في الحياة هذا الكم الهائل من الحزن حتى فارقتك”